عدد الرسائل : 430 الموقع : مكان ما تاريخ التسجيل : 20/03/2008
موضوع: أسماء الله الحسنى الثابتة في الكتاب والسنة لفضيلة الدكتور محمود عبد الرازق الرضواني الأحد 23 مارس - 15:19
أسماء الله الحسنى الثابتة في الكتاب والسنة لفضيلة الدكتور محمود عبد الرازق الرضواني
**01** بسم الله الرحمن الرحيم
حياكم الله اخواني في الله حبيت ان اضع بين يديكم كتاب اسماء الله الثابتة في الكتاب والسنة لفضيلة الدكتور محمود عبد الرازق الرضواني ونتصفحه سويا عسى ربنا ان ينفعنا بهذا الكتاب واني اسأل الله عز وجل ان يجعله خالصا لوجهه الكريم وان يتقبل هذا العمل مني ويجزي به الدكتور الرضواني خير الجزاء اللهم امين0 وسوف اقوم بمشيئة الله وعونه نقل الكتاب كما هو في هذه المشاركة بدون اي زيادة مني فيارب اسألك ان تتقبل هذا العمل مني اللهم امين وان تجعله خالصا لوجهك الكريم يا ارحم الراحمين0 مقدمة الكتاب. إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا محمدا عبد الله ورسوله . يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَقال تعالى: وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ يَا أَيُّهَا: [الحشر:18]، وقال اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ يَا [آل عمران:102]، وقال سبحانه: إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً [الأحزاب:70/71]، أما بعد .. وَلِلَّهِفقد أمرنا الله في كتابه أن ندعوه بأسمائه الحسنى فقال: الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ [الأعراف:180] .فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَوقال سبحانه وتعالى: [الإسراء:110]، وفيأَيّاً مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى قال: ( إِنَّ للهِ تِسْعَةًالصحيحين من حديث أبي هريرة t أن رسول الله وَتِسْعِينَ اسْمَا مِائَةً إِلاَّ وَاحِدًا مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ ) ( ) . من المعلوم أن إحصاء الأسماء الحسنى وجمعها من الكتاب والسنة قضية لها من الأهمية والمكانة في قلوب المسلمين ما تتطلع إليه نفوس الموحدين وتتعلق بها ألسنة الذاكرين ويرتقي الطالبون من خلالها مدارج السالكين، قال ابن القيم: ( فالعلم بأسمائه وإحصاؤها أصل لسائر العلوم، فمن أحصى أسماءه كما ينبغي أحصى جميع العلوم، إذ إحصاء أسمائه أصل لإحصاء كل معلوم؛ لأن المعلومات هي من مقتضاها ومرتبطة بها ) ( ) . ويذكر ابن القيم أن مراتب إحصاء الأسماء الحسنى التي من أحصاها دخل الجنة ـ وهذا هو قطب السعادة ومدار النجاة والفلاح ـ ثلاث مراتب: المرتبة الأولى إحصاء ألفاظها وعددها، المرتبة الثانية فهم معانيها ومدلولها، المرتبة الثالثة دعاؤه بها، وهو مرتبتان إحداهما دعاء ثناء وعبادة، والثانية دعاء طلب ومسألة، فلا يثنى عليه إلا بأسمائه الحسنى وصفاته العلى، وكذلك لا يسأل إلا بها لكن السؤال الذي يطرح نفسه على عامة المسلمين وخاصتهم، ما هي الأسماء بها؟! إن المتفق علي ثبوته وصحته عن رسول الله الحسنى التي ندعو الله هو الإشارة إلى العدد تسعة وتسعين في الحديث السابق الذي ورد في الصحيحين تعيين الأسماء الحسنى أو سردها فيعن أبي هريرة t، لكن لم يثبت عن النبي نص واحد، وهذا أمر لا يخفى على العلماء الراسخين قديما وحديثا والمحدِّثين منهم خصوصا، إذاً كيف ظهرت الأسماء التي يحفظها الناس منذ أكثر من ألف عام؟ ! في نهاية القرن الثاني ومطلع القرن الثالث الهجري حاول ثلاثة من رواة الحديث جمعها باجتهادهم؛ إما استنباطا من القرآن والسنة أو نقلا عن اجتهاد الآخرين في زمانهم، الأول منهم ـ وهو أشهرهم وأسبقهم ـ الوليد بن مسلم مولى بني أمية (ت:195هـ) وهو عند علماء الجرح والتعديل كثير التدليس والتسوية في الحديث ( )، والثاني هو عبد الملك بن محمد الصنعاني، وهو عندهم ممن لا يجوز الاحتجاج بروايته لأنه ينفرد بالموضوعات ( )، أما الثالث فهو عبد العزيز بن الحصين وهو ممن لا يجوز الاحتجاج به بحال من الأحوال لأنه ضعيف متروك ذاهب الحديث كما قال الإمام مسلم ( ) . هؤلاء الثلاثة اجتهدوا فجمع كل منهم قرابة التسعة والتسعين اسما ثم فسر إلى هذا العدد، غير أن مابها حديث أبي هريرة t الذي أشار فيه النبي جمعه الوليد بن مسلم هو الذي اشتهر بين الناس منذ أكثر من ألف عام، فقد جمع ثمانية وتسعين اسما بالإضافة إلى لفظ الجلالة وهي: الرَّحمنُ الرَّحيمُ المَلِك القُدُّوسُ السَّلاَمُ المُؤْمِنُ المُهَيمِنُ العَزِيزُ الجَبَّارُ المُتَكَبِّر الخَالِقُ البَارِئ المُصَوِّرُ الغَفَّارُ القَهَّارُ الوَهَّابُ الرَّزَّاقُ الفتَّاحُ العَلِيمُ القَابِضُ البَاسِطُ الخافضُ الرَّافِعُ المعزُّ المذِل السَّمِيعُ البَصِيرُ الحَكَمُ العَدْلُ اللّطِيفُ الخَبِيرُ الحَلِيمُ العَظِيمُ الغَفُورُ الشَّكُورُ العَلِيُّ الكَبِيرُ الحَفِيظُ المُقِيتُ الحَسِيبُ الجَلِيلُ الكَرِيمُ الرَّقِيبُ المُجِيبُ الْوَاسِعُ الحَكِيمُ الوَدُودُ المَجِيدُ البَاعِثُ الشَّهِيدُ الحَق الوَكِيلُ القَوِيُّ المَتِينُ الوَلِيُّ الحَمِيدُ المُحْصِي المُبْدِيءُ المُعِيدُ المُحْيِي المُمِيتُ الحَيُّ القَيُّومُ الوَاجِدُ المَاجِدُ الوَاحِدُ الصَّمَدُ القَادِرُ المُقْتَدِرُ المُقَدِّمُ المُؤَخِّرُ الأوَّلُ الآخِرُ الظَّاهِرُ البَاطِنُ الوَالِي المُتَعَالِي البَرُّ التَّوَّابُ المنتَقِمُ العَفُوُّ الرَّءُوف مَالِكُ المُلْكِ ذُو الجَلاَلِ وَالإكْرَامِ المُقْسِط الجَامِعُ الغَنِيُّ المُغْنِي المَانِعُ الضَّارُّ النَّافِعُ النُّورُ الهَادِي البَدِيعُ البَاقِي الوَارِثُ الرَّشِيدُ الصَّبُور ( ) . ...يتبع/....
عدل سابقا من قبل ABOUHAYDER في الأحد 23 مارس - 16:22 عدل 1 مرات
ABOUHAYDER
عدد الرسائل : 430 الموقع : مكان ما تاريخ التسجيل : 20/03/2008
موضوع: رد: أسماء الله الحسنى الثابتة في الكتاب والسنة لفضيلة الدكتور محمود عبد الرازق الرضواني الأحد 23 مارس - 15:23
**02** ولننظر كيف اشتهرت تلك الأسماء التي اجتهد الوليد بن مسلم في جمعها؟! كان الوليد كثيرا ما يحدث الناس بحديث أبي هريرة t المتفق عليه - والذي يشير إجمالا إلى إحصاء تسعة وتسعين اسما – ثم يتبعه في أغلب الأحيان بذكر هذه الأسماء التي توصل إليها كتفسير شخصي منه للحديث، وقد نُقِلت عنه مدرجة مع وألحقت أو بمعنى آخر ألصقت بالحديث النبوي الذي رواهكلام النبي فحفظوها وانتشرتالترمذي، وظن أغلب الناس بعد ذلك أنها نص من كلام النبي بين العامة والخاصة حتى الآن، ومع أن الإمام الترمذي لما دون هذه الأسماء في سننه مدرجة مع الحديث النبوي نبه على غرابتها، وهو يقصد بغرابتها ضعفها وانعدام ثبوتها مع الحديث كما ذكر الشيخ الألباني رحمه الله. بل من الأمور العجيبة التي لا يعرفها الكثيرون أن الأسماء التي كان الوليد بن مسلم يذكرها للناس لم تكن واحدة في كل مرة، ولم تكن متطابقة قط، بل يتنوع اجتهاده عند الإلقاء فيذكر لتلاميذه أسماء أخرى مختلفة عما ذكره في اللقاء السابق، فالأسماء التي رواها عنه الطبراني وضع فيها القائم الدائم بدلا من القابض الباسط اللذين وردا في رواية الترمذي المشهورة، واستبدل الرشيد بالشديد والأعلى والمحيط والمالك بدلا من الودود والمجيد والحكيم، والأسماء التي رواها عنه ابن حبان وضع فيها الرافع بدلا من المانع في رواية الترمذي، وما رواه عنه ابن خزيمة في صحيحه وضع فيها الحاكم بدلا من الحكيم والقريب بدلا من الرقيب، والمولى بدلا من الوالي والأحد مكان المغني، ورويت عنه أيضا بعض الروايات اختلفت عن رواية الترمذي في ثلاثة وعشرين اسما ( )، والعجيب أن الأسماء المدرجة في رواية الترمذي هي المشهورة المعروفة حتى عصرنا . وإنماوالقصد أن هذه الأسماء التي يحفظها الناس ليست نصا من كلام النبي : ( إِنَّهي ملحقة أو ملصقة أو كما قال المحدثون مدرجة مع قول النبي للهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْمَا مِائَةً إِلاَّ وَاحِدًا ) ( )، وهذا أمر قد يكون غريبا على عامة الناس لكنه لا يخفى على أهل العلم والمعرفة ، قال الأمير الصنعاني: ( اتفق الحفاظ من أئمة الحديث أن سردهابحديثه إدراج من بعض الرواة ) ( )، وقال ابن حجر: ( والتحقيق أن سردها من إدراج الرواة ) ( )، وقال ابن تيمية عن رواية الترمذي وابن ماجه: ( وقد اتفق أهل ، وإنما كلالمعرفة بالحديث على أن هاتين الروايتين ليستا من كلام النبي منهما من كلام بعض السلف ) ( )، وقال أيضا: ( لم يرد في تعيينها حديث صحيح وأشهر ما عند الناس فيها حديث الترمذي الذي رواه الوليد بنعن النبي مسلم عن شعيب عن أبي حمزة، وحفاظ أهل الحديث يقولون: هذه الزيادة مما جمعه الوليد بن مسلم عن شيوخه من أهل الحديث، وفيها حديث ثان أضعف من هذا رواه ابن ماجه، وقد روي في عددها غير هذين النوعين من جمع بعض السلف ) ( ) . وقد ذكر أيضا أنه إذا قيل بتعيينها على ما في حديث الترمذي مثلا ففي الكتاب والسنة أسماء ليست في ذلك الحديث، مثل اسم الرب فإنه ليس في حديث الترمذي وأكثر الدعاء المشروع إنما هو بهذا الاسم، وكذلك اسم المنان والوتر والطيب والسبوح والشافي كلها ثابتة في نصوص صحيحة، وتتبع هذا الأمر يطول ( ) . ولما كان هذا هو حال الأسماء الحسنى التي حفظها الناس لأكثر من ألف عام والتي أنشدها كل منشد، وكتبت على الحوائط في كل مسجد؛ فلا بد من دراسة علمية استقصائية تنبه الملايين من المسلمين على ما ثبت فيها من الأسماء وما لم يثبت، ثم تعريفهم بالأسماء الحسنى الصحيحة الثابتة في الكتاب والسنة وكيف يمكن أن نتعرف عليها بسهولة؟ لأن علماء الأمة اتفقوا على اختلاف مذاهبهم على أنه يجب الوقوف على ما جاء في الكتاب والسنة بذكر نصا دون زيادة أو نقصان، وأن أسماء الله الحسنى توقيفية علىأسماء الله النص لا مجال فيها، وأن العقل لا يمكنه بمفرده أن يتعرف على أسماء الله من صفات الكمالالتي تليق بجلاله؛ ولا يمكنه أيضا إدراك ما يستحقه الرب والجمال فتسمية رب العزة والجلال بما لم يسم به نفسه قول على الله بلا علم قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ في كتابه: وهو أمر حرمه الله على عباده كما قال رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ [الأعراف:33]، وقال: تَعْلَمُونَ عِلمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالبَصَرَ وَالفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ [الإسراء:36] .عَنْهُ مَسْئُولا وقد اشتهرت في ذلك مناظرة بين الإمام أبي الحسن الأشعري وشيخه أبي على الجبائي عندما دخل عليهما رجل يسأل: هل يجوز أن يسمى الله تعالى عاقلا؟ فقال أبو علي الجبائي: لا يجوز؛ لأن العقل مشتق من العقال وهو المانع، والمنع في حق الله محال فامتنع الإطلاق، فقال له أبو الحسن الأشعري: فعلى قياسك لا يسمى الله سبحانه حكيما؛ لأن هذا الاسم مشتق من حكمة اللجام وهي الحديدة المانعة للدابة عن الخروج، ويشهد لذلك قول حسان بن ثابت t: فنحكم بالقوافي من هجانا : ونضربُ حين تختلط الدماء . ...يتبع/.....
ABOUHAYDER
عدد الرسائل : 430 الموقع : مكان ما تاريخ التسجيل : 20/03/2008
موضوع: رد: أسماء الله الحسنى الثابتة في الكتاب والسنة لفضيلة الدكتور محمود عبد الرازق الرضواني الأحد 23 مارس - 15:26
**03**
وقول الآخر: أبني حنيفة حكموا سفهاءكم : إني أخاف عليكمُ أن أغضبا . والمعنى نمنع بالقوافي من هجانا، وامنعوا سفهاءكم؛ فإذا كان اللفظ مشتقا من المنع والمنع على الله محال لزمك أن تمنع إطلاق حكيم على الله تعالى، فلم يجب الجبائي إلا أنه قال لأبي الحسن لأشعري: فلم منعت أنت أن يسمى الله عاقلا وأجزت أن يسمى حكيما؟ قال الأشعري: لأن طريقي في مأخذ أسماء الإذن الشرعي دون القياس اللغوي؛ فأطلقت حكيما لأن الشرع أطلقهالله ومنعت عاقلا لأن الشرع منعه ولو أطلقه الشرع لأطلقته ( ) . قال ابن حزم الأندلسي: ( لا يجوز أن يسمى الله تعالى ولا أن يخبر عنه إلا أو صحبما سمى به نفسه أو أخبر به عن نفسه في كتابه أو على لسان رسوله به إجماع جميع أهل الإسلام المتيقن ولا مزيد، وحتى وإن كان المعنى صحيحا بنى السماءفلا يجوز أن يطلق عليه تعالى اللفظ، وقد علمنا يقينا أن الله [الذاريات:47]، ولا يجوز أن يسمى وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا فقال: صِبْغَةَبناء، وأنه تعالى خلق أصباغ النبات والحيوان وأنه تعالى قال: [البقرة:138]، ولا يجوز أناللهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللهِ صِبْغَةً يسمى صباغا، وأنه تعالى سقانا الغيث ومياه الأرض ولا يسمى سقاء ولا ساقيا وهكذا كل شيء لم يسم به نفسه ) ( ) . وقال النووي: ( أسماء الله توقيفية لا تطلق عليه إلا بدليل صحيح ) ( )، واحتج الإمام الغزالي على أن الأسماء توقيفية بالاتفاق على أنه لا يجوز باسم لم يسمه به أبوه ولا سمى به نفسه وكذا كللنا أن نسمي رسول الله كبير من الخلق، قال: فإذا امتنع ذلك في حق المخلوقين فامتناعه في حق الله أولى ( )، وقال أبو القاسم عبد الكريم القشيري: ( الأسماء تؤخذ توقيفا من الكتاب والسنة والإجماع، فكل اسم ورد فيها وجب إطلاقه في وصفه وما لم يرد لم يجز ولو صح معناه ) ( ) . وقال ابن الوزير المرتضى: ( فأسماء الله وصفاته توقيفية شرعية، وهو أعز من أن يطلق عليه عبيده الجهلة ما رأوا من ذلك، فلا يجوز تسميته رب الكلاب والخنازير ونحو ذلك من غير إذن شرعي، وإنما يسمى بما سمى به نفسه ) ( ) . على تسعة وتسعين اسماوقال عبد الرءوف المناوي في بيان علة تأكيد النبي بقوله مائة إلا واحدا: ( ولما كانت معرفة أسمائه توقيفية لا يعلم إلا من طريق الوحي والسنة ولم يكن لنا التصرف فيها بما لم يهتد إليه مبلغ علمنا ومنتهى عقولنا، وقد نهينا عن إطلاق ما لم يرد به توقيف، وكان الاحتمال في رسم الخط واقعا باشتباه تسعة وتسعين في زلة الكاتب وهفوة القلم بسبعة حسماوتسعين أو تسعة وسبعين؛ فينشأ الاختلاف في المسموع من المسطور أكده للمادة وإرشادا للاحتياط بقوله مائة إلا واحدا ) ( ) . وقال الزركشي: ( اعلم أن أسماء الله تعالى توقيفية لا تؤخذ قياسا واعتبارا من جهة العقول، وقد زل في هذا الباب طوائف من الناس ) ( )، وقال السفاريني: ( أسماؤه ثابتة عظيمة لكنها في الحق توقيفيه لنا بذا أدلة تؤخذ توقيفا ولاوفِيَّه ) ( )، وقال جمال الدين الغزنوي: ( وأسماء الله يجوز أخذها قياسا ) ( )، وقال عضد الدين الإيجي: ( تسميته تعالى بالأسماء توقيفية، أي يتوقف إطلاقها على الإذن فيه وذلك للاحتياط احترازا عما يوهم باطلا لعظم الخطر في ذلك ) ( ) . والأقوال في ذلك كثيرة يعز إحصاؤها وكلها تدل على أن عقيدة أهل السنة والجماعة مبنية على أن الأسماء الحسنى توقيفية، وأنه لا بد في كل اسم من دليل نصي صحيح يُذكر فيه الاسم بلفظه، فدورنا حيال الأسماء الجمع والإحصاء ثم الحفظ والدعاء، وليس الاشتقاق والإنشاء، والذين قالوا بأن الأسماء الحسنى مشتقة من الصفات إنما يقصدون أنها تدل على الصفات والأفعال، وأنها تلاقي مصادرها اللغوية في اللفظ والمعنى من حيث الاشتقاق، وأن الاسم في اللغة يشتق من الوصف والفعل أو العكس، لكن لا يحق لأحد أن يشتق هو بنفسه ؛ فلا نسمي الله إلامن الفعل الذي يراه أو الوصف الذي يختاره اسما لله .بما سمى به نفسه في كتابه أو في سنة رسوله والسؤال الذي يطرح نفسه بالضرورة كتعقيب على ذلك كيف نميز إذا الأسماء الحسنى التي ندعو الله بها؟ أو كيف يمكن للمسلم أن يتعرف عليها من الكتاب والسنة؟ قال ابن الوزير اليماني: ( تمييز التسعة والتسعين يحتاج إلى نص متفق على صحته أو توفيق رباني، وقد عدم النص المتفق على صحته في تعيينها، فينبغي في تعيين ما تعين منها الرجوع إلى ما ورد في كتاب الله بنصه، أو ما ورد في المتفق على صحته من الحديث ) ( ) . والرجوع إلى ما أشار إليه ابن الوزير مسألة أكبر من طاقة فرد وأوسع من دائرة مجد لأن الشرط الأول والأساسي في إحصاء الأسماء الحسنى هو فحص جميع النصوص القرآنية وجميع ما ورد في السنة النبوية مما وصل إلينا في المكتبة الإسلامية، وهذا الأمر يتطلب استقصاء شاملا لكل اسم ورد في القرآن، وكذلك كل نص ثبت في السنة، ويلزم من هذا بالضرورة فرز عشرات الآلاف من الأحاديث النبوية وقراءتها كلمة كلمة للوصول إلى اسم واحد، وهذا في العادة خارج عن قدرة البشر المحدودة وأيامهم المعدودة؛ ولذلك لم يقم أحد من أهل العلم سلفا وخلفا بتتبع الأسماء حصرا منذ أكثر من ألف عام، وإنما كان كل منهم يجمع ما استطاع باجتهاده أو ما تيسر له من جمع غيره واجتهاده، وكان أغلبهم يكتفي برواية الترمذي أو ما رآه صوابا عند ابن ماجة والحاكم فيقوم بشرحه وتفسيره مع التنبيه على أن الأسماء الحسنى توقيفية على النص، كما فعل الإمام الزجاج والخطابي والبيهقي والقشيري والغزالي والرازي والقرطبي وغيرهم من القدامى والمعاصرين، وقد كان شيخ الإسلام ابن تيمية يشير إلى صعوبة تتبع الأسماء الحسنى الثابتة في الكتاب والسنة ويقول: ( وتتبع هذا الأمر يطول ) ( ) . لما يسر الأسباب في هذا العصر أصبح من الممكن إنجاز مثل هذالكن الله البحث في وقت قصير نسبيا، وذلك باستخدام الكمبيوتر والموسوعات الالكترونية التي قامت على خدمة القرآن وحوت آلاف الكتب العلمية، واشتملت على المراجع الأصلية للسنة النبوية وكتب التفسير والفقه والعقائد والتاريخ والأدب والنحو وغيرها الكثير والكثير . ولم تكن هذه التقنية قد ظهرت منذ عشر سنوات تقريبا، أو بصورة أدق لم يكن ما صدر منها كافيا لإنجاز مثل هذا البحث، ولما عايشت الحاسوب منذ أول ظهوره وظهور الموسوعات التراثية الالكترونية حتى جمعت بين يدي تباعا أكثر من خمس وثلاثين موسوعة الكترونية تراثية دفعني ذلك ومنذ عامين تقريبا إلى أن أقدم على هذا الموضوع مستعينا بالله أولا ثم بما سخره من التقنية الحديثة وقدرة الحاسوب على قراءة آلاف المراجع الأصلية من تلك الموسوعات في ثوان معدودات؛ فالرغبة في إتمام البحث مهما كانت النتائج أمر ملح وضرورة يصعب دفعها عن النفس . وكثيرا ما يشعر أي متخصص أو داعية بالحيرة والاضطراب عندما يسأل عن تحرير المسألة في أحد الأسماء المشهورة كالمعز والمذل والمبديء والمعيد والخافض والضار والنافع والعدل والمانع والواجد والماجد والباقي والمميت والباعث والمحصي والرشيد والجليل، وغير ذلك مما اشتهر على ألسنة العامة والخاصة؟ . وسبب الحيرة أن تلك الأسماء وردت مدرجة مع رواية الوليد بن مسلم التي ،رواها الترمذي في سننه، فلا يمكن القول أو الجزم يأنها من كلام النبي ومع ذلك تجدها وقد شرحها أو ذكرها أعلام كبار من السلف والخلف في كتبهم، هذا من جهة، ومن جهة أخرى نجد أن أهل العلم قد اتفقوا على أن الأسماء إلا بدليل، كما أنالحسنى توقيفية على النص وأنه لا يجوز تسمية الله الجزم بأنه قد ورد النص أو لم يرد في الكتاب والسنة بذكر كل اسم من هذه الأسماء مسألة يصعب تتبعها وإحصاؤها كما سبق وأشرنا، ومن ثم تحدث الحيرة والاضطراب عند مواجه السؤال عن الموقف الصحيح من تلك الأسماء . وقد كانت الإجابة في الغالب وحالي حال الكثيرين في إجاباتهم الاعتماد إجمالا على ذكر منهج أهل السنة والجماعة في موضوع الأسماء الحسنى، أو ما تيسر من اجتهاد جزئي لمن سبق من العلماء في رد اسم أو إثباته، أو الاكتفاء بما ورد من الأسماء في الروايات المدرجة مع التنبيه على أن سرد الأسماء ولكنه اجتهاد شخصي من قبل الرواة، كما أنهافيها ليس من كلام النبي روايات مختلفة ومضطربة . لكن بعد استخدام البحث الحاسوبي واستقصاء أدلة الكتاب والسنة تبين أن هذه لم يسم نفسه بها، وكذلكالأسماء جميعها ليست من الأسماء الحسنى لأن الله لم ترد في صحيح السنة، فالمعز المذل اسمان لهما شهرة واسعة، وهما وإن كان في القرآن أو السنة، وإنما سماهمعناهما صحيحا لكنهما لم يردا اسمين لله بهما الوليد بن مسلم ضمن ما أدرجه باجتهاده في الحديث الذي رواه عنه الترمذي، وكذلك عبد الملك الصنعاني ضمن ما أدرجه في رواية ابن ماجة، حيث قُلِ اللهُمَّاشتق كل منهما هذين الاسمين من فعلين وردا في قوله تعالى: مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ [آل عمران:26] .الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ...يتبع/...
ABOUHAYDER
عدد الرسائل : 430 الموقع : مكان ما تاريخ التسجيل : 20/03/2008
موضوع: رد: أسماء الله الحسنى الثابتة في الكتاب والسنة لفضيلة الدكتور محمود عبد الرازق الرضواني الأحد 23 مارس - 15:28
**04**
أخبر في الآية أنه يؤتي ويشاء وينزع ويعز ويذل، ولم يذكر في الآيةوالله المعزبعد مالك الملك واسمه القدير سوى صفات الأفعال، فالذين سموا الله المذل اشتقوا له اسمين من فعلين، وتركوا على قياسهم ثلاثة أسماء أخرى، بالمشيء والمؤتي والمنزع طالما أن المرجعية في علميةفيلزمهم تسمية الله الاسم إلى القياس والرأي والاشتقاق دون التتبع والجمع والإحصاء . وكذلك المبدِيء المعِيد اسمان لا دليل على ثبوتهما، ولم يردا في كتاب الله ، ولكن وردا فعلين في مواضع كثيرة، كقوله اسمين لله أو في سنة رسوله قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَبْدأُ الْخَلْقَ ثُمَّتعالى: يُعِيدُهُ قُلِ اللَّهُ يَبْدأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ فَأَنَّى إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ [يونس:34]، وقوله: تُؤْفَكُونَ [البروج:13]، فاستند من سمى الله بهذين الاسمين إلى مجرد اجتهاده في الاشتقاق من الفعلين فقط، وهذا ليس من حق أحد إلا ما ورد النص بذكر الاسم . وتسمية الله بالخافض يلزمها الدليل أيضا؛ فالاسم لم يرد في القرآن أو السنة وإنما ورد الفعل يخفض عند مسلم من حديث أبي موسى الأشعري t أن النبي قال: ( إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَل لاَ يَنَامُ وَلاَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَنَامَ يَخْفِضُ الْقِسْطَ وَيَرْفَعُهُ ) ( )، ولا يجوز لنا أن نشتق لله من كل فعل اسما ولم يخولنا الله في ذلك قط، وإنما أمرنا سبحانه بإحصاء أسمائه وجمعها من الكتاب والسنة ثم دعاؤه بها، فدورنا حيال الأسماء الحسنى الإحصاء والدعاء وليس الاشتقاق والإنشاء . بالمعز المذل المبديء المعيد الخافض وأجازولو أصر أحد على تسمية الله أَأَنْتُمْلنفسه ذلك فيلزمه قياسا تسميته البناء لأنه بنى السماء فقال: [النازعات:27]، والساقي لأنهأَشَدُّ خَلْقاً أَمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَاباًسقى أهل الجنة شرابا طهورا فقال: دَمَّرَ [الإنسان:21]، والمدمر لأنه دمر على الكافرين فقال: طَهُوراً [محمد:10]، والطامساللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلِلْكَافِرِينَ أَمْثَالُهَا وَلَوْ نَشَاءُ لَطَمَسْنَا عَلَىلأنه طمس على أعينهم فقال: [يس:66]،أَعْيُنِهِمْ فَاسْتَبَقُوا الصِّرَاطَ فَأَنَّى يُبْصِرُونَ وَلَوْ نَشَاءُ لَمَسَخْنَاهُمْوالماسخ لأنه مسخهم على مكانتهم فقال: [يس:67]، والمقطع لأنه قطع اليهود أمما فقال: عَلَى مَكَانَتِهِمْ [الأعراف:168]، والمفجر لأنهوَقَطَّعْنَاهُمْ فِي الْأَرْضِ أُمَماً وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُوناً سبحانه فجر الأرض عيونا فقال: على ذات ألواح ودسر فقال تعالى:[القمر:12]، والحامل لأنه حمل نبيه نوحا [القمر:13]، وغير ذلك وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ .من آلاف الأفعال في الكتاب والسنة والتي سيقلبها دون حق إلى أسماء لله وَللهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا قال: كما أن الله فَلَهُ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى [الأعراف:180]، وقال سبحانه: [الإسراء:110]، ولم يقل: ولله الأوصاف الحسنى أو فله الأفعال الحسنى، وشتان بين الأسماء والأوصاف؛ نقول العليم متصف بالعلم والقدير متصف بالقدرة، والعزيز متصف بالعزة، والرحمن متصف بالرحمة، والخبير متصف بالخبرة ونحن دورنا إحصاء الأسماء وليس الأوصاف، فالأوصاف تتبع الموصوف وتقوم به ولا تقوم بنفسها وكذلك الفعل يقوم بفاعله، إذ لا يصح أن نقول: الرحمة استوت على العرش، أو العزة أجرت الشمس، أو العلم والحكمة والخبرة ما غاب من الأسرار، أو يرحم ويعز ويعلمأنزلت الكتاب وأظهرت على النبي فعل كذا وكذا، فهذه كلها أوصاف وأفعال لا تقوم بنفسها بخلاف الأسماء الحسنى الدالة على المسمى الذي اتصف بها كالرحمن والرحيم والعزيز والعليم والخبير والحكيم . بالجليل حيث لا يوجد دليل في الكتاب أو صحيحوعلى ذلك لا يصح تسمية الله وَيَبْقَىالسنة ورد فيه الاسم بنصه، ولكن ورد الوصف في قول الله تعالى: [الرحمن:27]، وفرق كبير بينوَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ وصف نفسه بالقوة فقال: الاسم والوصف؛ فالله وَهُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ [الذاريات:58]، وسمى نفسه القوي فقال: وَرَبُّكَ الْغَنِيُّ ذُو[الشورى:19]، ووصف نفسه بالرحمة فقال: : [الأنعام:133]، وسمى نفسه الرحمن الرحيم في قوله الرَّحْمَة [فصلت:2]، ولما كانت أسماء اللهتَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ إلا بما سمى به نفسه في الكتاب والسنة، فإن اللهتوقيفية ولا نسمي الله [الرحمن:27]، ذُو الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ وصف نفسه بالجلال فقال: ولم يسم نفسه الجليل إذا لم يرد فيه دليل كما سبق . وكذلك اسم الباعث والمحصي لم أجد حجة أو دليلا على إثبات هذين الاسمين والذي ورد في القرآن والسنة في نصوص كثيرة صفات أفعال فقط، كما في قوله يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللهُ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَاتعالى: عَمِلُوا أَحْصَاهُ اللهُ وَنَسُوهُ وَاللهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ [المجادلة:6]، ومن الملاحظ أن الذي اشتق الباعث من قوله يبعثهم، والمحصي من قوله أحصاه الله ترك المنبئ من قوله فينبئهم؛ لأن الآية لم يرد فيها بعد اسم الله الشهيد سوى الأفعال التي اشتق منها فعلين وترك الثالث في حين أن هذه الأسماء جميعها لم ترد نصا صريحا في الكتاب أو في صحيح السنة . بالضار النافع فهذان الاسمان لم يردا في القرآن أو السنةأما تسمية الله وخصوصا الضار لم يرد اسما ولا وصفا ولا فعلا، وليس لمن سمى الله بهما إلا قُلْ لاالاجتهاد الشخصي في الاشتقاق من المعنى الذي ورد في قوله تعالى: أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلا ضَرّاً إِلا مَا شَاءَ اللَّهُ [الأعراف:188]، أو ما ورد عند الترمذي وصححه الشيخ الألباني من حديث ابن قال له: ( وَاعْلَمْ أَنَّ الأُمَّةَ لَوِ اجْتَمَعَتْعباس t أن النبي عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلاَّ بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ لَكَ، وَلَوِ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَضُرُّوكَ إِلاَّ بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيْكَ ) ( )، كيف يعقل تسمية رب العزة والجلال بالضار وليس فيه وصف كمال ولا حجة ؟على ثبوته من كتاب الله أو سنة رسوله وكيف يكون الضار اسما والمفترض أن تكون الأسماء التي نجمعها أو نحصيها كلها حسنى تفيد المدح والثناء على الله بنفسها؟ وكيف يكون الضار من الأسماء المحفوظة المشهورة في حين لا يذكر فيها اسم الله الأعلى ونحن سَبِّحِ على اسميته وعلميته فقال: نذكره في كل سجدة، وقد نص الله [الأعلى:1]؟ فالواجب على كل مسلم أن يقف عنداسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى النص، إن ورد فيه الاسم سمى الله به وإن لم يرد فليس لأحد الحق في تسمية به وإن صح معناه في حق الله، فالعدل مثلا اسم من الأسماء المشتهرةالله ضمن ما أدرجه الوليد بن مسلم باجتهاده في الحديث الذي رواه عنه الترمذي في سننه، لكن ما الدليل عليه؟ وأين النص الذي ذكر فيه؟ لقد تبين بعد البحث الحاسوبي أنه لم يرد في القرآن أو السنة اسما ولا بهذا الاسم سوى الأمر بالعدل في قولهفعلا، ولا دليل لمن سمى الله [النحل:90]، إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ والإحسان تعالى: والمفترض لو قلنا على منهجهم في جواز اشتقاق الاسم من الفعل أن يسمى الله الآمر اشتقاقا من الفعل يأمر وليس العدل . بالمميت هل ورد النص عليه في الكتابولو تساءلنا أيضا عن تسمية الله والسنة؟ تبين بعد البحث الحاسوبي أنه لم يرد، والذي ورد في القرآن في هُوَأربعة عشر موضعا الفعل المضارع يميت كما في قول الله تعالى: [يونس:56]، وورد الفعل الماضييُحْيِي وَيُمِيتُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ وَأَنَّهُ هُوَ أَمَاتَ وَأَحْيَا : أمات في ثلاثة مواضع كقوله [النجم:44]، وهذا لا يكفي وحده في إثبات الاسم؛ فلا يجوز أن نسمي الله ، وسوف يأتي بإذن اللهبما لم يسم به نفسه في كتابه أو في سنة رسوله تفصيل الأدلة حول كل اسم من الأسماء المدرجة في روايات السنة . إن من دوافع البحث الرئيسية أن باب الأسماء الحسنى يفتقر إلى دراسة علمية استقصائية حصرية تشمل كل ما ورد في الأصول القرآنية والنبوية، وكم راودتني نفسي منذ زمن طويل أن أجد جوابا شافيا لنفسي قبل غيري في التعرف على أسماء الله الحسنى التسعة والتسعين التي ورد النص عليها إجمالا والتي ثبتت في الكتاب والسنة، وكنت كلما هممت باستقصاء الموضوع والبحث فيه أجد من الهيبة ما يوهن عزيمتي ويضعف إرادتي لأن الموضوع أكبر من طاقتي وأوسع من دائرتي، وهذا يتطلب كما سبق جهدا يخرج عن قدرة البشر المحدودة وأيامهم المعدودة . الأسباب في هذا العصر وأصبح ذلك أمرا ممكنا بعد أن ظهرتولما يسر الله تقنية البحث الحاسوبية وقدرة الحاسوب على قراء ملايين الصفحات في لحظات معدودات أقدمت على البحث وأنا لا أتوقع ما توصلت إليه من نتائج، ويعلم الله أن الجهد الذي بذلته في هذا البحث وشاركتني فيه زوجتي أم عبد الرزاق من خلال العمل المتواصل لمدة عامين كاملين على ثلاثة حواسب يساوي أضعاف ما بذلته في رسالة الدكتوراه على ضخامة حجمها، لكن النتيجة التي أسفر عنها البحث يتصاغر بجانبها كل جهد، فقد ظهرت مفاجأة لم تكن في الحسبان، تلك المفاجأة تتمثل في أن ما تعرف الله به إلى عباده من أسمائه الحسنى التي تسعة وتسعون اسما وردت بنصها كما أشاروردت في كتابه وفي سنة رسوله إجمالا إلى العدد المذكور في الحديث المتفق عليه، وذلك عندالنبي تمييزها عن الأوصاف، وإخراج ما قيد منها بالإضافة أو بموضع الكمال عند انقسام المعنى المجرد وتطرق الاحتمال، هذا مع تحري ثبوتها بالنص وتتبعها بالدليل كما سيأتي ذكره بالتفصيل والتحليل، فالشروط التي استخرجت من القرآن والسنة أو الضوابط التي انتهجت في إحصاء الأسماء بعد البحث الحاسوبي والاستقصاء لم تنطبق إلا على تسعة وتسعين اسما من جملة ما ورد في القرآن والسنة وما ذكره المتوسعون من العلماء والذي يزيد عن المائتين والثمانين اسما
...يتبع/...
ABOUHAYDER
عدد الرسائل : 430 الموقع : مكان ما تاريخ التسجيل : 20/03/2008
موضوع: رد: أسماء الله الحسنى الثابتة في الكتاب والسنة لفضيلة الدكتور محمود عبد الرازق الرضواني الأحد 23 مارس - 15:32
**05** وليس في الأمر تكلف أو افتعال، أو تعسف أو تحايل على واقع الحال، أو محاولة مني لجعل عدد الأسماء الحسنى محصورا في تسعة وتسعين اسما بصورة أو بأخرى، بل كانت مفاجأة غير متوقعة كما سيري القارئ؛ فالأمر في إحصاء الأسماء أصبح الآن مرهونا بشروط أو قواعد أو ضوابط أو أسس يستطيع من خلالها كل باحث من العامة أو الخاصة مهما كانت درجته العلمية أو حصيلته الثقافية ـ إذا تجرد من النوازع النفسية وغلبة الطبع لما اعتاد عليه من الموروثات الثقافية ـ يستطيع أن يطبقها بدقة على كل نص عند إحصائه للأسماء الحسنى الثابتة في الكتاب والسنة، وسيصل إن شاء الله إلى النتيجة ذاتها التي توصلنا إليها، ومن ثم يتعرف بسهولة ويسر على العدد الذي ذكره النبي في الحديث المتفق عليه، وقد أعيد البحث الحاسوبي مرات ومرات لتأكيد النتيجة سواء من قبلي شخصيا أو من قبل الكثير من الباحثين فكانت النتيجة واحدة . وبهذه الشروط أو تلك القواعد علم أيضا حال كل اسم من الأسماء التي اجتهد الرواة في جمعها ثم أدرجوها أو ألحقوها بحديث أبي هريرة t في كتب السنة، وسوف نفصلها تفصيلا دقيقا فيما سيأتي إن شاء الله، وهذا العدد الذي تظهره : (تقنية الحاسوب في عصرنا يدلل على إعجاز نبوي جديد يحقق قول النبي إِنَّ للهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْمَا مِائَةً إِلاَّ وَاحِدًا مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ ) ( )، ولا تعارض بين ذلك وما جاء في حديث قال في دعاء الكرب: ( أَسْأَلُكَ بِكُلِّعبد الله ابن مسعود t أن النبي اسْمٍ هُوَ لَكَ، سَمَّيتَ بِهِ نَفْسَكَ أَوْ أَنْزَلْتَهُ فِي كِتَابِكَ، أَوْ عَلَّمْتَهُ أَحَداً مِنْ خَلْقِكَ، أَوْ اسْتَأْثَرْتَ بِهِ فِي عِلْمِ الْغَيْبِ عِنْدَكَ ) ( )، لأن هذا الحديث يدل على انفراد الله بعلم العدد الكلى لأسمائه الحسنى، فما استأثر به في علم الغيب عنده لا يمكن لأحد حصره ولا الإحاطة به . منقال الإمام النووي في تعليقه على حديث أبي هريرة t: ( وأما قوله أحصاها دخل الجنة فاختلفوا في المراد بإحصائها، فقال البخاري وغيره من المحققين معناه حفظها، وهذا هو الأظهر لأنه جاء مفسرا في الرواية الأخرى من حفظها، وقيل أحصاها عدها في الدعاء بها، وقيل أطاقها أي أحسن المراعاة لها والمحافظة على ما تقتضيه وصدق بمعانيها ) ( ) . غير أنه من الضروري قبل حفظها أن نتعرف عليها أولا؛ لأن حفظها يعقب استخراجها ولا يمكن حفظها إلا بعد معرفة المواضع التي وردت فيها نصا من الكتاب أو صحيح السنة النبوية، وإن كان لإحصائها بعد معرفتها وجمعها وحفظها مراتب أخرى كشرحها وتفسير معانيها بالقرآن والسنة والمأثور من كلام السلف والخلف، ثم فهم دلالتها على أوصاف الكمال بأنواع الدلالات المختلفة سواء كانت مطابقة أو تضمنا أو التزاما، وبيان المواضع في الكتاب والسنة التي ورد الاسم فيها علما على ذات الله وتلك التي ورد فيها وصفا لله سواء كان وصف ذات أو وصف فعل؟ ثم البحث عن كيفية الدعاء بالأسماء الحسنى فيدعاء مسألة؟ أو كيف يدعو الموحد ربه بأسمائه الحسنى كما أمر الله وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا قوله: [الأعراف:180]؟ وما هو الدعاء القرآني أو الدعاء النبوي الصحيح المأثور في كل اسم من الأسماء بمفرده؟ والأكثر أهمية فيما يتعلق بحياة المسلم البحث عن كيفية الدعاء بالأسماء الحسنى دعاء عبادة؟ أو أثر كل اسم من الأسماء الحسنى على سلوك العبد وتوجيه أقواله وأفعاله إلى توحيد الله؟ ولذلك جاءت خطة البحث في إحصاء الأسماء الحسنى الثابتة في الكتاب والسنة على النحو التالي: المقدمة: واشتملت على أهمية الموضوع وخطة البحث . الباب الأول: تمييز الأسماء الحسنى الثابتة في الكتاب والسنة . وقد اشتمل على المحاور التالية: أسماء الله الكلية وإحصاء الأسماء الحسنى . الجمع بين رواية ابن مسعود ورواية أبي هريرة . ظهور الأسماء الحسنى مرتبط بمقتضى الحكمة الإلهية . رأي ابن القيم في مقتضى الأسماء الحسنى . شروط الإحصاء وجهود المعاصرين في جمع الأسماء . الشرط الأول ثبوت النص في القرآن أو صحيح السنة . الشرط الثاني علمية الاسم واستيفاء العلامات اللغوية . الشرط الثالث إطلاق الاسم دون إضافة أو تقييد . الشرط الرابع دلالة الاسم على الوصف . الشرط الخامس دلالة الوصف على الكمال المطلق . اللؤلؤة الفضلى في نظم أسماء الله الحسنى . الأسماء المدرجة في الروايات وتمييزها بشروط الإحصاء . الباب الثاني: الإيمان بأسماء الله الحسنى الثابتة في الكتاب والسنة . وقد اشتمل على المحاور التالية: منهج السلف في العقيدة وأثره في الإيمان بأسماء الله الحسنى . موقف السلف ممن عطل دلالة الأسماء على الصفات . أزلية الأسماء والصفات الإلهية . القول في مسألة الاسم والمسمى . دلالة الأسماء على العلمية والوصفية . جلال أسماء الله الحسنى . اسم الله الأعظم ودلالته على الصفات . قصص واهية حول الاسم الأعظم . الروايات الثابتة في الاسم الأعظم . دلالة اقتران الأسماء الحسنى على الصفات . هل الأسماء مشتقة من الصفات أم العكس؟ أنواع الدلالات وتعلقها بالأسماء والصفات . موقف المسلم من الأسماء المشهورة التي لم تثبت . الباب الثالث: الدعاء بأسماء الله الحسنى الثابتة في الكتاب والسنة . وقد اشتمل على المحاور التالية: دعاء المسألة والعبادة لغة واصطلاحا . المقصود بدعاء المسألة ودعاء العبادة . دعاء المسألة أعلى أنواع التوسل إلى الله . أنواع دعاء المسألة وتعلقها بالأسماء الحسنى . آداب دعاء الله بأسمائه دعاء مسألة . الشرك في الدعاء والإلحاد في الأسماء . دعاء العبادة ومقتضى الأسماء الحسنى . التفاضل والتكامل بين دعاء المسألة ودعاء العبادة . حكم تسمية العباد بأسماء الله الحسنى . الباب الرابع: مراتب الإحصاء لكل اسم من الأسماء . وقد اشتمل على دراسة موسوعية لكل اسم من الأسماء الحسنى الثابتة في الكتاب والسنة، وقد تضمنت المحاور التالية: أولا: الدليل على ثبوت الاسم وإحصائه . ثانيا: شرح الاسم وتفسير معناه . ثالثا: دلالة الاسم على أوصاف الله . رابعا: الدعاء بالاسم دعاء مسألة . خامسا: الدعاء بالاسم دعاء عبادة . أما الأسماء الحسنى الثابتة في الكتاب والسنة والتي شملتها الدراسة الموسوعية فبيانها على النحو التالي: الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ المَلِكُ القُدُّوسُ السَّلامُ المُؤْمِنُ المُهَيْمِنُ العَزِيزُ الجَبَّارُ المُتَكَبِّرُ الخَالِقُ البَارِئُ المُصَوِّرُ الأَوَّلُ الآخِرُ الظَّاهِرُ البَاطِنُ السَّمِيعُ البَصِيرُ المَوْلَى النَّصِيرُ العَفُوُّ القَدِيرُ اللَّطِيفُ الخَبِيرُ الوِتْرُ الجَمِيلُ الحَيِيُّ السِّتيرُ الكَبِيرُ المُتَعَالُ الوَاحِدُ القَهَّارُ الحَقُّ المُبِينُ القَوِيُّ المَتِينُ الحَيُّ القَيُّومُ العَلِيُّ العَظِيمُ الشَّكُورُ الحَلِيمُ الوَاسِعُ العَلِيمُ التَّوابُ الحَكِيمُ الغَنِيُّ الكَرِيمُ الأَحَدُ الصَّمَدُ القَرِيبُ المُجيبُ الغَفُورُ الوَدودُ الوَلِيُّ الحَميدُ الحَفيظُ المَجيدُ الفَتَّاحُ الشَّهيدُ المُقَدِّمُ المُؤخِّرُ المَلِيكُ المُقْتَدِرْ المُسَعِّرُ القَابِضُ البَاسِطُ الرَّازِقُ القَاهِرُ الديَّانُ الشَّاكِرُ المَنانَّ القَادِرُ الخَلاَّقُ المَالِكُ الرَّزَّاقُ الوَكيلُ الرَّقيبُ المُحْسِنُ الحَسيبُ الشَّافِي الرِّفيقُ المُعْطي المُقيتُ السَّيِّدُ الطَّيِّبُ الحَكَمُ الأَكْرَمُ البَرُّ الغَفَّارُ الرَّءوفُ الوَهَّابُ الجَوَادُ السُّبوحُ الوَارِثُ الرَّبُّ الأعْلى الإِلَهُ، وقد رتبت ترتيبا اجتهاديا حسب اقتران ورودها في النصوص القرآنية والنبوية مع مراعاة تقارب ألفاظها وسهولة حفظها . خاتمة البحث: واشتملت على ما يلي: النتائج المتعلقة بتمييز الأسماء وكيفية التعرف عليها. النتائج المتعلقة بشرح الأسماء وتفسير معانيها . النتائج المتعلقة بدلالة الأسماء على الصفات . النتائج المتعلقة بدعاء المسألة . النتائج المتعلقة بدعاء العبادة . تعقيبات وتعليقات على إحصاء الأسماء الحسنى . أن بأسمائه الحسنى التي جمعتها من كتابه ومن سنة رسوله أسأل الله يعينني على نفسي وأن يغفر لي ذنبي وتقصيري، وما بدر مني من سوء نظري وتدبيري، وأن يرزقني طاعته وتقواه وأن يجعل هذا البحث سببا في عتق رقبتي من النار يوم ألقاه، وأن يغفر لوالديَّ ويجزي زوجتي أم عبد الرزاق خير الجزاء على ما قدمته من جهد كبير وعناء في مساعدتي لإخراج هذا البحث، كما أسأل الله سبحانه وتعالى لكل من نصحني من إخواني وشجعني ووجهني وساعدني وأرشدني وانتقدني للانتباه إلى ما غاب عني، ولكل من نقل البحث أو نشره أو شرحه أو اختصره أو جعله سببا في توجيه المسلمين إلى توحيد رب العالمين أن ينال وننال معه شفاعة خاتم الأنبياء والمرسلين . وكتبه د/محمود عبد الرازق الرضواني السـابع من شعبان سنة 1426هـ الحادي عشر من سبتمبر سنة 2005م هذه هي المقدمة وبعون الله غدا نلتقي مع الباب الاول من الكتاب ولا تنسوني من صالح دعاؤكم ولا تنسوا الدكتور محمود الرضواني حفظه الله لنا من صالح دعائكم وجزاكم الله خيرا
________________________________________ الباب الاول تمييز الأسماء الحسنى الثابتة في الكتاب والسنة أسماء الله الكلية وإحصاء الأسماء الحسنى . الجمع بين رواية ابن مسعود ورواية أبي هريرة . ظهور الأسماء الحسنى مرتبط بمقتضى الحكمة الإلهية . رأي ابن القيم في مقتضى الأسماء الحسنى . شروط الإحصاء وجهود المعاصرين في جمع الأسماء . الشرط الأول ثبوت النص في القرآن أو صحيح السنة . الشرط الثاني علمية الاسم واستيفاء العلامات اللغوية . الشرط الثالث إطلاق الاسم دون إضافة أو تقييد . الشرط الرابع دلالة الاسم على الوصف . الشرط الخامس دلالة الوصف على الكمال المطلق . اللؤلؤة الفضلى في نظم أسماء الله الحسنى . الأسماء المدرجة في الروايات وتمييزها بشروط الإحصاء . ------------------------------------------------------------------------- تمييز الأسماء الحسنى الثابتة في الكتاب والسنة أسماء الله الكلية وإحصاء الأسماء الحسنى: من المسائل الضرورية التي تطرح نفسها عند الحديث عن أسماء الله الحسنى هي التمييز بين معتقد السلف الصالح في عدم حصر أسماء الله الكلية في تسعة وتسعين اسما ومعنى الإحصاء الذي ورد في حديث أبي هريرة t، والذي ورد فيه : ( إِنَّ للهِ تِسْعَةًالنص والتأكيد على ذكر العدد بقول النبي وَتِسْعِينَ اسْمَا مِائَةً إِلاَّ وَاحِدًا مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ ) ( ) . ونظرا لعدم ورود النص على التسعة والتسعين اسما، أو سردها في حديث صحيح جامع، وكذلك صعوبة استخراج هذا العدد من الكتاب والسنة بجهد شخصي أو ضابط إلزامي، إذ لم يسبق أن توصل إليه أحد فيما مضى؛ تصور البعض أن أسماء الله الحسنى التي وردت في الكتاب والسنة تزيد عن هذا العدد بكثير؛ مما أدى إلى تضارب المعاني حول فهم حديث أبي هريرة t، وكيفية تفسيره أو الجمع بينه وبين معتقد السلف في عدم حصر أسماء الله الكلية؟! والسؤال الذي يطرح نفسه على الأذهان ما الحكمة إذا من النص على هذا العدد بالذات؟ وهل من أحصى تسعة وتسعين اسما من جملة أسماء الله الحسنى الواردة في الكتاب والسنة ـ على فرض أنها أكثر من تسعة وتسعين اسما ـ فقد تحقق فيه الوصف بدخول الجنة؟! وإن كان هذا المعنى هو المقصود فما عدد الأسماء الموجودة لدينا بالنص الصريح؟ هل يزيد عن المائتين أو الثلاثمائة أو أكثر أو أقل؟! وما ميزة العدد المذكور بتسعة وتسعين اسما والذي سيحصيه المسلم باختياره هو عن العدد المتبقي؟ وهل قضية إحصاء التسعة والتسعين متروكة لاختيار الشخص أم لحكم الدليل وورود النص؟! أسئلة كثيرة تطرح نفسها على من جعل أسماء الله الحسنى الواردة في الكتاب والسنة أكثر من مائة إلا واحدا، ولذلك صار الناس بين فريقين ووجهة متوسطة: الأول: فريق متوسع في الحصر يجمع باجتهاده ما يشاء من الأسماء، وحجته ما رواه أحمد وصححه الشيخ الألباني من حديث عبد الله بن مسعود t أن النبي قال في دعاء الكرب: ( مَا أَصَابَ أَحَداً قَطُّ هَمٌّ وَلاَ حَزَنٌ فَقَالَ: اللهُمَّ إِنِّي عَبْدُكَ وَابْنُ عَبْدِكَ وَابْنُ أَمَتِكَ، نَاصِيَتِي بِيَدِكَ، مَاضٍ فِيَّ حُكْمُكَ، عَدْلٌ فِيَّ قَضَاؤُكَ، أَسْأَلُكَ بِكُلِّ اسْمٍ هُوَ لَكَ، سَمَّيْتَ بِهِ نَفْسَكَ، أَوْ أَنْزَلْتَهُ فِي كِتَابِكَ، أَوْ عَلمْتَهُ أَحَداً مِنْ خَلْقِكَ، أَوِ اسْتَأْثَرْتَ بِهِ فِي عِلْمِ الْغَيْبِ عِنْدَكَ، أَنْ تَجْعَلَ الْقُرْآنَ رَبِيعَ قَلْبِي، وَنُورَ صَدْرِي وَجَلاَءَ حُزْنِي وَذَهَابَ همِّي إِلاَّ أَذْهَبَ اللَّهُ هَمَّهُ وَحُزْنَهُ وَأَبْدَلَهُ مَكَانَهُ فَرَجاً، فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلاَ نَتَعَلَّمُهَا؟ فَقَالَ: بَلَى يَنْبَغِي لِمَنْ سَمِعَهَا أَنْ يَتَعَلَّمَهَا ) ( )، والشاهد قوله أو استأثرت به في علم الغيب عندك، فدل ذلك على أن أسماء الله غير محصورة في عدد معين، وفي المقابل غضوا الطرف عن العدد تسعة وتسعين المذكور في صريح النص، حيث حمله بعضهم على معنى يتوافق مع وجهتهم
...يتبع/...
ABOUHAYDER
عدد الرسائل : 430 الموقع : مكان ما تاريخ التسجيل : 20/03/2008
موضوع: رد: أسماء الله الحسنى الثابتة في الكتاب والسنة لفضيلة الدكتور محمود عبد الرازق الرضواني الأحد 23 مارس - 15:34
**06**
ومن وأوصافه ما يشاء من الأسماء،ثم أخذ صاحب هذه الوجهة يشتق من أفعال الله فيأو يطلق ما قيده الله في كتابه، أو يَفْصِلُ ما أضافه رسول الله سنته، وقد تتبعت ما ذكره المتوسعون على تنوع اجتهاداتهم واختلاف مقالاتهم فبلغ جمعهم وإحصاؤهم للأسماء على أوسع ما ذكروا قرابة المائتين والتسعين اسما، وهي بعد لفظ الجلالة، وعلى اعتبار الترتيب الحاسوبي الأبجدي الألف بائي المشرقي كما يلي: أحسن الخالقين، أحكم الحاكمين، أرحم الراحمين، الأبد، الأجل، الأحد، الأحكم الآخر، الأسرع، الأعز، الأعظم، الأعلم، الأعلى، الأقرب، الأقوى، الأكبر الأكرم، الإله أليم الأخذ، الأول، البادئ، البار، البارئ، الباسط، الباطن الباعث، الباقي، البالغ البالي، البديع، البر، البرهان، البصير، التام، التواب الجاعل، الجامع، الجبار . الجليل، الجميل، الجواد، الحاسب، الحافظ، الحاكم، الحروف المقطعة، الحسيب الحفي، الحفيظ، الحق، الحكم، الحكيم، الحليم، الحميد، الحنان، الحي، الحيي، الخافض الخالق، الخبير، الخلاق، الخليفة، الدائم، الدافع، الدهر، الديان الذاريء، الرءوف الراتق، الرازق، الراشد، الرافع، الراضي الرب، الرحمن الرحيم، الرزاق، الرشيد، الرفيع الرفيق، الرقيب، الزارع، الساتر، السامع، السبوح، الستار، الستير، السخط السريع، السلام، السميع، السيد، الشافي، الشاكر، الشاهد، الشديد، الشفيع الشكور، الشهيد . الصاحب، الصادق، الصانع، الصبور، الصمد، الضار، الطالب، الطبيب، الطيب الظاهر، العالم، العدل، العزيز، العظيم، العفو، العلام، العلي، العليم، الغافر، الغالب الغفار، الغفور، الغني، الغياث، الغيور، الفاتح، الفاتق، الفاتن، الفارج الهم، الفاطر الفاعل، الفالق، الفتاح، الفرد، الفعال، القائم، القابض القابل التوب، القادر، القاضي القاهر، القدوس، القدير، القريب، القهار القوي، القيام، القيم، القيوم . الكائن، الكاتب، الكاشف، الكافي، الكبير، الكريم، الكفيل، اللطيف، المؤتي، المؤخر المؤمن، الماجد، المالك، المانع، المبارك، المبتلي، المبديء، المبرم، المبغض، المبقي، المبلي المبين، المتعالي، المتكبر، المتم، المتوفي، المتين، المجيب، المجيد، المحب، المحسان، المحسن المحصي، المحي، المحيط، المخرج، المخزي، المدبر، المدمدم، المدمر، المذكور، المذل، المرسل المرشد، المريد، المستجيب، المستعان، المستمع، المسعر المصور . المضل، المطعم، المطهر، المعافي، المعبود، المعذب، المعز، المعطي، المعيد، المعين المغني، المغيث، المفرج، المفضل، المفني، المقتدر، المقدر، المقدم المقسط، المقلب المقيت، الملك، المليك، الممتحن، المميت، المنان، المنتقم المنجي، المنذر، المنزع، المنزل المنشئ، المنعم، المنير، المهلك، المهيمن، الموئل، الموسع، المولى، الناصر، النافع . النذير، النصير، النور، الهادي، الهوي، الواجد، الوهاب، آمين، أهل التقوى أهل المغفرة، خير الحافظين، خير الحاكمين، خير الراحمين، خير الرازقين، خير الفاتحين خير الفاصلين، خير الماكرين، خير المنذرين، خير الناصرين، خير الوارثين، خير الغافرين ذو الانتقام، ذو الجبروت، ذو الجلال والإكرام، ذو الرحمة، ذو الطول، ذو العرش، ذو الفضل، ذو القوة، ذو المعارج، ذو الإحسان، ذو الملكوت، رمضان، سريع الحساب سريع العقاب، شديد العقاب، عدو الكافرين، فالق الإصباح، فالق الحب والنوى، مالك الملك، مثبت القلوب، مخرج الحي من الميت، مخرج الميت من الحي، مصرف القلوب نعم القاهر، نعم الماهد، نعم المجيب، نعم المولى، واسع المغفرة . الفريق الثاني: له وجهة أخرى تولاها ابن حزم الأندلسي، حيث جزم بأن أسماء الله الكلية محصورة في تسعة وتسعين اسما فقط وهي الواردة في الكتاب والسنة، ثم فسر بذلك حديث أبي هريرة t، وفي المقابل غض الطرف عن حديث ابن مسعود t في دعاء الكرب، ولما لزم ابن حزم استخراج التسعة والتسعين لم يتمكن إلا من جمع أربعة وثمانين اسما من الكتاب والسنة، قال رحمه الله: ( فصح أنه لا يحل لأحد أن يسمي الله تعالى إلا بما سمى به نفسه، وصح أن أسماءه لا تزيد على تسعة وتسعين شيئا لقوله عليه السلام: مائة إلا واحدا؛ فنفى الزيادة وأبطلها لكن يخبر عنه بما يفعل تعالى، وجاءت أحاديث في إحصاء التسعة والتسعين اسما مضطربة لا يصح منها شيء أصلا، فإنما تؤخذ من نص القرآن ومما صح عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وقد بلغ إحصاؤنا منها إلى ما نذكر ) ( )، ثم ذكر رحمه الله أربعة وثمانين اسما استخرجها من القرآن والسنة ( ) . أما الفريق الثالث: فهو فريق وسط تولى وجهته ابن تيمية وتلميذه ابن القيم ومن انتهج نهجهما من أصحاب الطريقة السلفية أو من المتكلمين الأشعرية ؛ فلم يقل بقول ابن حزم، ولم يتوسع في الاشتقاق كما فعل الفريق الأول؛ بل اتفقوا جميعا على أن الأسماء الحسنى توقيفية على النص، لكن أحدا منهم لم يستطع جمعها بتمامها أو حصرها من الكتاب والسنة، وبقي الباحث مترددا في فهم إجاباتهم عن كون أسماء الله الحسنى الواردة في الكتاب والسنة تتجاوز أو لا تتجاوز تسعة وتسعين اسما؛ فيراهم يأخذون بالروايتين الثابتتين معا، رواية أبي هريرة t ورواية عبد الله بن مسعود t . سئل ابن تيمية عمن قال لا يجوز الدعاء إلا بالتسعة والتسعين اسما ولا يقول يا حنان يا منان، ولا يقول يا دليل الحائرين، فهل له أن يقول ذلك؟ فأجاب بأن هذا القول وإن كان قد قاله طائفة من المتأخرين كأبي محمد بن حزم وغيره، فإن جمهور العلماء على خلافه، وعلى ذلك مضى سلف الأمة وأئمتها، وهو الصواب لوجوه: أحدها: أن التسعة والتسعين اسما لم يرد في تعيينها حديث صحيح عن النبي وأشهر ما عند الناس فيها حديث الترمذي الذي رواه الوليد بن مسلم عن شعيب عن أبي حمزة، وحفاظ أهل الحديث يقولون هذه الزيادة مما جمعه الوليد بن مسلم عن شيوخه من أهل الحديث، وفيها حديث ثان أضعف من هذا رواه ابن ماجه وقد روى في عددها غير هذين النوعين من جمع بعض السلف، وهذا القائل الذي حصر أسماء الله في تسعة وتسعين لم يمكنه استخراجها من القرآن، وإذا لم يقم على تعيينها دليل يجب القول به لم يمكن أن يقال هي التي يجوز الدعاء بها دون غيرها، لأنه لا سبيل إلى تمييز المأمور من المحظور؛ فكل اسم يجهل حاله يمكن أن يكون من المأمور ويمكن أن يكون من المحظور، وإن قيل لا تدعوا إلا باسم له ذكر في الكتاب والسنة قيل هذا أكثر من تسعة وتسعين . الثاني: أنه إذا قيل بتعيينها على ما في حديث الترمذي مثلا ففي الكتاب والسنة أسماء ليست في ذلك الحديث مثل الرب فإنه ليس في حديث الترمذي وأكثر الدعاء المشروع إنما هو بهذا الاسم .. وكذلك اسم المنان في الحديث الذي لقد دعا الله باسمه الأعظم الذي إذا دعي به أجاب وإذا سئلقال فيه النبي به أعطى، وهذا رد لقول من زعم أنه لا يمكن في أسمائه المنان .. وغير ذلك مما ثبت في الكتاب والسنة وثبت الدعاء بها بإجماع المسلمين، وليس من هذه التسعة والتسعين .. وتتبع هذا يطول . أنهالثالث: ما احتج به الخطابي وغيره وهو حديث ابن مسعود t عن النبي قال: ما أصاب عبدا قط .. قال الخطابي فهذا يدل على أن له أسماء استأثر بها ( )
...يتبع/....
ABOUHAYDER
عدد الرسائل : 430 الموقع : مكان ما تاريخ التسجيل : 20/03/2008
موضوع: رد: أسماء الله الحسنى الثابتة في الكتاب والسنة لفضيلة الدكتور محمود عبد الرازق الرضواني الأحد 23 مارس - 15:36
**07**
لقد كانت الإشكالية المطروحة دائما لدى الباحثين السابقين هي عدم التوصل إلى شروط نصية أو ضوابط نقلية إلزامية يؤدي تطبيقها إلى إحصاء تسعة وتسعين اسما فقط من القرآن وصحيح السنة، أو على نص ما أشار إليه ابن تيمية أعلاه أنه لا سبيل إلى تمييز المأمور من المحظور؛ فكل اسم يجهل حاله يمكن أن يكون من المأمور، ويمكن أن يكون من المحظور ( ) . وقد حاول بعض المعاصرين خوض التجربة دون التزام شروط نصية معلنة، فحاول استخرج الأسماء الثابتة في الكتاب والسنة باجتهاده؛ فتوصل بعضهم إلى ما يزيد عن التسعة والتسعين اسما أو ما يقل عن ذلك، وسوف نفصل نتيجة ما وصلوا إليه عند الحديث عن شروط الإحصاء، لكن الملاحظ أن الزيادة أو النقص فيما وصلوا إليه لا تتجاوز خمسة أسماء، وكأن الدائرة تضيق لتنير طريق السعي إلى على تسعة وتسعينتحقيق مقتضى حديث أبي هريرة t، والذي نص فيه النبي اسما، أو مائة إلا واحدا ووعد من أحصاها بدخول الجنة . الجمع بين رواية ابن مسعود ورواية أبي هريرة: وما نود التنبيه إليه مما تجتمع الأدلة عليه في هذه القضية ومن خلال اعتقاد السلف المبني على النصوص القرآنية والنبوية أنه لا شك في أن جملة أسماء الله تعالى الكلية تعد أمرا من الأمور الغيبية التي استأثر الله بها، وأنها غير محصورة في عدد معين وهذا نص ظاهر في رواية ابن مسعود t، ولا يفهم من حديث أبي هريرة t الذي ورد فيه النص على تسعة وتسعين اسما حصرها جميعها بمجموعها الكلي؛ لأن المقصود بإحصاء هذا العدد إحصاء الأسماء ، ولا بها إلى عباده في كتابه وفي سنة رسوله الحسنى التي تعرف الله يدل على حصر أسماء الله الكلية في هذا العدد، ولو كان المراد الحصر لقال : إن أسماء الله تسعة وتسعون اسما من أحصاها دخل الجنة أو نحوالنبي ذلك؛ فمعنى الحديث أن هذا العدد الذي تعرف الله به إلى عباده في كتابه وفي ومن شأنه أن من أحصاه دخل الجنة، ونظير من جملة أسماء الله سنة رسوله هذا أن تقول: عندي مائة درهم أعددتها للصدقة؛ فإنه لا يمنع أن يكون عندك دراهم أخرى لم تعدها للصدقة؛ فالمراد إذا الإخبار عن دخول الجنة بإحصائها لا الإخبار بحصر أسماء الله الكلية ( ) . قال ابن القيم: ( الأسماء الحسنى لا تدخل تحت حصر ولا تحد بعدد؛ فإن لله تعالى أسماء وصفات استأثر بها في علم الغيب عنده لا يعلمها ملك مقرب ولا نبي مرسل كما في الحديث الصحيح أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك أو أنزلته في كتابك أو استأثرت به في علم الغيب عندك، فجعل أسماءه ثلاثة أقسام: قسم سمى به نفسه فأظهره لمن شاء من ملائكته أو غيرهم ولم ينزل به كتابه، وقسم أنزل به كتابه فتعرف به إلى عباده، وقسم استأثر به في علم غيبه فلم يطلع عليه أحد من خلقه، ولهذا قال: استأثرت به، أي انفردت بعلمه ) ( ) . وقد أظهرت نتيجة هذا البحث أن ما تعرف الله به إلى عباده من أسمائه الحسنى هي الأسماء التسعة والتسعون المذكورةالتي وردت في كتابه وفي سنة رسوله في العدد النبوي المخصوص، وقد تقدمت الإشارة إلى ذلك في المقدمة؛ فالأمر أصبح الآن مرهونا بشروط أو قواعد أو ضوابط أو أسس ــ سمها ما شئت ــ يستطيع من خلالها كل باحث من العامة أو الخاصة أن يطبقها بدقة على كل نص عند إحصائه للأسماء الحسنى الثابتة في الكتاب والسنة وسيصل إن شاء الله إلى النتيجة ذاتها . ظهور الأسماء الحسنى مرتبط بمقتضى الحكمة الإلهية :الإحصاء في اللغة معناه الحفظ والجمع والعد والإحاطة، وقد ورد هذا المعنى في قوله يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَاتعالى: عَمِلُوا أَحْصَاهُ اللَّهُ وَنَسُوهُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ لِيَعْلَمَ أَنْ قَدْ أَبْلَغُوا [المجادلة:6]، وقال: شَهِيدٌ رِسَالاتِ رَبِّهِمْ وَأَحَاطَ بِمَا لَدَيْهِمْ وَأَحْصَى كُلَّ شَيْءٍ [الجن:28]، قال ابن منظور: ( الإِحْصَاءُ العَدُّ والحِفْظعَدَداً وأَحْصَيْت الشيءَ عَدَدته وأَحْصَى الشيءَ أَحاط به ) ( ) . من الواضح اتفاق العلماء على أن أسماء الله الكلية لا تحصى ولا تعد؛ فهو سبحانه الذي يعلم عددها، أما تخصيص بعضها بتسعة وتسعين اسما وتأكيد النبي بقوله مائة إلا واحدا فالعلة في ذلك والله أعلم أن كل مرحلة من مراحل الخلق يُظهر فيها الحق سبحانه وتعالى من أسمائه وصفاته ما يناسب الغاية من وجودها، ويحقق كمال الحكمة في تكوينها، ويظهر دلائل التوحيد في إبداعها، ففي مرحلة الدنيا وما فيها من شهوات وأهواء وشبهات واختلاف وتباين في الآراء، وتقليب الأمور للإنسان على أنواع الابتلاء، وحكمة الله في تكليفه بالشرائع والأحكام، وتمييز الحلال من الحرام، في هذه المرحلة تعرف الله إلى عباده بجملة من أسمائه وصفاته تناسب حاجة الإنسان وضرورياته، فيبدي لربه أقصى طاقاته وإمكانياته في تحقيق التوحيد بمقتضى هذه الأسماء، تلك : ( إِنَّ للهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَالأسماء هي المعنية بقول النبي اسْمَا مِائَةً إِلاَّ وَاحِدًا ) ( ) . ولمزيد من البيان يمكن القول إن الحياة الدنيا لما كانت دارا للابتلاء والامتحان ومحلا لاختيار الكفر أو الإيمان، وكان الناس فيها متفاوتين مختلفين آجالا وأرزاقا وألوانا وأخلاقا، منهم الغني والفقير والأعمى البصير، منهم القوي والضعيف والظالم والمظلوم والحاكم والمحكوم والمالك والمعدوم، منهم الكاذب والصادق والمخلص والمنافق إلى غير ذلك من أنواع الأخلاق وتنوع الأرزاق واختلاف السلوك وابتلاء ملك الملوك؛ لما كانت الدنيا كذلك فإن حكمة الله تَظهر في تعريف الخلائق ما يناسبهم من أسمائه وصفاته؛ فالمذنب من العباد إن أراد التوبة سيجد الله توابا رحيما عفوا غفورا، والمظلوم سيجده حقا مبينا حكما عدلا وليا نصيرا، والضعيف المقهور سيجده قويا عزيزا جبارا قديرا، والفقير سيجد الله رزاقا حسيبا مقيتا وكيلا، وهكذا سيجد العباد من أسماء الله وصفاته ما يناسب حاجتهم ويلبي بغيتهم؛ فالفطرة التي فطر الله الخلائق عليها اقتضت أن تلجأ النفوس إلى قوة عليا عند ضعفها، وتطلب غنيا أعلى عند فقرها وتوابا رحيما عند ذنبها، وسميعا قريبا بصيرا مجيبا عند سؤالها، ومن هنا كانت لكل مرحلة من مراحل ما يناسبها من أسمائه وصفاته وأفعاله .الخلق التي قدرها الله ألا ترى أنه في البدء عندما أسكن الله آدم وحواء جنة الابتلاء فأكلا من الشجرة وانكشفت العورة وتطلبت الفطرة فرجا ومخرجا كان الفرج والمخرج في التي تناسب حالهما وما يغفر به ذنبهما؛ فعلمهماتعريفهم بأسماء الله أن يدعو الله باسمهكلمات هي في حقيقتها أسماء لله وصفات، علم آدم فَتَلَقَّىالتواب الرحيم، أو يدعو بوصف التوبة والرحمة كما قال سبحانه: آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ قَالا رَبَّنَا بها: [البقرة:37]، فتَعَلمها ودعا الله الرَّحِيمُ ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا [الأعراف:23] .لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ روي عن أنس بن مالك وعبد الله بن عباس وعبد الرحمن بن يزيد وسعيد بن جبير أنهم قالوا: ( الكلِمَاتُ التي تلَقّى آدمٌ مِنوغير واحد من السلف رَبِّهِ فَتَابَ عَلَيْه: لا إلَه إلا أَنْتَ سُبْحَانَكَ اللهُم وَبحمْدِكَ عَمِلْتُ سُوءا وَظَلَمْتُ نَفْسي فاغفر لي إنَّكَ خَيْر الغافِرين، لا إلَه إلا أَنْتَ سُبْحَانَكَ وَبحمْدِكَ عَمِلْتُ سُوءا وَظَلَمْتُ نَفْسي فَارْحَمْني إنَّكَ أَنْتَ أَرْحَمُ الراحِمين، لا إلَه إلا أَنْتَ سُبْحَانَكَ وَبحمْدِكَ عَمِلْتُ سُوءا وَظَلَمْتُ نَفْسي فَتُبْ عَلَيَّ إنَّكَ أَنْتَ التَّوابُ
...يتبع/...
ABOUHAYDER
عدد الرسائل : 430 الموقع : مكان ما تاريخ التسجيل : 20/03/2008
موضوع: رد: أسماء الله الحسنى الثابتة في الكتاب والسنة لفضيلة الدكتور محمود عبد الرازق الرضواني الأحد 23 مارس - 15:44
**08** وقد حاول بعض المعاصرين خوض التجربة دون التزام شروط نصية معلنة، فحاول استخرج الأسماء الثابتة في الكتاب والسنة باجتهاده؛ فتوصل بعضهم إلى ما يزيد عن التسعة والتسعين اسما أو ما يقل عن ذلك، وسوف نفصل نتيجة ما وصلوا إليه عند الحديث عن شروط الإحصاء، لكن الملاحظ أن الزيادة أو النقص فيما وصلوا إليه لا تتجاوز خمسة أسماء، وكأن الدائرة تضيق لتنير طريق السعي إلى على تسعة وتسعينتحقيق مقتضى حديث أبي هريرة t، والذي نص فيه النبي اسما، أو مائة إلا واحدا ووعد من أحصاها بدخول الجنة . الجمع بين رواية ابن مسعود ورواية أبي هريرة: وما نود التنبيه إليه مما تجتمع الأدلة عليه في هذه القضية ومن خلال اعتقاد السلف المبني على النصوص القرآنية والنبوية أنه لا شك في أن جملة أسماء الله تعالى الكلية تعد أمرا من الأمور الغيبية التي استأثر الله بها، وأنها غير محصورة في عدد معين وهذا نص ظاهر في رواية ابن مسعود t، ولا يفهم من حديث أبي هريرة t الذي ورد فيه النص على تسعة وتسعين اسما حصرها جميعها بمجموعها الكلي؛ لأن المقصود بإحصاء هذا العدد إحصاء الأسماء ، ولا بها إلى عباده في كتابه وفي سنة رسوله الحسنى التي تعرف الله يدل على حصر أسماء الله الكلية في هذا العدد، ولو كان المراد الحصر لقال : إن أسماء الله تسعة وتسعون اسما من أحصاها دخل الجنة أو نحوالنبي ذلك؛ فمعنى الحديث أن هذا العدد الذي تعرف الله به إلى عباده في كتابه وفي ومن شأنه أن من أحصاه دخل الجنة، ونظير من جملة أسماء الله سنة رسوله هذا أن تقول: عندي مائة درهم أعددتها للصدقة؛ فإنه لا يمنع أن يكون عندك دراهم أخرى لم تعدها للصدقة؛ فالمراد إذا الإخبار عن دخول الجنة بإحصائها لا الإخبار بحصر أسماء الله الكلية ( ) . قال ابن القيم: ( الأسماء الحسنى لا تدخل تحت حصر ولا تحد بعدد؛ فإن لله تعالى أسماء وصفات استأثر بها في علم الغيب عنده لا يعلمها ملك مقرب ولا نبي مرسل كما في الحديث الصحيح أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك أو أنزلته في كتابك أو استأثرت به في علم الغيب عندك، فجعل أسماءه ثلاثة أقسام: قسم سمى به نفسه فأظهره لمن شاء من ملائكته أو غيرهم ولم ينزل به كتابه، وقسم أنزل به كتابه فتعرف به إلى عباده، وقسم استأثر به في علم غيبه فلم يطلع عليه أحد من خلقه، ولهذا قال: استأثرت به، أي انفردت بعلمه ) ( ) . وقد أظهرت نتيجة هذا البحث أن ما تعرف الله به إلى عباده من أسمائه الحسنى هي الأسماء التسعة والتسعون المذكورةالتي وردت في كتابه وفي سنة رسوله في العدد النبوي المخصوص، وقد تقدمت الإشارة إلى ذلك في المقدمة؛ فالأمر أصبح الآن مرهونا بشروط أو قواعد أو ضوابط أو أسس ــ سمها ما شئت ــ يستطيع من خلالها كل باحث من العامة أو الخاصة أن يطبقها بدقة على كل نص عند إحصائه للأسماء الحسنى الثابتة في الكتاب والسنة وسيصل إن شاء الله إلى النتيجة ذاتها . ظهور الأسماء الحسنى مرتبط بمقتضى الحكمة الإلهية :الإحصاء في اللغة معناه الحفظ والجمع والعد والإحاطة، وقد ورد هذا المعنى في قوله يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَاتعالى: عَمِلُوا أَحْصَاهُ اللَّهُ وَنَسُوهُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ لِيَعْلَمَ أَنْ قَدْ أَبْلَغُوا [المجادلة:6]، وقال: شَهِيدٌ رِسَالاتِ رَبِّهِمْ وَأَحَاطَ بِمَا لَدَيْهِمْ وَأَحْصَى كُلَّ شَيْءٍ [الجن:28]، قال ابن منظور: ( الإِحْصَاءُ العَدُّ والحِفْظعَدَداً وأَحْصَيْت الشيءَ عَدَدته وأَحْصَى الشيءَ أَحاط به ) ( ) . من الواضح اتفاق العلماء على أن أسماء الله الكلية لا تحصى ولا تعد؛ فهو سبحانه الذي يعلم عددها، أما تخصيص بعضها بتسعة وتسعين اسما وتأكيد النبي بقوله مائة إلا واحدا فالعلة في ذلك والله أعلم أن كل مرحلة من مراحل الخلق يُظهر فيها الحق سبحانه وتعالى من أسمائه وصفاته ما يناسب الغاية من وجودها، ويحقق كمال الحكمة في تكوينها، ويظهر دلائل التوحيد في إبداعها، ففي مرحلة الدنيا وما فيها من شهوات وأهواء وشبهات واختلاف وتباين في الآراء، وتقليب الأمور للإنسان على أنواع الابتلاء، وحكمة الله في تكليفه بالشرائع والأحكام، وتمييز الحلال من الحرام، في هذه المرحلة تعرف الله إلى عباده بجملة من أسمائه وصفاته تناسب حاجة الإنسان وضرورياته، فيبدي لربه أقصى طاقاته وإمكانياته في تحقيق التوحيد بمقتضى هذه الأسماء، تلك : ( إِنَّ للهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَالأسماء هي المعنية بقول النبي اسْمَا مِائَةً إِلاَّ وَاحِدًا ) ( ) . ولمزيد من البيان يمكن القول إن الحياة الدنيا لما كانت دارا للابتلاء والامتحان ومحلا لاختيار الكفر أو الإيمان، وكان الناس فيها متفاوتين مختلفين آجالا وأرزاقا وألوانا وأخلاقا، منهم الغني والفقير والأعمى البصير، منهم القوي والضعيف والظالم والمظلوم والحاكم والمحكوم والمالك والمعدوم، منهم الكاذب والصادق والمخلص والمنافق إلى غير ذلك من أنواع الأخلاق وتنوع الأرزاق واختلاف السلوك وابتلاء ملك الملوك؛ لما كانت الدنيا كذلك فإن حكمة الله تَظهر في تعريف الخلائق ما يناسبهم من أسمائه وصفاته؛ فالمذنب من العباد إن أراد التوبة سيجد الله توابا رحيما عفوا غفورا، والمظلوم سيجده حقا مبينا حكما عدلا وليا نصيرا، والضعيف المقهور سيجده قويا عزيزا جبارا قديرا، والفقير سيجد الله رزاقا حسيبا مقيتا وكيلا، وهكذا سيجد العباد من أسماء الله وصفاته ما يناسب حاجتهم ويلبي بغيتهم؛ فالفطرة التي فطر الله الخلائق عليها اقتضت أن تلجأ النفوس إلى قوة عليا عند ضعفها، وتطلب غنيا أعلى عند فقرها وتوابا رحيما عند ذنبها، وسميعا قريبا بصيرا مجيبا عند سؤالها، ومن هنا كانت لكل مرحلة من مراحل ما يناسبها من أسمائه وصفاته وأفعاله .الخلق التي قدرها الله ألا ترى أنه في البدء عندما أسكن الله آدم وحواء جنة الابتلاء فأكلا من الشجرة وانكشفت العورة وتطلبت الفطرة فرجا ومخرجا كان الفرج والمخرج في التي تناسب حالهما وما يغفر به ذنبهما؛ فعلمهماتعريفهم بأسماء الله أن يدعو الله باسمهكلمات هي في حقيقتها أسماء لله وصفات، علم آدم فَتَلَقَّىالتواب الرحيم، أو يدعو بوصف التوبة والرحمة كما قال سبحانه: آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ قَالا رَبَّنَا بها: [البقرة:37]، فتَعَلمها ودعا الله الرَّحِيمُ ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا [الأعراف:23] .لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ روي عن أنس بن مالك وعبد الله بن عباس وعبد الرحمن بن يزيد وسعيد بن جبير أنهم قالوا: ( الكلِمَاتُ التي تلَقّى آدمٌ مِنوغير واحد من السلف رَبِّهِ فَتَابَ عَلَيْه: لا إلَه إلا أَنْتَ سُبْحَانَكَ اللهُم وَبحمْدِكَ عَمِلْتُ سُوءا وَظَلَمْتُ نَفْسي فاغفر لي إنَّكَ خَيْر الغافِرين، لا إلَه إلا أَنْتَ سُبْحَانَكَ وَبحمْدِكَ عَمِلْتُ سُوءا وَظَلَمْتُ نَفْسي فَارْحَمْني إنَّكَ أَنْتَ أَرْحَمُ الراحِمين، لا إلَه إلا أَنْتَ سُبْحَانَكَ وَبحمْدِكَ عَمِلْتُ سُوءا وَظَلَمْتُ نَفْسي فَتُبْ عَلَيَّ إنَّكَ أَنْتَ التَّوابُ الرَّحِيم ) ( ) . قد عرفنا بما يناسبنا ويناسبهاوطالما أن الدنيا خلقت للابتلاء فإن الله من الأسماء، وقد لا ينفع الدعاء بهذه الأسماء أو بعضها في مرحلة أخرى كمرحلة القيامة والدار الآخرة؛ فلو دعا المشركون أو الكفار المخلدون ربهم يوم القيامة باسمه العظيم القريب الرفيق المجيب الواسع المنان الرحيم الرحمن المحسن السلام الجواد الفتاح الستير الرءوف الودود اللطيف الكريم الأكرم الغفور الغفار البر الطيب العفو التواب، لو دعا المخلدون في النار ربهم بأي اسم من هذه الأسماء أن يغفر ذنبهم، وأن يفرج كربهم، وأن يعفو عنهم، وأن يقبل التوبة منهم، وأن يرحمهم من العذاب؛ فإن ذلك لا يتحقق ولا يستجاب لمخالفته مقتضى الحكمة وما دون في أم الكتاب، ولذلك قال تعالى عن وَقَالَ الَّذِينَ فِي النَّارِ لِخَزَنَةِأهل النار ودعائهم: جَهَنَّمَ ادْعُوا رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْماً مِنَ الْعَذَابِ قَالُوا أَوَلَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا بَلَى قَالُوا فَادْعُوا وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلالٍ قَالُوا رَبَّنَا غَلَبَتْ[غافر:49/51]، وقال سبحانه في شأنهم أيضا: عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا وَكُنَّا قَوْماً ضَالِّينَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ قَالَ اخْسَأُوا فِيهَا وَلا [المؤمنون:106/108]، ومن ثم فإن كل مرحلة من مراحل الخلقتُكَلِّمُونِ لها ما يناسبها من الحِكَم وإبداء الأسماء والصفات . أيضا أنه عند مجيء الحق للفصل بين الخلق يوم القيامة يغضبوقد بين النبي غضبا شديدا لم يَغضَبْ قبلَه مثله، ولن يَغضبَ بعدَهُ مثلَه، فيبلُغُ الناسَ من الغمِّ والكَرَبِ ما لا يُطيقون ولا يَحتمِلون، فيبحثون عن شفيع قريب لكن الأنبياء يتخلفون عن الشفاعة إلا صاحب المقام المحمود يقول عندها: أنا لها، كما ورد عند البخاري من حديث أبي هريرة t مرفوعا: ( فأنطِلقُ فآتي تحتَ العرش فأقَعُ ساجداً لربي عزَّ وجل ثمَّ يَفتح اللهُ عليَّ من مَحامِدِه وحُسنِ الثناءِ عليهِ شيئاً لم يَفتحْهُ على أحدٍ قبلي، ثم يُقال: يا محمد ارفَعْ رأسك سَل تُعطَهْ، واشفعْ تُشَفع ) ( )، في الثناء على ربه - كما ذكر كثير من أهلوتلك المحامد أو ما ذكره النبي العلم - أسماء من أسماء الله لم يعلمها أحد من قبل، يتعلمها النبي ويدعوا الله بها فيستجيب له ( ) . بالعددومن ثم فإن أسماء الله التي تعرف بها إلى عباده والتي خصها النبي المشار إليه في الأحاديث كلها حسنى وكلها عظمى وتتناسب مع أحوال العباد ودعائهم لله بها، وذلك ابتلاء من الله لهم في الاستعانة به والصدق معه والرغبة إليه والخوف منه والتوكل عليه وغير ذلك من معاني العبودية التي تحقق العلة من خلقهم . لم يبين التسعة والتسعين اسما على وجه العد والتفصيل ليجتهدوالنبي الناس في البحث والتحصيل، وفي ذلك حكمة بالغة، ومعان ساطعة، أن يطلبها الناس ويبذلوا غاية جهدهم في التعرف على أسماء ربهم التي ثبتت في الكتاب والسنة، ثم يؤمنوا بها ويعملوا بمقتضاها . وكل ذلك من باب المسارعة في الخيرات ورفعة الدرجات وتتفاوت المنازل في الذي يحفز الهمم ويبث على الطاعات كما جاء فيالجنات وتحقيق وعد النبي الحديث: ( إِنَّ للهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْمَا مِائَةً إِلاَّ وَاحِدًا مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ ) ( )، فمن المعلوم أنه يلزم لحفظ أسماء الله الحسنى إحصاؤها واستيفاؤها أولا، وهذا يتطلب اجتهادا وبحثا طويلا، ثم الإحاطة بمعانيها والإيمان بها والعمل بمقتضاها ثانيا، وهذا يتطلب مجاهدة وجهادا كبيرا، ثم دعاء الله بها وحسن المراعاة لأحكامها، وهذا يتطلب علما وفقها وبصيرة وتلك مراتب الإحصاء على ما ترجح من أقوال العلماء . قال ابن القيم: ( مراتب إحصاء أسمائه التي من أحصاها دخل الجنة وهذا هو قطب السعادة ومدار النجاة والفلاح، المرتبة الأولى إحصاء ألفاظها وعددها، المرتبة الثانية فهم معانيها ومدلولها، المرتبة الثالثة دعاؤه بها كما قال وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا تعالى: [الأعراف:180]، وهو مرتبتان إحداهما: دعاء ثناء وعبادة، والثاني: دعاء طلب ومسألة، فلا يثنى عليه إلا بأسمائه الحسنى وصفاته العلى، وكذلك لا يسأل إلا بها؛ فلا يقال: يا موجود أو يا شيء أو يا ذات اغفر لي وارحمني؛ بل يسأل في كل مطلوب باسم يكون مقتضيا لذلك المطلوب فيكون السائل متوسلا إليه بذلك الاسم ومن تأمل أدعية الرسل ولاسيما خاتمهم وإمامهم وجدها مطابقة لهذا ) ( ) . رأي ابن القيم في مقتضى الأسماء الحسنى: ذكر ابن القيم رحمه الله في شأن الموحدين أصحاب الهمم العالية أن العبد إذا كانت همته أعلى ونفسه أشرف أقبل على ربه متدبرا لعهده ففهمه وحفظه، وعلم أن لربه شأنا في عهده ليس كشأن غيره، فوجد ربه قد تعرف إليه وعرفه بنفسه ووصفه واسمه وفعله، وعرفه أيضا بأحكامه، فعرف العبد من ذلك العهد ربا قيوما بنفسه، مقيما لغيره غنيا عن كل ما سواه، وكل ما سواه فقير إليه، وأنه مستو على عرشه فوق جميع خلقه، يرى ويسمع، ويرضي ويغضب، ويحب ويبغض ويدبر أمر مملكته، وهو فوق عرشه متكلم آمر ناه، يرسل رسله إلى أقطار مملكته بكلامه الذي يسمعه من يشاء من خلقه، وأنه قائم بالقسط مجاز بالإحسان والإساءة، وأنه حليم غفور جواد محسن شكور موصوف بكل كمال منزه عن كل عيب ونقص وأنه لا مثيل له ولا نظير . وشهد العبد أيضا حكمته في تدبير مملكته، وكيف يقدر المقادير بمشيئته من غير منازعة لعدله وحكمته، وفهم عن الله سبحانه ما وصف به نفسه في كتابه من حقائق أسمائه، وأشرقت أنوارها على قلبه فصارت له كالمعاينة، فرأى حينئذ تعلق الأسماء والصفات بالخلق والأمر، وارتباطهما بهما، وسريان آثارهما في العالم الحسي والعالم الروحي، ورأى تصرف الأسماء ومقتضياتها في الخلائق، كيف عمت وخصت وقربت وأبعدت وأعطت ومنعت؟ فشاهد العبد بقلبه مواقع عدله وقسطه وفضله ورحمته واجتمع له الإيمان بلزوم حجته مع نفوذ أقضيته وكمال قدرته مع كمال عدله وحكمته، ونهاية علوه على جميع خلقه مع إحاطته ومعيته وجلاله وعظمته وكبريائه وبطشه وانتقامه مع رحمته وبره ولطفه وجوده وعفوه وحلمه، ورأى لزوم الحجة مع قهر المقادير التي لا خروج لمخلوق عنها، وكيف اصطحاب الصفات وتوافقها وشهادة بعضها لبعض وانعطاف الحكمة التي هي نهاية وغاية على المقادير التي هي أول وبداية، ورجوع فروعها إلى أصولها ومبادئها إلى غاياتها، حتى كأنه يشاهد مبادئ الحكمة وتأسيس القضايا على وفق الحكمة والعدل والمصلحة والرحمة والإحسان، لا تخرج قضية عن ذلك إلى انقضاء الأكوان وانفصال الأحكام يوم الفصل بين العباد، وظهور عدله وحكمته وصدق رسله وما أخبرت به عنه لجميع الخليقة، إنسها وجنها مؤمنها وكافرها ( )
...يتبع/...
ABOUHAYDER
عدد الرسائل : 430 الموقع : مكان ما تاريخ التسجيل : 20/03/2008
موضوع: رد: أسماء الله الحسنى الثابتة في الكتاب والسنة لفضيلة الدكتور محمود عبد الرازق الرضواني الأحد 23 مارس - 15:46
**09**
. ثم يذكر ابن القيم أنه حينئذ يتبين للخلق من صفات جلاله ونعوت كماله ما لم يكونوا يعرفونه قبل ذلك، حتى إن أعرف خلقه به في الدنيا يثني عليه يومئذ من صفات كماله ونعوت جلاله ما لم يكن يحسنه في الدنيا، وكما يظهر ذلك لخلقه تظهر لهم الأسباب التي بها زاغ الزائغون وضل الضالون وانقطع المنقطعون، فيكون الفرق بين العلم يومئذ بحقائق الأسماء والصفات والعلم بها في الدنيا كالفرق بين العلم بالجنة والنار . وكذلك يفهم العبد كيف اقتضت أسماؤه وصفاته لوجود النبوة والشرائع، وأن لا يترك خلقه سدى؟ وكيف اقتضت ما تضمنته من الأوامر والنواهي؟ وكيف اقتضت وقوع الثواب والعقاب والمعاد؟ وأن ذلك من موجبات أسمائه وصفاته بحيث ينزه عما زعم أعداؤه من إنكار ذلك، ويرى شمول القدرة وإحاطتها بجميع الكائنات حتى لا يشذ عنها مثقال ذرة، ويرى أنه لو كان معه إله آخر لفسد هذا العالم، وأنه سبحانه لو جاز عليه النوم أو الموت لتدكدك هذا العالم بأسره ولم يثبت طرفة عين، ويرى ذلك الإسلام والإيمان اللذين تعبد الله بهما جميع عباده كيف انبعاثهما من الصفات المقدسة؟ ( ) . ولما أدرك الموحدون هذه الحكم والغايات سعوا في تحقيق مقتضى الأسماء والصفات فجعلوا حياتهم لله، وعقدوا قلوبهم على ترك مخالفته ومعاصيه؛ فهممهم مصروفة إلى القيام بما يحب ويرضى من الأقوال والأفعال، يقصدون من وغُمرتالعبادة أكملها ومن الأوقات أولها، امتلأت قلوبهم من معرفة الله بمحبته وخشيته وإجلاله ومراقبته فسرت المحبة في أجزائهم فلم يبق فيها عرق ولا مفصل إلا وقد دخله الحب، قد أنساهم حبه ذكر غيره؛ فامتلئوا بحبه عن حب من سواه، وبذكره عن ذكر من سواه، وبخوفه ورجائه والرغبة إليه والرهبة منه والتوكل عليه والإنابة إليه والسكون إليه والتذلل والانكسار بين يديه عن تعلق ذلك منهم بغيره، فإذا صارت للموحد أسماء ربه وصفاته مشهداً لقلبه أنسته ذكر غيره، وشغلته عن حب من سواه؛ فحينئذ يكون الرب سبحانه سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشى بها، فبه يسمع وبه يبصر وبه يبطش وبه يمشى، فيبقى قلب العبد نورا لمعرفة محبوبه ومحبته وعظمته وجلاله وكبريائه، وناهيك بقلب هذا شأنه، فيا له من قلب موحد خالص تقي نقي، ما أَدناه من ربه وما أحظاه في قربه ( ) . وإذا كانت بصيرة العبد منفتحة في معرفة الأَسماءِ والصفات والأفعال فإن ولا يخالفه، إذ أن المنهج الربانيشهودها الخاص يطابق ما جاءَ به الرسول هو في حقيقته توجيه من الله للعبد فيما ابتلاه وخوله واسترعاه، والعبد أمين مخول مستخلف مبتلى ليس له في ملك سيده إلا الطاعة والخضوع والانقياد لما شرعه سيده من الأحكام . فمن شأن الموحدين أَن تنسلخ نفوسهم من التدبير والاختيار الذي يخالف تدبير ربهم واختياره، بل قد سلموا إليه سبحانه التدبير كله، فلا يزاحم تدبيرهم تدبيره ولا اختيارهم اختياره، لتيقنهم أَنه الملك القاهر القابض على نواصي الخلق المتولي لتدبير الملك، وتيقنهم مع ذلك أَنه سبحانه الحكيم في أَفعاله، الذي لا تخرج أَفعاله عن الحكمة والمصلحة والرحمة، فلم يدخلوا أَنفسهم معه في تدبيره لملكه وتصريفه أُمور عباده بلو كان كذا وكذا لكان أَجل وأَعظم في قلوبهم من أَنكذا وكذا، ولا بليت ولعل وعسى، بل ربهم يعترضوا عليه، أو يتسخطوا تدبيره أو يتمنوا سواه . وهم أَعلم بالله وأعرف بأسمائه وصفاته من أَن يتهموه في تدبيره أَو يظنوا به الإخلال بمقتضى حكمته وعدله، بل الموحد ناظر بعين قلبه إلى باري الأَشياء وفاطرها، ناظر إلى إتقان صنعته مشاهد للحكيم في حكمته، لا يعيب إلا ما عابه الله، ولا يذم إلا ما ذمه، وإذا سبق إلى قلبه ولسانه عيب ما لم يعبه الله وذم ما لم يذمه الله تاب إلى الله منه، روى البخاري من حديث طَعَامًا قَطُّ، إِنِأبي هريرة t أنه قال: ( مَا عَابَ النَّبِيُ اشْتَهَاهُ أَكَلَهُ وَإِلاَّ تَرَكَهُ ) ( ) . ومن هنا نعلم أثر الأسماء الحسنى التي تعرف الله بها إلى عباده وما تضمنته من الصفات، وظهور أثر كمالها المقدس وارتباطه بحكمته سبحانه في المخلوقات، وظهور بواعث محبته على الوجه الذي تشهد العقول والفطر بمقتضاه؛ فتشهد حكمته الباهرة في كل فعل أو حكم قضاه، وأنه سبحانه وتعالى الجواد الذي يحب أن يجود، والعفو الذي يحب أن يعفو، والغفور الذي يحب أن يغفر، وأنه لا بد من لوازم ذلك خلقا وشرعا وأن الله يحب أن يثنى عليه ويمدح ويمجد ويسبح ويعظم إلى غير ذلك من الحكم . على عباده المؤمنين حيث نزهوه عن إيجاد الخلق لا لشيء ولاوقد أثنى الله الَذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَاماًلغاية فقال جل جلاله في وصفهم: وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً [آل عمران: 191]، وأخبر أن هذا ظنسُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَأعدائه لا ظن أوليائه فقال سبحانه وتعالى: وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلاً ذَلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا [ص:27] ( ) .فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ أبرز خلقه من العدم إلى الوجود ليجري عليه أحكام أسمائهومن ثم فإن الله وصفاته فيظهر كماله المقدس وإن كان لم يزل كاملا ، قال ابن القيم: ( لا بد من ظهور أثر هذه الأسماء ووجود ما يتعلق به؛ فاقتضت حكمة الله أن أنزل الأبوين من الجنة ليظهر مقتضى أسمائه وصفاته فيهما وفي ذريتهما، فلو تربت الذرية في الجنة لفاتت أثار هذه الأسماء وتعلقاتها والكمال الإلهي يأبى ذلك فإنه الملك الحق المبين؛ والملك هو الذي يأمر وينهي ويكرم ويهين ويثيب ويعاقب ويعطي ويمنع ويعز ويذل؛ فأنزل الأبوين والذرية إلى دار تجري عليهم هذه الأحكام ) ( ) . •شروط الإحصاء وجهود المعاصرين في جمع الأسماء:علمنا تعيين الأسماء الحسنى أو سردها في نص واحد وأن سرأنه لم يصح عن النبي الأسماء في حديث الترمذي مما جمعه الوليد بن مسلم باجتهاده أو عن شيوخه من أهل الحديث، وقد ذكر ابن الوزير اليماني أن تمييز التسعة والتسعين يحتاج إلى نص متفق على صحته أو توفيق رباني، وقد عدم النص المتفق على صحته في تعيينها؛ فينبغي في تعيين ما تعين منها الرجوع إلى ما ورد في كتاب الله بنصه أو ما ورد في المتفق على صحته من الحديث ( )
...يتبع/...
ABOUHAYDER
عدد الرسائل : 430 الموقع : مكان ما تاريخ التسجيل : 20/03/2008
موضوع: رد: أسماء الله الحسنى الثابتة في الكتاب والسنة لفضيلة الدكتور محمود عبد الرازق الرضواني الأحد 23 مارس - 15:48
**10** ويضاف إلى ما ذكره ابن الوزير ضرورة استخراج الشروط أو القواعد أو الضوابط المنهجية التي حملتها النصوص القرآنية والنبوية في تمييز الأسماء الحسنى والتعرف على العلة في إحصاء كل اسم منها؛ لأن كثيرا من الذين اعتمدوا في منهجهم على تتبع الأسماء الحسنى التي نص عليها الكتاب ووردت في صحيح السنة استبعدوا أسماء يقتضي منهجهم إدخالها، وأدخلوا أسماء يقتضي المنهج إخراجها، فالعملية البحثية الاستقصائية الشاملة المبنية على تتبع ما ورد في الكتاب والسنة ينبغي أن تكون محكومة بضوابط علمية وشروط منهجية يجب التزامها في عملية الجمع والإحصاء . ومن أفضل من جمع الأسماء الحسنى حتى عصرنا الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله في كتابه القيم ــ القواعد المثلى في صفات الله وأسمائه الحسنى ــ حيث اعتمد في منهج الإحصاء على تتبع ما ورد في القرآن وصحيح السنة من غير أن يذكر شروطا معلنة أو ضوابط محددة، غير أنه استبعد أسماء كان ينبغي إدخالها على مقتضى منهجه في الحصر كاسم الله الديان والمسعر والرازق والستير والمالك، مع أن اسم الله الديان ثبت في نص صحيح، وإن كان معلقا عند البخاري إلا أنه موصول ثابت صحيح عند غيره كما سيأتي بيانه . وكذلك اسم الله المسعر والرازق وردا مع القابض الباسط في أكثر من حديث صحيح، فأدخل الشيخ اسمين اثنين واستبعد اثنين دون ذكر علة أو سبب، وكذلك اسم الله الستير ورد مع اسمه الحيِيِّ في نص واحد صحيح فأدخل أحدهما واستبعد الآخر دون بيان السبب في ذلك، واسم الله المالك ورد مطلقا في السنة ومضافا في القرآن ولم يدخله الشيخ في الأسماء، وأدخل اسم الله العالم والحافظ والمحيط والحفي مع أن هذه الأسماء إنما وردت مضافة أو مقيدة، والشيخ رحمه الله نبه على علة تردده في إدخال اسم الله الحفي فقال: ( وإن كان عندنا تردد في إدخال الحفي لأنه إنما ورد مقيداً في قوله تعالى [مريم:47] ) ( )، مما يشعر إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيّاً : عن إبراهيم بمفهوم المخالفة أن العالم والحافظ والمحيط أسماء وردت مطلقة وهي ليست كذلك . كما أن إدخال هذه الأسماء المضافة أو المقيدة يؤدي إلى ضرورة إدخال جميع الأسماء التي تركها الشيخ رحمه الله كالبديع والفاطر والنور والغافر والسريع والواسع والفالق والجامع والقابل والزارع والمنزل والبالغ والجاعل والكاتب والمتم والحاسب والخليفة والصاحب والمقلب والمحيي والماهد والمرسل والمبتلي والمخرج والهادي والمخزي والمستعان والشديد والعلام والكفيل والمنتقم، وغير ذلك من الأسماء المضافة أو المقيدة، والقصد أن الشيخ رحمه الله لم يبين منهجا يلتزمه في الجمع والإحصاء غير أنه اعتمد على مجرد ورود النص فقط، وهذا وحده لا يكفي لتمييز التسعة والتسعين كما ذكرنا آنفا، وقد وافق جمعه أربعة وتسعين اسما مما ورد في بحثنا . وكذلك الشيخ عبد المحسن العباد حفظه الله في كتابه قطف الجنى الداني استبعد اسم الله المسعر والقابض والباسط والرازق، أو بمعنى آخر استبعد الأسماء التي وردت في الحديث الصحيح الذي رواه أصحاب السنن من حديث أنس t أنه قال: ( قَالَ النَّاسُ: يَا رَسُولَ اللهِ غَلاَ السِّعْرُ فَسَعِّرْ : إِنَّ اللهَ هُوَ الْمُسَعِّرُلَنَا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ الْقَابِضُ الْبَاسِطُ الرَّازِقُ، وإني لأَرْجُو أَنْ أَلْقَي اللهَ وَلَيْسَ أَحَدٌ مِنْكُمْ يُطَالِبُنِي بِمَظْلَمَةٍ فِي دَمٍ وَلاَ مَالٍ ) ( ) . ويصعب القول بأن الشيخ حفظه الله لم يصل علمه إلى وجود الحديث في السنن أو أنه لم يصح عنده؛ لأنه ذكر في جمعه وإحصائه اسم الله المحسن استنادا إلى الحديث الذي رواه الطبراني وصححه الشيخ الألباني من حديث أنس بن مالك t أن قال: ( إذا حَكمْتم فاعْدِلوا، وإذا قَتَلتم فأحْسِنوا؛ فإنَّرسول الله الله عَز وجَل محْسِن يحبُ الإحْسَان ) ( ) . والمنهج العلمي يقتضي المساواة في الحكم، لأنه طالما أدخل الباحث في جمعه وإحصائه اسما واحدا محتجا فيه بحديث صحيح رواه الطبراني؛ فإنه من باب أولى لا ينبغي أن يترك حديثا ثابتا صحيحا رواه أصحاب السنن لا سيما وهو مشتمل على أربعة أسماء وردت مطلقة معرفة، ودالة بالمطابقة على ذات الله وأوصاف الكمال التي اتصف بها رب العزة والجلال، وإلا اعتبر ذلك خللا علميا وقصورا منهجيا . كما أن هذا الحديث الذي تركه الشيخ حفظه الله من الشهرة بمكان فهو الدليل الوحيد على اسمين مشهورين ضمن ما أدرجه الوليد بن مسلم عند الترمذي من الأسماء التي يحفظها الناس منذ أكثر من ألف عام، وهما القابض والباسط؛ فلم يردا في القرآن أو السنة اسمين إلا في هذا الحديث . ومن الأسماء التي تركها الشيخ عبد المحسن أيضا اسم الله الجواد والمالك مع ثبوت هذه الأسماء في صحيح السنة، وأدخل حفظه الله في المقابل اسم الله الهادي والحافظ والكفيل والغالب والمحيط مع كونها وردت مضافة أو مقيدة، ويلزمه على ذلك إحصاء جميع ما تركه من أنواع المضاف المقيد في القرآن والسنة، وعلى أي حال فقد وافق جمعه ثلاثة وتسعين اسما من الأسماء التي وردت في بحثنا ( ) . وفي أطروحته العلمية المتميزة التي تناول فيها دراسة أسماء الله الحسنى استبعد الشيخ عبد الله صالح الغصن حفظه الله اسم الله المعطي والمالك والسيد والمسعر وأدخل بدلا منها اسمه العالم والهادي والمحيط والحافظ والحاسب، مع أن ما استبعده ثابت صحيح مطلق، وما أدخله في جمعه وإحصائه مضاف أو مقيد ( ) . ويبدوا أن ضابط التقييد والإطلاق عنده فيه نظر حيث يقول في الفصل الثاني المعنون بضوابط في تمييز الأسماء الحسنى عن غيرها، البند الرابع: ( ما ورد مقيدا أو مضافا من الأسماء في القرآن أو السنة فلا يكون اسما بهذا الورود إِنَّا مِنَمثل اسم المنتقم فلم يرد إلا مقيدا في قوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ [السجدة:22]، وفي قوله: الْمُجْرِمِينَ مُنْتَقِمُونَ [إبراهيم:47]، وما ورد مضافا مثل قوله تعالى: عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ اللَّهُ [الرعد:9]، وقوله تعالى: عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ [البقرة:257]، فلا يؤخذ الاسم من هذا الورودوَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا وَكُنَّاالمضاف لكن يؤخذ من آيات أخر، فيؤخذ اسم العالم من قوله تعالى: [الأنبياء:81]، ويؤخذ اسم الله الولي من قولهبِكُلِّ شَيْءٍ عَالِمِينَ [الشورى:28]، وإذا ورد في الكتاب وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ تعالى: والسنة اسم فاعل يدل على نوع من الأفعال ليس بعام شامل فهذا لا يكون من الأسماء الحسنى لأن الأسماء الحسنى معانيها كاملة الحسن تدل على الذات، ولا تدل على معنى خاص؛ مثل مجري السحاب هازم الأحزاب الزارع الذارئ المسعر ) ( ) . ومما يلاحظ أنه حفظه الله جعل كل اسم مضاف أو مقيد غير داخل في جمعه وإحصائه كمنهج ملزم للتعرف على الأسماء الحسنى، وهذا بالفعل شرط من الشروط المعتمدة في البحث والتي قام عليها الدليل، لكن الشيخ حفظه الله لم يطبق هذا المنهج في جميع الأسماء التي جمعها أو حتى الفقرة السابقة التي ذكرها، فمن الأسماء التي أدخلها اسم الله العالم والهادي والمحيط والحافظ والحاسب وهي مضافة أو مقيدة، أما العالم والمحيط فالتقييد اللفظي بالباء ظاهر فيهما، وهذه الأسماء مقيدة أيضا بحال الكمال لاحتمال معنى الباء الحلول وَكُنَّا بِكُلِّ شَيوالظرفية كما في قوله: ْءٍ عَالِمِينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطاً : [الأنبياء:81]، وقوله [النساء:126] . وأما اسمه الهادي فقد ورد في جميع المواضع مقيدا بالإضافة كما في قوله: وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوّاً مِنَ الْمُجْرِمِينَ [الفرقان:31]، والمعنى كفاك ربكوَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِياً وَنَصِيرا ً هاديا لك ونصيرا، نصب على الحال أو التمييز أي يهديك وينصرك فلا تبال بما عاداك ( )، وما قيل في اسم الله الهادي يقال أيضا في اسمه الحاسب؛ فقد ورد [الأنبياء:47]، وقوله: وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ مقيدا في قوله: [الأنعام:62]، وأماأَلا لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحَاسِبِينَ اسم الله الحافظ فلم يرد مطلقا وإنما ورد مقيدا في نصوص كثيرة كقوله: إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظاً وَهُوَ أَرْحَمُ[الحجر:9]، وقوله عز وجل: [يوسف:64] .الرَّاحِمِينَ وأما ما ذكره في استبعاد اسم الفاعل الذي يدل على نوع من الأفعال ليس بعام شامل وأنه لا يكون من الأسماء الحسنى وتعليله ذلك بأن الأسماء الحسنى معانيها كاملة الحسن تدل على الذات ولا تدل على معنى خاص، ثم ضرب لذلك أمثلة بمجري السحاب وهازم الأحزاب والزارع والذارئ والمسعر فهذا أمر فيه نظر؛ لأن الأسماء الحسنى جميعها تدل بالمطابقة على الذات والوصف معا؛ فهي علمية ووصفية وليست أعلاما مجردة، وهي مترادفة باعتبار دلالتها على الذات ومتنوعة باعتبار دلالتها على الصفات . كما أن اسم الفاعل هو ما يدل على التجدد والحدوث دون النظر إلى العموم أو الخصوص كالخالق والقاهر والرازق والشاكر والمالك والقادر وغير ذلك من الأسماء المشتقة من الأفعال؛ فهذه أسماء تحدث أثارها في المخلوقات بمقتضيات الزمان والمكان وإظهار حكمة الله في ابتلاء كل إنسان . وكذلك المسعر اسم عام لا يظهر أثره في سلعة واحدة بل في كل السلع تدبيرا ورزقا وقبضا وبسطا لكل ما يتفاعل معه الإنسان في بيعه وشرائه، وليس الاسم مرتبطا بسلعة معينة أو مقيدا بزمان مخصوص أو بمكان دون آخر بحيث يمكن القول إنه نوع من الأفعال ليس بعام ولا شامل، كما أن الاسم لا يظهر أثره في البيع والشراء فقط بل يتعلق أيضا بمشيئة الله في إظهار أثر عدله وحكمه في الآخرة، وذلك بتسعير النار وزيادتها على من كفر بربه وتمادى في شركه وَمَنْومات ظالما لنفسه مصرا على ذنبه دون إنابة أو توبة، قال تعالى: يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِهِ وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى وُجُوهِهِمْ عُمْياً وَبُكْماً وَصُمّاً مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ كُلَّمَا [الإسراء:97] .خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيراً أما الأمثلة الأخرى التي ذكرها كمجري السحاب وهازم الأحزاب والزارع والذارئ فالعلة في عدم إحصائها ليس كما ذكر في كونها نوعا من الأفعال ليس بعام أو شامل وإنما لكونها مضافة كما في مجري السحاب وهازم الأحزاب، أو مقيدة كما في الذارع حيث ورد مقيدا بما يحرثون كما قال الله تعالى: أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ [الواقعة:63/64] .الزَّارِعُونَ
...يتبع/...
ABOUHAYDER
عدد الرسائل : 430 الموقع : مكان ما تاريخ التسجيل : 20/03/2008
موضوع: رد: أسماء الله الحسنى الثابتة في الكتاب والسنة لفضيلة الدكتور محمود عبد الرازق الرضواني الأحد 23 مارس - 15:50
**11** وكذلك الذاريء لم يرد في القرآن اسما وإنما ورد فعلا، وورد في السنة بلفظ مقيد رواه أحمد من حديث عبد الله بن عباس t أنه قال: ( لَمَّا نَزَلَتْ : إِنَّ أَوَّلَ مَنْ جَحَدَ آدَمُآيَةُ الدَّيْنِ قَالَ رَسُولُ اللهِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ، قَالَهَا ثَلاَثَ مَرَّاتٍ، إِنَّ اللهَ لَمَّا خَلَقَ آدَمَ عَلَيْهِ الصَّلاَة وَالسَّلاَمُ مَسَحَ ظَهْرَهُ فَأَخْرَجَ مِنْهُ مَا هُوَ ذَارِئٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ) ( )، فاللفظ ظاهر على تقيده على فرض صحة الحديث، والمعنى أخرج منه ما هو ذارؤه من البشر، وإن كان اللفظ الثابت الصحيح ليس فيه اسم الذارئ أصلا فالرواية الصحيحة لَمَّاالمرفوعة: ( إِنَّ أَوَّلَ مَنْ جَحَدَ آدَمُ، إِنَّ اللهَ خَلَقَه مَسَحَ ظَهْرَهُ فَأَخْرَجَ مِنْهُ مَا هُوَ مِنْ ذَرَارِىَّ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ فعَرضهُمْ عَلَيْهِ ) ( ) . وقد حرصت على لقاء الشيخ الدكتور الغصن حفظه الله أو الاتصال به هاتفيا لأسأله عن علة واضحة لاستبعاده اسم الله المسعر؟ ولماذا أدخل في جمعه وإحصاءه ثلاثة أسماء واستثنى المسعر من حديث أنس t الذي اشتمل على أربعة أسماء هي المسعر القابض الباسط الرازق، في حين أن الشيخ ابن عثيمين أدخل القابض والباسط واستثنى المسعر والرازق؟! وبعد جهد كبير عثرت على هاتفه وتمكنت من الاتصال به وكان في دولة أخرى وأخبرني أنه لا يعرف علة أو ضابطا لذلك، وأنه لا دليل لديه على عدم اعتبار المسعر اسما، وقد عده ابن حزم والقرطبي، وذكر لي أيضا أن الأمر في إحصاء الأسماء ما زال غامضا يفتقر إلى مزيد من الدراسة، فجزاه الله خير الجزاء ونفعنا وإياه ببحثه المتميز في دراسة الأسماء، فقد اتفق معنا في خمسة وتسعين اسما . وفي دراسته المتميزة عن صفات الله الواردة في الكتاب والسنة جمع الشيخ علوي بن عبد القادر السقاف حفظه الله مائة اسم غير لفظ الجلالة، وقد تتبع في منهجيته ما ورد في النص بلفظ الاسم، وإن لم يبين ضابطا معلنا في جمعه من حيث الإطلاق أو عدمه أو دلالة الاسم على كمال الوصف أو غير ذلك مما سيأتي بيانه في شروط الإحصاء . وقد ظهر ذلك في تردده بين الطبعة الأولى والثانية حيث تراجع عن بعض الأسماء التي وافقت معنا شروط الإحصاء وأدخل فيها ما لم يوافقها، فقال حفظه الله: ( أما الأسماء الحسنى فقد أضفت ثلاثة أسماء ترجح لي بالدليل وهي الديان والمقيت والهادي، وتوقفت في اسمين فلمأنها من أسماء الله أوردهما في هذه الطبعة وهما العالم والوارث ) ( )، ولم يبين الشيخ ماهية الدليل الذي ترجح لديه غير أنه أدخل الهادي في الطبعة الثانية وهو مقيد كما تقدم، وتوقف في العالم وهو مصيب في توقفه لأنه ورد مقيدا بالإضافة، لكن اسم الله الوارث الذي استبعده يتفق مع ضوابط الإحصاء كما سيأتي بيانه . أما الأسماء التي عدها ولم تتوافق مع شروط الإحصاء فهي الأعز والحافظ والمحيط والهادي، وقد تقدم الحديث عن التقيد في الحافظ والمحيط والهادي، أما الأعز فلم يرد مرفوعا، وإنما ورد موقوفا على ابن مسعود t وابن عمر رضي الله عنهما: ( رب اغفر وارحم وأنت الأعز الأكرم ) ( )، واعتباره الموقوف في حكم المرفوع عند بعض المحدثين لا يكفي لإثباته، وشأنه في ذلك شأن القراءة الشاذة التي صحت عن عمر بن الخطاب t ورواها الإمام البخاري في صحيحه عندما قرأ الحي القيوم في آية الكرسي: الحي القيام ( )، وهي من حيث الصحة أثبت من رواية الأعز، ومع ذلك ذكر الشيخ حفظه الله الأعز اسما والقيام وصفا وغض الطرف عن اعتبار القيام اسما مع وضوح العلمية فيه كوضوح الشمس ( ) . أما ما لم يدخله الشيخ السقاف حفظه الله مما ثبت من الأسماء اسم الله المسعر والوارث والمالك، وهي أسماء ثابتة تتوافق مع ضوابط الإحصاء كما سيأتي بيانها، وأيا كان الأمر فقد بذل الشيخ جهدا مباركا مشكورا يشهد له كل منصف، بل يعد ما توصل إليه الشيخ في كتابه من نتائج أقرب ما يكون إلى بحثنا من حيث الاتفاق في إحصاء الأسماء حيث اتفق معنا في ستة وتسعين اسما . والقصد أن الأمر في إحصاء الأسماء الحسنى يتطلب منهجا علميا دقيقا مبنيا على قواعد أو ضوابط أو أسس تحدد الشروط اللازمة لإحصاء الأسماء الحسنى الثابتة في الكتاب والسنة . وهؤلاء العلماء الأجلاء من أفضل ما يعتمد على أبحاثهم في تمييز الأسماء الحسنى والتعرف عليها حتى الآن، حيث يدور إحصاؤهم جميعا حول تسعة وتسعين اسما، وهي دائرة قريبة جدا كما هو ملاحظ مهدت الطريق لاستخراج الأسماء الحسنى الثابتة في الكتاب والسنة . غير أن الأمر في إحصاء الأسماء الحسنى لا يكفي فيه كما سبق مجرد تتبع اللفظ الثابت في النص الصحيح، بل لا بد من مراعاة الضوابط العلمية الأخرى التي يمكن من خلالها تمييز الاسم عن الوصف والفعل، ومتى يراد به في النص العلمية ومتى يراد به الوصفية؟ هذا مع تحري دلالة الاسم على مطلق الكمال والحسن، ومراعاة ما إذا كان الوصف مطلقا في الدلالة على الكمال أو مخصصا مقيدا بالإضافة؛ أو محمولا على وجه الكمال فقط عند انقسام المعنى وتطرق الاحتمال، حيث يكون المعنى عند تجرده كمالا في حال ونقصا في حال، وهل قضية اشتقاق الأسماء الحسنى من الأوصاف والأفعال تعود إلى اجتهاد الشخص أو إلى ثبوت النص؟ ومن ثم لا بد من تحديد الضوابط اللازمة للتعرف على أسماء الله الحسنى بحيث يكون البحث والتمييز المعتمد عليها سهلا ميسرا في مقدور العامة والخاصة أن يصلوا بأنفسهم إلى تسعة وتسعين اسما إذا طبقوها بدقة، ولا يكون الأمر مقتصرا فقط على تمييز الأسماء الحسنى الثابتة في الكتاب والسنة، بل لا بد أيضا من بيان الأسماء التي لم تنطبق عليها شروط الإحصاء مع ذكر العلة في استبعادها، فيقال هذا اسم والعلة كذا وهذا ليس باسم والعلة كذا وكذا، وفوق ذلك وقبله يتطلب البحث كما ذكر ابن الوزير اليماني توفيقا ربانيا في جمع النصوص واستيفائها والالتزام بمنهجية البحث والدقة في تطبيقها . اسماء الله الحسنى الثابتة من الكتاب والسنة --للدكتور محمود عبد الرازق الرضواني ________________________________________ وبعد بحث طويل وجهد كبير في استخراج الشروط المنهجية أو القواعد الأساسية بها إلى عباده يمكن حصر هذهلإحصاء الأسماء الإلهية التي تعرف الله القواعد أو تلك الضوابط في خمسة شروط لازمة لكل اسم من الأسماء الحسنى دل وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ: عليها بوضوح شديد قوله قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا [الأعراف:180]، وقوله: بِهَا الرَّحْمَنَ أَيّاً مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى [الإسراء:110]، وحديث أبي هريرة t في الصحيحين مرفوعا: ( إِنَّ للهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْمَا مِائَةً إِلاَّ وَاحِدًا مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ ) ( )، أما كيفية استخراج الشروط من هذه الأدلة فبيانها مفصلا على النحو التالي: الشرط الأول: ثبوت النص في القرآن أو صحيح السنة . الشرط الأول من شروط إحصاء الأسماء الحسنى أن يرد الاسم نصا في القرآن أو وَلِلَّهِ: ما ثبت في صحيح السنة، وهذا الشرط مأخوذ من قوله [الأعراف:180]، وقوله: الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا [الإسراء:110] .فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى ووجه الدلالة أن لفظ الأسماء الحسنى يدل على أنها معهودة موجودة، فالألف واللام هنا للعهد، ولما كان دورنا حيال الأسماء هو الإحصاء دون الاشتقاق والإنشاء فإن الإحصاء لا يكون إلا لشيء موجود معهود، ولا يعرف ذلك إلا بما ، وهذانص عليه كتاب الله وما صح بالسند المتصل المرفوع إلى رسول الله الشرط ذكره ابن تيمية في قوله: ( الأسماء الحسنى المعروفة هي التي يدعى الله بها، وهي التي جاءت في الكتاب والسنة، وهي التي تقتضي المدح والثناء بنفسها ) ( ) .
...يتبع/...
ABOUHAYDER
عدد الرسائل : 430 الموقع : مكان ما تاريخ التسجيل : 20/03/2008
موضوع: رد: أسماء الله الحسنى الثابتة في الكتاب والسنة لفضيلة الدكتور محمود عبد الرازق الرضواني الأحد 23 مارس - 15:52
**12**
ومعلوم من مذهب السلف أن أسماء الله الحسنى توقيفية على الأدلة السمعية، ولا بد فيها من تحري الدليل بطريقة علمية تضمن لنا مرجعية الاسم إلى كلام ، ولا يكون ذلك إلا بالرجوع إلى ما ورد في القرآن أو ما وردالله ورسوله في صحيح السنة النبوية على طريقة المحدثين؛ لأن محيط الرسالة لا تخرج عن طريق الوحي وبأشكاله المختلفة،دائرته عن ذلك، والرسالة تلقاها النبي وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَىإِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَىقال تعالى: فلا ينزل على أحد إلى يوم [النجم:3/4]، ثم انقطع الوحي بعد موت النبي مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍالقيامة، وهذا واضح في قوله تعالى: مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ [الأحزاب:40] .وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيما كما أن هذا الشرط يعتمد منهج السلف أيضا في كون الاحتجاج بصحيح السنة النبوية كالاحتجاج بالآيات القرآنية سواء بسواء، فلا خلاف بين جمهور العلماء الذين يعتد بهم في أن السنة حجة مستقلة في تشريع الأحكام، وأنها كالقرآن في تمييز الحلال من الحرام، وأنها المصدر الثاني لمعرفة أصول الإسلام، وأنها المفصحة عن معاني القرآن والموضحة لأوامره وأخباره والكاشفة عن تأويل النص وبيان أسراره . يجب الإيمان بهوقد أكد القرآن بوضوح لا لبس فيه أن السنة وحي من الله في كل شيء وفي كل وقت؛ في حياته وبعد مماته؛ لأنهاويجب اتباع الرسول في خبره، والطاعة لأمرهأصول لم تخصص بزمن دون زمن؛ فيجب تصديق الرسول عن يقين ومحبة وإخلاص . قال ابن حزم: ( إن القرآن لما كان هو الأصل الذي يرجع إليه في معرفة ووجدناه عز وجل يقولالإسلام وجدنا فيه وجوب طاعة ما أمرنا به رسول الله وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلَّا : فيه واصفا لرسوله [النجم:3/4]، فصح لنا بذلك أن الوحي ينقسم من الله عز وجلوَحْيٌ يُوحَى على قسمين: أحدهما وحي متلو مؤلف تأليفا معجز النظام وهوإلى رسوله القرآن، والثاني وحي مروي منقول غير مؤلف ولا معجز النظام ولا متلو لكنه مراده منا ، وهو المبين عن الله مقروء، وهو الخبر الوارد عن رسول الله ) ( ) . ولا فرق أيضا في الاحتجاج بالسنة النبوية بين باب الأحكام الفقهية وباب القضايا الاعتقادية، وقد عبر أبو طالب المكي عن العلة في ذلك بقوله: ( فإنا قوم متبعون نقفوا الأثر غير مبتدعين بالرأي والمعقول نرد به الخير .. إلى أن قال: وفي رد أخبار الصفات بطلان شرائع الإسلام، لأن الناقلين إلينا ذلك هم ناقلوا شرائع الدين وأحكام الإيمان فإن كانوا عدولا فيما نقلوه من الشريعة فالعدل مقبول القول في كل ما نقلوه، وإن كانوا كذبوا فيما نقلوا من أخبار الصفات فالكذب مردود القول في كل ما جاءوا به ) ( ) . بعث إلى الملوك رسولا واحداولم يختلف أحد من الأمم في أن رسول الله يدعوهم إلى الإسلام، واحدا واحدا مفردا إلى كل مدينة وقبيلة، كصنعاء وحضرموت ونجران وتيماء والبحرين وعمان وغير ذلك من البلدان، وكان كل رسول على كل جهةيُعَلم الناس أحكام دينهم كلها، عقيدة وشريعة، وافترض النبي قبول رواية أميرهم ومعلمهم؛ فصح قبول خبر الواحد الثقة عن مثله مبلغا إلى ( ) .رسول الله أما القواعد التي اعتمد البحث عليها في تمييز الحديث المقبول من المردود والصحيح من الضعيف فهي قواعد المحدثين، أو ما عرف بعلم مصطلح الحديث الذي يشترط في الحديث الصحيح اتصال السند بنقل العدل الضابط عن مثله إلى منتهاه من غير شذوذ ولا علة، وعلى ما هو معتبر أيضا في قواعدهم ( ) . يقبل بلا ضابط أو نقاش، فلا بد من الترابطوليس كل ما نسب إلى النبي العلمي المتصل بين رواة السند؛ بحيث يتلقى الراوي اللاحق عن السابق؛ فلا يكون بين اثنين من رواة الحديث فجوة زمنية أو مسافة مكانية يتعذر معها اللقاء أو يستحيل معها التلقي والأداء، كما يلزم أيضا اتصاف الرواة بالعدالة، وهى صفة خلقية تكتسبها النفس الإنسانية وتحمل صاحبها على ملازمة التقوى والمروءة ومجانبة الفسوق والابتداع فلا يعرف بارتكاب كبيرة أو إصرار على صغيرة، ولا بد أن يتصف الراوي أيضا بالضبط والتثبت من الحفظ والسلامة من الخطأ وانعدام الوهم مع القدرة على استحضار ما حفظه وهذا شرط في جميع رواة الحديث الصحيح من أول السند إلى آخر راوٍ فيه، يضاف إلى ذلك عدم مخالفة الراوي لمن هو أوثق منه وأثبت، ولا يكون في روايته أيضا علة قادحة أو سبب ظاهر يؤدي إلى الحكم بعدم ثبوت الحديث، فالطريق الوحيد المعتمد في ثبوت السنة هو الالتزام بقواعد المحدثين وأصولهم في معرفتها ( ) . أما الحكم على ثبوت الحديث بالأصول الكلامية أو المناهج الفلسفية أو الكشوفات الذوقية فلا مجال له في بحثنا؛ لأن الآراء العقلية كثيرة فيومتضاربة والمواجيد الذوقية مختلفة ومتغيرة، فالحكم على حديث الرسول هذه الحالة يحكمه الهوى ويسوقه استحسان النفس . ومن ثم لا عبرة بقول من قال من أصحاب الطرق: ( ربما صح عندنا من أحاديث الأحكام ما اتفق المحدثون على ضعفه وتجريح نقلته، وقد أخذناه بالكشف عن قائله صحيحا فنتعبد به أنفسنا على غير ما تقرر عند علماء الأصول، ورب حديث قد صححوه واتفقوا عليه وليس بصحيح عندنا بطريقة الكشف فنترك العمل به ) ( ) . إن من أعظم الأسس في الاعتماد على السنة الالتزام بقواعد المحدثين في معرفة المقبول من المردود والصحيح من الضعيف، وقد التزمت في منهجية العمل بالشرط الأول أنه إذا لم يرد الاسم نصا في القرآن فيلزم لأخذه من السنة أن يكون الحديث ثابتا صحيحا، فلا يعتد في النص على ذكر الأسماء الحسنى بالضعيف، ولا يعتمد اعتمادا كاملا على ما ثبت وخف ضبطه كالحسن؛ لأن الحسن على ما ترجح عند المحدثين من رواية الصدوق، أو هو ما اتصل سنده بنقل العدل الذي خف ضبطه قليلا عن مثله إلى منتهاه من غير شذوذ ولا علة، وربما يثير ذلك إنكار البعض لكنهم لا يختلفون معنا في تطرق الاحتمال إلى ضبط النص والتيقن منه في ثبوت لفظ الاسم دون الوصف، اللهم إلا إذا كان الحديث صحيحا بمجموع طرقه وكثرتها، ومن ثم لم أعتمد على الحديث الحسن في إحصاء نص الأسماء الحسنى، وإن اعتمدته حجة في إثبات الأوصاف وشرح معاني الأسماء، وبيان دلالة الاسم على المعنى سواء بالمطابقة أو التضمن واللزوم، وأيضا في التعرف على كيفية الدعاء بالاسم، أو الدعاء بالوصف الذي دل عليه، سواء في دعاء المسألة أو في دعاء العبادة، شأنه في ذلك شأن الاحتجاج به في سائر الأحكام وأمور الإسلام، فالحديث الحسن حجة مقبول عند جمهور أهل العلم . وإذا كان الاسم معتمدا في ثبوته على نص ورد في أحد الصحيحين اكتفيت بالإحالة عليهما لأنهما أصح الكتب بعد كتاب الله، وقد اتفقت الأمة على تلقيهما بالقبول، قال الإمام النووي: ( اتفق العلماء رحمهم الله على أن أصح الكتب بعد القرآن العزيز الصحيحان البخاري ومسلم وتلقتهما الأمة بالقبول ) ( ) . وقال أبو عمرو بن الصلاح: ( أول من صنف في الصحيح البخاري أبو عبد الله محمد بن إسماعيل، وتلاه أبو الحسين مسلم بن الحجاج القشيري، ومسلم مع أنه أخذ عن البخاري واستفاد منه فإنه يشارك البخاري في كثير من شيوخه، وكتاباهما أصح الكتب بعد كتاب الله العزيز ) ( ) . وكذلك إذا لم يرد الاسم نصا في القرآن وورد في السنة معتمدا في حجيته على ثبوت الحديث فقط وكان الحديث في غير الصحيحين فلا بد من الحكم على صحته من قبل جمع من أعلام المحدثين عملا بالأحوط على قدر المستطاع، أما ما عدا البحث عن حجية دليل السنة في ثبوت الاسم فاكتفيت غالبا فيما لم يرد في الصحيحين بتراث الشيخ الألباني رحمه الله وحكمه على الحديث من جهة القبول أو الرد .
...يتبع/...
ABOUHAYDER
عدد الرسائل : 430 الموقع : مكان ما تاريخ التسجيل : 20/03/2008
موضوع: رد: أسماء الله الحسنى الثابتة في الكتاب والسنة لفضيلة الدكتور محمود عبد الرازق الرضواني الأحد 23 مارس - 15:56
**13**
وسبب ذلك كثرة الأحاديث الواردة في شرح الاسم لغة وشرعا، وفهم دلالتها مطابقة وتضمنا والتزاما، وكذلك كثرة ما ورد منها في الدعاء بنوعيه، دعاء المسألة ودعاء العبادة، كما أن الشيخ الألباني من المحدثين المعاصرين الذين أسهموا في تنقية السنة الشريفة من الأحاديث المكذوبة والضعيفة، وألف كتبا خصصها للأحاديث الصحيحة وأخرى للأحاديث الضعيفة والموضوعة، وعزل الصحاح عن الضعاف في كثير من كتب السنن وغيرها، وتعد موسوعته الالكترونية مرجعا هاما لدى الباحثين المحققين بعد مطابقتها على المراجع الأصلية . أما الأسماء التي لم تتوافق مع الشرط الأول أو مع ثبوت النص مما اشتهر في جمع الوليد بن مسلم المدرج في رواية الترمذي والمشهور بين الناس منذ أكثر من ألف عام فهما الواجد والماجد، وكذلك الحنان في جمع عبد العزيز بن حصين المدرج في رواية الحاكم، وسيأتي تفصيل ذلك عند الحديث عن الأسماء التي لم تثبت في تلك الروايات إن شاء الله تعالى . ومن الأسماء التي لم تتوافق أيضا مع هذا الشرط مما ذكره أهل العلم اسم السخي والنظيف والهْوِيّ والمفضل والمنعم ورمضان وآمين والأعز والقيام . أما السخي فورد مع النظيف في رواية ضعيفة عند السيوطي في الجامع الصغير من حديث ابن عمر t مرفوعا: ( إِنَّ اللهَ تَعَالى جَمِيلٌ يُحِبُّ الْجَمَالَ، سَخي يُحِبُّ السَّخاءَ نَظِيفٌ يُحِبُّ النَّظَافَةَ ) ( )، وكذلك ورد النظيف في عدة روايات ضعيفة عند الترمذي وغيره، من حديث سعد بن قال: ( إِنَّ اللهَ طَيِّبٌ يُحِبُّ الطَّيِّبَ،أبي وقاص t أن النبي نَظِيفٌ يُحِبُّ النَّظَافَةَ، كَرِيمٌ يُحِبُّ الْكَرَمَ، جَوَادٌ يُحِبُّ الْجُودَ؛ فَنَظِّفُوا أَفْنِيَتَكُمْ وَلاَ تَشَبَّهُوا بِالْيَهُودِ ) ( ) . وهذا الحديث والذي قبله ليس أصلا في إثبات الأسماء الأخرى التي تضمنها، وإنما ثبوتها معتمد لورودها في روايات أخرى صحيحة سيأتي بيانها في موضع كل اسم . وأما الهْوِيّ فقد ورد في حديث صحيح رواه النسائي من حديث ربيعة بن كعب ،الأسلمي t أنه قال: ( كُنْتُ أَبِيتُ عِنْدَ حُجْرَةِ النَّبِي فَكُنْتُ أَسْمَعُهُ إِذَا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ يَقُولُ: سُبْحَانَ اللهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ الْهَوِىَّ، ثُمَّ يَقُولُ: سُبْحَانَ اللهِ وَبِحَمْدِهِ الْهَوِىَّ ) ( )، وقد فسره البعض على أنه اسم، وليس هذا مقصد الراوي لأن الحديث ورد تفسيره في روايات أخرى صحيحة أنه يعني بالهوي ، فعند الترمذيوقت الليل الطويل قبل منتصفه أو بعده، ولا يعنيه اسما لله وصححه الشيخ الألباني قال ربيعة t: ( كُنْتُ أَبِيتُ عِنْدَ بَابِ فَأُعْطِيهِ وَضُوءَهُ فَأَسْمَعُهُ الْهَوِىَّ مِنَالنَّبِيِّ اللَّيْلِ يَقُولُ: سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ وَأَسْمَعُهُ الْهَوِىَّ مِنَ اللَّيْلِ يَقُولُ: الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ) ( ) . وقد عده الإمام القرطبي من الأسماء الحسنى وقال: ( منها الهوي جل جلال الله وتقدست أسماؤه ) ( )، ثم تأوله معناه بأنه المحبوب من خلقه العارفين بحقه . وهذا على فرض ثبوته أو احتمال أن يكون ما أخطأ فيه الراوي صحيحا من وجه، مع أنه نقل عن الأقليشي أن ذلك من أغرب ما ورد في صفات الله تعالى، وأنه خطأ من أبي نعيم صاحب ابن المبارك في تفسيره للأسماء، حيث جعله اسما وفسره في حق الله بمعنى الطويل الدائم، ثم بين أنه أشكل عليه الأمر ودخل عليه اللبس، وأن رواية الترمذي فسرت ما حدث من اللبس، وأن الهوى ليس بصفة لله منتعالى وإنما هو وصف الليل، ومراد الراوي أنه كان يسمع صوت رسول الله الليل وهو يصلي، فربما كان يسمعه في النصف الأول، وربما كان يسمعه في النصف الآخر ( ) . وأما المنعم والمفضل فقد وردا في حديث ضعيف مرسل رواه ابن أبي شيبة والبيهقي من طريق الأعمش عن حبيب بن أبي ثابت عن بعض أشياخه أنه قال: ( إذا أتَاهُ الأمْرُ مما يُعْجبه قَال: الحمْدُ لله المنْعِمكَانَ المفْضِل الذي بنعْمَتِه تَتِم الصَّالحات، وإذا الأمْرُ أتَاهُ مما يَكرَهُه قال: الحمْدُ لله عَلى كُلِّ حَال ) ( ) . وأما اعتبار رمضان من أسماء الله الحسنى فلا يصح لأنه لم يثبت في حديث صحيح وإنما رواه البيهقي وابن عدي من حديث أبي هريرة t أن رسول الله قال: ( لاَ تَقُولُوا رَمَضَانَ فَإِنَّ رَمَضَانَ اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ اللهِ وَلَكِنْ قُولُوا شَهْرُ رَمَضَانَ ) ( )، وهو حديث ضعيف وقيل موضوع، وقد عده الإمام القرطبي من الأسماء الحسنى وشرح معناه، مع أنه جزم بأنه لم يأتي في الكتاب ولا في السنة الثابتة، بل نفي في تفسيره أن يكون اسما فقال: ( روى رمضان اسم من أسماء الله تعالى وهذا ليس بصحيح؛ فإنه من حديث أبي معشر نجيح وهو ضعيف ) ( ) . وكذلك الحال في اعتبار آمين اسما من أسماء الله الحسنى استنادا إلى بعض الروايات الموقوفة والمرفوعة التي لم تصح كما روى ابن أبي شيبة في مصنفه عن هلال بن يساف موقوفا، وكذلك عن جابر بن عبد الله t أنه قال: ( آمين اسم من أسماء الله تعالى ) ( )، ورواه أيضا عبد الرزاق في مصنفه موقوفا على أبي هريرة t ( )، قال ابن كثير: ( وحكى القرطبي عن مجاهد وجعفر الصادق وهلال بن يساف أن آمين اسم من أسماء الله تعالى، وروي عن ابن عباس مرفوعا ولا يصح، قاله أبو بكر بن العربي المالكي ) ( ) . وإنماوأما الأعز والقيام فقد تقدم أن الأعز لم يرد مرفوعا إلى النبي ورد موقوفا على ابن مسعود t وابن عمر t: ( رب اغفر وارحم وأنت الأعز الأكرم ) ( )، قال الشيخ الألباني: ( وروي مرفوعا ولم يصح ) ( )، أما اعتباره في حكم المرفوع عند بعض المحدثين فلا يكفي ذلك لإثباته اسما، بل لا بد في الشرط الأول من شروط الإحصاء ثبوت الاسم في نص صريح ورد في حديث مرفوع صحيح . وأما القيام فقد ورد في قراءة شاذة صحت عن عمر بن الخطاب t أنه قرأ: ( اللهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْحَيُّ الْقَيَّامُ )، وقد رواها الإمام البخاري في صحيحه ( )، قال ابن جرير الطبري: ( والقراءة التي لا يجوز غيرها عندنا في ذلك ما جاءت به قراءة المسلمين نقلا مستفيضا عن غير تشاعر ولا تواطؤ وراثة، وما كان مثبتا في مصاحفهم، وذلك قراءة من قرأ الحي القيوم ) ( ) .
________________________________________ الشرط الثاني: علمية الاسم واستيفاء العلامات اللغوية . يشترط في إحصاء الأسماء الحسنى وجمعها من الكتاب والسنة علمية الاسم، فلا بد أن يرد في النص مرادا به العلمية ومتميزا بعلامات الاسمية المعروفة في على ما يعرفون مناللغة؛ لأن القرآن نزل بلغة العرب وخطابهم الله قواعدها وأصولها، ومن ثم فإن قواعد اللغة تعد أساسا مهما في تمييز الاسم والتعرف عليه . ويتميز الاسم عن الفعل والحرف بخمس علامات لغوية أساسية معروفة، كأن يدخل وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّعليه حرف الجر، كما ورد في قول الله تعالى: تَنْزِيلٌ مِنَ [الفرقان:58]، وكذلك قوله: الَّذِي لا يَمُوتُ [فصلت:2]، أو يرد الاسم منونا؛ فالتنوين منالرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ علامات الاسمية كقوله تعالى: [النساء:17] . وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً [سبأ:15]، وقوله: أو تدخل عليه ياء النداء كما ورد عند البخاري من حديث أنس t أن النبي قال: ( إِنَّ اللهَ وَكَّلَ فِي الرَّحِمِ مَلَكًا فَيَقُولُ: يَا رَبِّ نُطْفَةٌ، يَا رَبِّ عَلَقَةٌ، يَا رَبِّ مُضْغَةٌ ) ( )، وكما ورد عند أبي داود وصححه الألباني من حديث أنس بن مالك t أنه كان مع رسول الله جالسا ورجل يصلي ثم دعا: ( اللهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِأَنَّ لَكَ الْحَمْدَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ الْمَنَّانُ بَدِيعُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ، يَا ذَا الْجَلاَلِ وَالإِكْرَامِ، يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ، : لَقَدْ دَعَا اللهَ بِاسْمِهِ الْعَظِيمِ الذِيفَقَالَ النَّبيُّ إِذَا دُعِيَ بِهِ أَجَابَ وَإِذَا سُئِلَ بِهِ أَعْطَى ) ( )، أو يكون الاسم معرفا بالألف واللام، فذلك من أهم العلامات المميزة للاسم كما ورد : [الأعلى:1]، وقوله سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى في قوله تعالى: [يس:5]، أو يكون المعنى مسندا إليه تَنْزِيلَ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ الرَّحْمَنُ فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيراً محمولا عليه كقوله تعالى: وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ لَوْ[الفرقان:59]، وقوله: [الكهف:58]،يُؤَاخِذُهُمْ بِمَا كَسَبُوا لَعَجَّلَ لَهُمُ الْعَذَابَ فالمعنى في الآيتين ورد محمولا على اسم الله الرحمن واسمه الغفور مسندا إليهما وهذه من أهم العلامات التي تميز الاسم وعلميته . قال في شرح قطر الندى في معنى الإسناد إليه: ( وهي الحديث عنه كقام زيد فزيد اسم لأنك حدثت عنه بالقيام وهذه العلامة أنفع العلامات المذكورة للاسم ) ( ) . وقال ابن هشام الأنصاري: ( الإسناد إليه وهو أن يسند إليه ما تتم به الفائدة سواء كان المسند فعلا أو اسما أو جملة .. وهذه العلامة هي أنفع علامات الاسم ) ( )، فهذه خمس علامات يتميز بها الاسم عن الفعل والحرف، وقد جمعها ابن مالك في قوله: بالجر والتنوين والندا وأل : ومسند للاسم تمييز حصل ( ) . وَلِلَّهِأما الدليل على هذا الشرط فهو مأخوذ من قوله تعالى: [الأعراف:180]، وقوله أيضا: الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيّاً مَا تَدْعُوا [الإسراء:110]، ووجه الاستدلال أنهفَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى سبحانه قال: ولله الأسماء، فله الأسماء، ولم يقل: ولله الأوصاف الحسنى أو فله الأفعال الحسنى وشتان بين الأسماء والأوصاف عند سائر العلماء وسائر العقلاء، فالوصف لا يقوم بنفسه وإنما يقوم بموصوفه، والفعل لا يتم إلا بفاعله؛ إذ لا يصح أن نقول: الرحمة استوت على العرش، أو العزة أجرت الشمس، أو العلم والحكمة والخبرة وغير ذلك من الصفات أنزلت الكتاب وأظهرت على ما غاب، فهذه كلها أوصاف لا تقوم بنفسها بخلاف الأسماء الدالة عليالنبي الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ: المسمى الذي اتصف بها، ولذلك قال [طه:5]، فذكر الاسم وهو يتضمن الوصف دون انعكاس، وقال تعالى: اسْتَوَى وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ [يس:38]، فاسم الله العزيز دل على وصف العزة دون العكس، وقالالْعَلِيمِ تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ : وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ[الزمر:1]، وقال أيضا: أَزْوَاجِهِ حَدِيثاً فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ قَالَتْ مَنْ أَنْبَأَكَ هَذَا قَالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ [التحريم:3] .الْخَبِير وجميع المواضع التي يذكر فيها الاسم المميز بعلاماته الخمس فإنه يكون في موضعه علما ووصفا معا، بخلاف انفراد الوصف أو الفعل، فلا بد من قيام الوصف بموصوفه وقيام الفعل بفاعله، وبخلاف أسمائنا وأوصافنا أيضا، لأنه من الأمور الجوهرية في فهم الأسماء الحسنى ودلالتها على الصفات ضرورة التمييز بين الاسم ودلالته الوضعية عندما يستعمل في حق المخلوق والاسم ودلالته في حق الخالق . وعدم فهم هذه المسألة أحدث لبسا أو غموضا عند بعض أهل العلم وتردد في : ( إِنَّ اللهَ جَمِيلٌإدخال اسم الجميل الذي دل عليه قول النبي يُحِبُّ الْجَمَالَ ) ( )، ظنا منه أن اسم الله الجميل في هذا الموضع وصف وليس اسما، وهو من باب الخبر كما تقول: سعيد سعيد؛ فالأول عند العقلاء اسم والثاني وصف، وكذلك ظنهم في اسم الله الوتر والطيب والجواد والحيي والستير وليست من الأسماء الحسنى .والمحسن والرفيق حيث اعتقدوا أنها أوصاف لله وهذا الظن غالبا ما ينشأ في توحيد الأسماء والصفات من عدم التمييز بين دلالة الاسم على الوصف في حق الله تعالى ودلالته في حقنا، فلو قلنا مثلا: سعيدٌ سعيد كلاهما من الناحية اللغوية اسمان، لكن الأول في استعماله المتعارف بين الناس لا يراد به إلا العلمية التي تميزه عن غيره، ولا يعني المنادي في ندائه أو مخاطبته سعيدا غير ذاته المتميزة بالاسم فقط، بغض النظر إن كانت صفة السعادة موجودة فيه أم معدومة فالاسم في حق البشر فارغ من الوصفية عند التسمي أو حال الولادة، لأن وجود الوصف وتحققه فيه مستقبلا يكون مجرد احتمال، بل لما سمى الإنسان سعيدا عند الولادة فإن أحدا لا يعلم أنه في مستقبله سيكون حزينا أم سعيدا، لأن ذلك أمر غيبي غير معلوم أو سر مخبأ في قدره المحتوم، فلما اكتسب المولود المسمى سعيدا وصف السعادة كحالة طارئة وصفة زائدة قامت به ووصف بها استدعى ذلك تعبيرا إضافيا عن حلول صفة السعادة فيه واكتسابه لها، فقلنا: سعيد سعيد أو سعيد في منتهى السعادة . فتختلف اختلافا كليا عن ذلك، لأنه سبحانه ليسأما الأسماء في حق الله لَيْسَ كَمِثْلِهِكمثله شيء في أسمائه وصفاته وأفعاله كما قال تعالى: [الشورى:11]، فأسماؤه علمية ووصفيةشَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ معا في آن واحد، ولا يمكن قياسها بما سبق في حق المخلوق، ولذلك لم يقل محسن، فيما ثبت من الروايات: إن الجواد سبحانه جواد، وإن المحسن النبي وإن الحيي الستير حيي ستير، وإن الجميل سبحانه جميل، والوتر وتر، كما قلنا في حق المخلوق سعيد سعيد ومنصور منصور وصالح صالح؛ لأن الأسماء في حق الله أعلام وأوصاف، سواء ذكر الاسم أولا أو ثانيا، مبتدأ أو خبرا، أو في أي موضع كان من النص فهو علم ووصف معا
...يتبع/...
ABOUHAYDER
عدد الرسائل : 430 الموقع : مكان ما تاريخ التسجيل : 20/03/2008
موضوع: رد: أسماء الله الحسنى الثابتة في الكتاب والسنة لفضيلة الدكتور محمود عبد الرازق الرضواني الأحد 23 مارس - 15:58
**14** أما الأسماء في حقنا فهي على الأغلب أعلام بلا أوصاف فجاز في حق المخلوق سعيد سعيد ومنصور منصور وصالح صالح، لكن لو ذكر ذلك في حق الخالق لصار ، ولذلك فإنتكرارا وحشوا بلا معنى يتنزه عنه من أوتي جوامع الكلم أنه قال: ( إِنَّ اللهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الْجَمَالَ ) (الثابت عن النبي ورد في الحديث منونا والتنوين من علامات الاسمية،)، فالجميل اسم لله : يحب الجمال، وكذا الحالوأضيف إليه المعنى بعده، وهو ما ورد في قوله في اسم الله الجواد الذي ورد من حديث سعد بن أبي وقاص t أن رسول الله قال: ( إِنَّ الله عَزَّ وَجَلَّ جَوادٌ يُحِبُّ الجودَ ) ( ) . قال: ( وَإِنَّوكذلك الوتر ورد عند مسلم من حديث أبي هريرة t أن النبي اللهَ وِتْرٌ يُحِبُّ الْوِتْرَ ) ( )، والرفيق اسم ورد عند الإمام قال: ( إِنَّ اللهالبخاري من حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي رَفِيقٌ يُحِبُّ الرِّفْقَ ) ( ) ، والمحسن ورد عند الطبراني وصححه الشيخ قال: ( فإِنَّ اللهَ محسِنالألباني من حديث أنس بن مالك t أن رسول الله يُحِبُّ الإحْسان ) ( )، والحيي والستير وردا كذلك عند أبي داود من حديث قال: ( إِنَّ الله عَزَّ وَجَلَّ حَيِىٌّيعلى بن أمية أن رسول الله سِتِّيرٌ يُحِبُّ الْحَيَاءَ وَالسَّتْرَ ) ( ) . ومن ثم فإن اسم الله الجواد والجميل والوتر والرفيق والمحسن والحيي والستير وغير ذلك من الأسماء الحسنى كلها تدل على العلمية والوصفية معا، أسماؤه وأوصافه أولية أزلية ودائمة أبدية، فلم يطرأ عليه وصفلأن الله كان مفقودا أو يستجد به كمال لم يكن موجودا كما طرأت السعادة واستجد النصر والصلاح على سعيد ومنصور وصالح، وسوف يأتي تفصيل ذلك إن شاء الله عند الحديث عن دلالة الأسماء على الصفات، ومن ثم فإن الشرط الثاني من شروط وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُالإحصاء علمية الاسم لقول الله تعالى: [الأعراف:180]، ولم يقل الأوصاف أوالْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا الأفعال، كما أن معنى الدعاء أن تدخل علي الأسماء أداة النداء، سواء ظاهرة أو مضمرة، والنداء من علامات الاسمية، فلا بد أن تتحقق في الأسماء الحسنى علامات الاسم اللغوية، وقد ذكر ابن تيمية رحمه الله هذا الشرط ضمن قوله: ( الأسماء الحسنى المعروفة هي التي يدعى الله بها، وهي التي جاءت في الكتاب والسنة، وهي التي تقتضي المدح والثناء بنفسها ) ( ) . وعليه فإن كثيرا من الأسماء المشتهرة على ألسنة الناس هي في الحقيقة أوصاف وأفعال وليست من الأسماء الحسنى، ونحن قد علمنا من مذهب السلف الصالح أن أسماء الله الحسنى نصية توقيفية، لا بد فيها من أدلة قرآنية أو ما صح عن في السنة النبوية، وليست أسماء الله مسألة عقلية اجتهادية يشتقالنبي فيها الإنسان لربه من وصفه أو فعله ما يشاء من الأسماء، فهذا قول على الله بلا علم أو دليل . وكثير من العلماء لاسيما من أدرج الأسماء في حديث الترمذي وابن ماجة والحاكم جعلوا المرجعية في علمية الكثير من الأسماء إلى أنفسهم واجتهادهم، وليست إلى النص الثابت في الكتاب والسنة، وهذا يعارض ما اتفق عليه السلف الصالح في كون الأسماء الحسنى توقيفية . بالمعز المذلومثال الأسماء التي تدخل تحت هذه النوعية، تسمية الله الخافض المبديء المعيد الضار النافع المميت الباعث الباقي العدل المحصي المقسط المغني، فمن الذي سمى الله بهذه الأسماء؟! هل سمى الله نفسه بها أم ؟!سماه رسوله هذه الأسماء جميعها لم ينطبق عليها الشرط الأول ولا الشرط الثاني وهو ورود النص بعلمية الاسم؛ وقد سبق وأشرنا أن المعز والمذل اسمان اشتهرا بين الناس شهرة واسعة على أنهما من الأسماء الحسنى، وهما وإن كان معناهما ، فقدصحيحا لكنهما لم يردا في القرآن أو السنة اسمين علمين على ذات الله ذكرهما من أدرج الأسماء في حديث الترمذي وكذلك عند ابن ماجة والبيهقي وغيرهم ( ) . قُلِ اللَّهُمَّأما حجتهم أو دليلهم على الاسمين فهو قوله تعالى: مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ [آل عمران:26] .الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وكذلك اسم الخافض استندوا فيه إلى ما رواه مسلم من حديث أبي موسى الأشعري قال: ( إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَل لاَ يَنَامُ وَلاَ يَنْبَغِيt أن النبي لَهُ أَنْ يَنَامَ يَخْفِضُ الْقِسْطَ وَيَرْفَعُهُ ) ( )، واستند الإمام يَسْأَلُهُ مَنْالبيهقي في ثبوته إلى المعنى الذي ورد في قوله تعالى: فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ أنه قال: ( مِنْ شَأنه[الرحمن:29]، وما ذكره بسنده مرفوعا إلى النبي أنْ يِغفرَ ذَنبا وَيفَرِّج كَربا وَيرْفَعُ قَومَا وَيَضَعُ آخَرين ) ( )، وهذا غير كاف في إثبات الاسم . وكذلك أيضا اسم المبديء والمعيد ذكرهما من أدرج الأسماء في حديث الترمذي وابن ماجة والحاكم وكذلك البيهقي وغيرهم كثير فقد اشتقوا هذين الاسمين إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُباجتهادهم استنادا إلى الأفعال كما قوله تعالى: توقيفية وليس في الآيتين [البروج:13]، ومعلوم أن أسماء الله وَيُعِيدُ سوى الفعلين فقط، وكذلك أيضا الضار والنافع اسمان مشهوران استندوا فيهما قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلاإلى المفهوم من قوله تعالى: [الأعراف:188]، أو ما ورد عند الترمذيضَرّاً إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ قال له: ( وَاعْلَمْوصححه الشيخ الألباني من حديث ابن عباس t أن النبي أَنَّ الأُمَّةَ لَوِ اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلاَّ بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللهُ لَكَ، وَلَوِ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَضُرُّوكَ إِلاَّ بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللهُ عَلَيْكَ ) ( ) . ولم يُذكر في الآية أو الحديث النص على الاسم أو حتى الفعل ولم أجد في القرآن أو في السنة إلا الفعل نفع فيما ورد عند البخاري من حديث عائشة رضي الله عنها أنها قالت: ( فَمَا كَانَتْ مِنْ خُطْبَتِهِمَا مِنْ خُطْبَةٍ إِلاَّ نَفَعَ اللهُ بِهَا، لَقَدْ خَوَّفَ عُمَرُ النَّاسَ وَإِنَّ فِيهِمْ لَنِفَاقًا فَرَدَّهُمُ اللهُ بِذَلِكَ ) ( )، وهذا أيضا لا يكفي في إثبات الاسم لأن تسمية الله بما نشاء ليس من حقنا ولم يرد به إذن شرعي، أما الضار فالجميع استند إلى المفهوم من الآية والحديث ( ) . بالعدل، والعدل معناه صحيح في حق الله ولكنه لم يردوكذلك تسمية الله إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُاسما ودليلهم المعنى المفهوم من قوله تعالى: [النحل:90]، أوبِالْعَدْلِ وَالْإحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلاً لا مُبَدِّلَ: قوله [الأنعام:115]، أو قولهلِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ [الانفطار:7]، وهذا الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ سبحانه: كله غير كاف في إثبات الاسم، وليس من حقنا تسمية الله بما لم يسم به نفسه . بالجليل حيث ذكره جمع كبير من العلماء وهو محفوظ ضمنوكذلك تسمية الله الأسماء المشهورة؛ مع أن الاسم لم يرد في الكتاب ولا في السنة، ومن أدرجه استند في إثباته إلى اجتهاده في الاشتقاق من الوصف الذي ورد في قوله وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالْإكْرَامِ تعالى: تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلالِ أيضا: [الرحمن:27]، وقوله [الرحمن:78]، وهذا غير كاف في التسمية فذو من الأسماءَوالْإكْرَامِ الخمسة وليست من الأسماء الحسنى، وفرق كبير بين الجلال والجليل أو بين ذُو الْقُوَّةِ وصف نفسه بالقوة فقال: الوصف والاسم، كما أن الله وَهُوَ الْقَوِيُّ [الذاريات:58] وسمى نفسه القوي فقال: الْمَتِينُ وَرَبُّكَ [الشورى:19]، ووصف نفسه بالرحمة فقال تعالى: الْعَزِيزُ [الأنعام:133]، وسمى نفسه الرحمن الرحيمالْغَنِيُّ ذُو الرَّحْمَةِ [فصلت:2]، ولما كانت تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ فقال: توقيفية ولا يجوز لنا أن نسمي الله إلا بما سمى به نفسه أوأسماء الله ؛ فإن الله وصف نفسه بالجلال ولم يسم نفسه الجليل .سماه به نبيه ومن ذلك أيضا تسمية الله بالباعث استنادا إلى الاشتقاق من الفعل الذي ورد [الأنعام:36]، وَالْمَوْتَى يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ في قوله تعالى: ثُمَّ بَعَثْنَاكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْوقوله: : [البقرة:56]، وتسميتهم لله بالمحصي استنادا لقوله تَشْكُرُونَ [يس:12]، أو قوله: وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ [المجادلة:6] .أَحْصَاهُ اللَّهُ وَنَسُوهُ وكذلك التسمية بالمميت والقاضي استندوا في ذلك إلى اجتهادهم في الاشتقاق هُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُمن الفعل الذي ورد في قوله تعالى: فَإِذَا قَضَى أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ [غافر:68]، وتسمية الله بالمقسط لم يستندوا فيها إلى وصف أو فعل ولكن إلى قُلْ أَمَرَأمره تعالى بالقسط ومحبته للمقسطين كما في قوله تعالى: وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ: [الأعراف:29]، وقوله رَبِّي بِالْقِسْطِ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ [المائدة:42]، وكذلك تسميته بالمانع استنادا إلى اجتهادهم في الاشتقاق من الفعل الذي ورد في حديث معاوية t مرفوعا: ( اللهُمَّ لاَ مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ وَلاَ مُعْطِىَ لِمَا مَنَعْتَ ) ( ) . وكذلك تسمية الله بالمغني استنادا إلى الاشتقاق من الفعل في قوله: [النور:33]، وأيضا تسميةحَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ الله بالباقي لم أجد دليلا استندوا إليه إلا ما ورد في قوله تعالى: [الرحمن:27]،وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ َالْإكْرَامِ وَلَوْلا دَفْعُوالدافع استندوا إلى المصدر من الفعل دفع في قوله: اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَكِنَّ [البقرة:251] ( )، وكذلك تسميةاللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ هُوَ الَّذِي بالمصلي استنادا إلى اشتقاقهم من الفعل في قوله: الله يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ [الأحزاب:43]، أوإِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا: قوله أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً [الأحزاب:56]، وقس على ذلك أيضا تسمية الله سبحانه بالفاتن والبالي والراتق والساتر والسخط والمبغض والمحب والمفني والمنجي والمرشد والمنزع وغير ذلك من الأسماء التي اشتقت من أوصاف الله وأفعاله . والأمثلة في ذلك كثيرة والقصد أن كثيرا من الأسماء المدرجة والمشتهرة على أوألسنة العامة والخاصة ليست من الأسماء الحسنى وإنما هي أوصاف لله أفعال وهي إن كان معناها حق إلا أن دورنا حيال الأسماء الجمع والإحصاء ثم الحفظ والدعاء وليس الاشتقاق والإنشاء أو تسمية الله بما نشاء . لا يقاس على خلقه بقياس تمثيلي أو شمولي ( )، لأن أفعاله صادرة عنوالله أسمائه وصفاته بعكس أسماء المخلوقين فهي صادرة عن أفعالهم؛ فالرب تبارك وتعالى أفعاله عن كماله، والمخلوق كماله عن أفعاله فاشتقت له الأسماء بعد أن كمل بالفعل، أما الرب سبحانه فلم يزل كاملا فحصلت أفعاله عن كماله لأنه كامل بذاته وأسمائه وصفاته وأفعاله، كمل ففعل، والمخلوق فعل فكمل الكمال اللائق به ( ) ، ومن ثم فإن ورود النص صريحا بعلمية الاسم من أهم الضوابط أو الشروط في التعرف على أسماء الله الحسنى، وسيأتي بإذن الله تعالى حصر الأسماء التي أدرجت في الروايات والتي لم تنطبق عليها شروط الإحصاء . الشرط الثالث: إطلاق الاسم دون إضافة أو تقييد . من الشروط الأساسية اللازمة لإحصاء الأسماء الحسنى أن يرد الاسم في سياق النص مفردا مطلقا دون إضافة مُقَـيِّدة أو قرينة ظاهرة تحد من الإطلاق وذلك بأن يفيد المدح والثناء على الله بنفسه؛ لأن الإضافة والتقييد يحدان من إطلاق الحسن والكمال على قدر ما أضيف إليه الاسم أو قيد به، والله ذكر أسماءه باللانهائية في الحسن وهذا يعني الإطلاق التام الذي يتناول جلال الذات والصفات والأفعال . وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى وهذا الشرط مأخوذ من قوله تعالى: [الأعراف:180]، أي البالغة مطلق الحسن بلا حد ولا قيد، قال الإمام القرطبي: ( وحسن الأسماء إنما يتوجه بتحسين الشرع لإطلاقها والنص عليها، وانضاف إلى ذلك أنها تقتضي معاني حسانا شريفة ) ( )، وقال الآلوسي: ( الحسنى أنيث الأحسن أفعل تفضيل ومعنى ذلك أنها أحسن الأسماء وأجلها لأنبائها عن أحسن المعاني وأشرفها ) ( ) . ويدخل في معنى الإطلاق اقتران الاسم بالعلو المطلق لأن معاني العلو جميعها سواء علو الشأن أو علو القهر أو علو الذات والفوقية هي في حد ذاتها إطلاق؛ فالعلو يزيد الإطلاق كمالا على كمال وجلالا فوق الجلال، وقد ذكر الله من وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ أسمائه الحسنى القدير فقال: [التوبة:39] حيث ورد الاسم في الآية مطلقا معرفا ومنونا مرادا به العلمية ومقرونا بمعاني العلو والفوقية، وفي موضع آخر ذكره مطلقا فقط من غير عَسَى اللَّهُ أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَكُمْاقتران بالعلو فقال سبحانه: وَبَيْنَ الَّذِينَ عَادَيْتُمْ مِنْهُمْ مَوَدَّةً وَاللَّهُ قَدِيرٌ [الممتحنة:7]، وعند المقارنة بين الموضعينوَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ نجد أن العلو لا يحد من إطلاق الوصف، بل يزيده كمالا على كمال وجمالا فوق الجمال . ومن ثم فإن كل اسم اقترن بمعاني العلو أو الفوقية فهو مطلق في الدلالة على الحسن والكمال يفيد المدح والثناء على الله بنفسه، كقوله تعالى في اسمه [النساء:85]، وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقِيتاً المقيت: [سبأ:47]، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ في اسمه الشهيد: وقوله وَرَبُّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍوكذلك اسم الله الحفيظ في قوله تعالى: وَكَانَ اللَّهُ عَلَى [سبأ:21]، والرقيب في قوله سبحانه: حَفِيظٌ [الأحزاب:52]، والحسيب أيضا في قوله تعالى: كُلِّ شَيْءٍ رَقِيباً [النساء:86]، والمقتدرإِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيباً وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِراً : في قوله وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ[الكهف:45]، وكذلك القاهر في قوله: [الأنعام:18] . وكذلك أيضا إذا ورد الاسم معرفا بالألف واللام مطلقا بصيغة الجمع والتعظيم فإنه يزيد الإطلاق عظمة وجمالا وحسنا وكمالا، وينفي في المقابل أي احتمال لتعدد الذوات أو دلالة الجمع على غير التعظيم والإجلال كما ورد في قوله : [المرسلات:23]، وقوله فَقَدَرْنَا فَنِعْمَ الْقَادِرُونَ تعالى: وَإِنَّا لَنَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَنَحْنُ الْوَارِثُونَ وَلَقَدْ نَادَانَا نُوحٌ فَلَنِعْمَ[الحجر:23]، وقوله تعالى: [الصافات:75] .الْمُجِيبُونَ وهذا الشرط ذكره ابن تيمية ضمن تعريفه للأسماء الحسنى حيث قال: ( الأسماء الحسنى المعروفة هي التي يدعى الله بها، وهي التي جاءت في الكتاب والسنة، وهي التي تقتضي المدح والثناء بنفسها ) ( ) .
...يتبع/...
ABOUHAYDER
عدد الرسائل : 430 الموقع : مكان ما تاريخ التسجيل : 20/03/2008
موضوع: رد: أسماء الله الحسنى الثابتة في الكتاب والسنة لفضيلة الدكتور محمود عبد الرازق الرضواني الأحد 23 مارس - 16:01
**15**
وإذا كانت الأسماء الحسنى لا تخلو في أغلبها من تصور التقييد العقلي بالممكنات وارتباط آثارها بالمخلوقات كاسم الله الخالق والخلاق والرازق والرزاق؛ أو لا تخلو من تخصيص عقلي ما يتعلق ببعض المخلوقات دون بعض كالأسماء الدالة على صفات الرحمة والعفو والمغفرة مثل الرحيم والعفو والغفور والغفار؛ فإن ذلك التقييد لا يدخل تحت الشرط المذكور، وإنما المقصود هو التقييد بالإضافة الظاهرة في النص التي تستدعي أن يذكر الاسم غَافِرِ كالغافر والقابل والشديد في قوله: كما ذكره الله ورسوله [غافر:3] .الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِوكذلك الفاطر والجاعل في قوله تعالى: [فاطر:1]،السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلائِكَةِ رُسُلاً والمنزل والسريع في الحديث الذي رواه البخاري من حديث عبد الله بن أبي دعا يوم الأحزاب على المشركين فقال في دعائه: (أوفى t أن رسول الله اللهُمَّ مُنْزِلَ الْكِتَابِ سَرِيعَ الْحِسَابِ اللهُمَّ اهْزِمِ الأَحْزَابَ ) ( )، فهذا كله تقييد يجعل حسن الاسم مقرونا بالإضافة الظاهرة في النص، ولو أطلق لا يصح كإطلاق البالغ فيما قيده الله بالإضافة إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّفي قوله: إِنَّ [الطلاق:3]، وأيضا الخادع في قوله: شَيْءٍ قَدْراً [النساء:142]،الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ مَنْ كَانَ عَدُوّاً لِلَّهِوكذلك لا يصح إطلاق العدو في قوله: وَمَلائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللَّهَ [البقرة:98]، وكذلك المخزي يذكر كما ورد فيعَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ [التوبة:2]، وهكذا في وَأَنَّ اللَّهَ مُخْزِي الْكَافِرِينَ قوله: .سائر الأسماء التي قيدها الله ورسوله ومن الأسماء التي لم ينطبق عليها شرط الإطلاق المحيي حيث ورد مقيدا في إِنَّ الَّذِي أَحْيَاهَا لَمُحْيِي الْمَوْتَى قوله تعالى: رَفِيعُ الدَّرَجَاتِ ذُو الْعَرْشِ : [فصلت:39]، والرفيع في قوله [الصف:8] . وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ [غافر:15]، والمتم في قوله: وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ: وكذلك المستعان في قوله تعالى عن يعقوب [يوسف:18]، وقد يظن البعض أن الاسم ورد مطلقا فيماعَلَى مَا تَصِفُونَ عن عثمان t:رواه البخاري من حديث أبي موسى الأشعري t لما قال له النبي ( افْتَحْ لَهُ وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ عَلَى بَلْوَى تُصِيبُهُ، ،فَإِذَا عُثْمَانُ، فَأَخْبَرْتُهُ بِمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ فَحَمِدَ اللَّهَ ثُمَّ قَالَ: اللَّهُ الْمُسْتَعَانُ ) ( )، والأمر ليس ، فقد داركذلك لأمور منها أن الإطلاق في المستعان ليس من كلام النبي الأمر بين الصحابيين، ومنها أن المقصود هو طلب عثمان t الاستعانة والصبر : والله المستعان، ولذلك شك أبوعلى إنجاز مقتضى الوعد أخذا من قول يعقوب موسى الأشعري t في قول عثمان t هل قال: الله المستعان أم طلب الصبر من الله؟ ففي رواية مسلم عنه أنه قال: ( فَذَهَبْتُ فَإِذَا هُوَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ، قَالَ: فَفَتَحْتُ وَبَشَّرْتُهُ بِالْجَنَّةِ، قَالَ: فَقَالَ: اللَّهُمَّ صَبْرًا أَوِ اللَّهُوَقُلْتُ الَّذِي قَالَ الْمُسْتَعَانُ ) ( )، وفي رواية أحمد: ( اللَّهُمَّ صَبْراً وَعَلَى يتأسون بأدعية القرآن كمااللَّهِ التُّكْلاَنُ ) ( )، وقد كان الصحابة في حادثة الإفك لما قالت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: ( وَاللَّهِ لَئِنْ حَلَفْتُ لاَ تُصَدِّقُونِي، وَلَئِنِ اعْتَذَرْتُ لاَ تَعْذِرُونِي، فَمَثَلِي وَمَثَلُكُمْ كَمَثَلِ يَعْقُوبَ وَبَنِيهِ، فَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ ) ( ) ، وكثيرا ما يذكره المفسرون في كلامهم ويدعو به المسلمون في حياتهم اليومية لطلب الاستعانة على حاجة ما، فيذكر أحدهم الاسم مختصرا من غير إضافة وهو يعني الاستعانة المقيدة بقضاء حاجة بعينها، ذكر الدعاء بسببها ولأجلها . ومن الأسماء التي لم ينطبق عليها شرط الإطلاق الفالق والمخرج في قوله: إِنَّ اللَّهَ فَالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوَى يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِّ ذَلِكُمُ اللَّهُ قَالَ سَلامٌ [الأنعام:95]، والحفي في قوله: فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيّا اللَّهُ نُورُ[مريم:47]، ومن المقيد بالإضافة أيضا اسم النور في قوله: [النور:35]، والهادي في قوله تعالى: السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِنَّ اللَّهَ لَهَادِ الَّذِينَ آمَنُوا إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ [الحج:54]، وكذلك البديع في قوله: رَبَّنَا إِنَّكَ جَامِعُ[البقرة:117]، والجامع في قوله تعالى: [آل عمران:9]، وكذلك العالم في قوله:النَّاسِ لِيَوْمٍ لا رَيْبَ فِيهِ : [الرعد:9]، وقوله عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ عَاصِفَةً تَجْرِي بِأَمْرِهِ إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَكُنَّا بِكُلِّ شَيْءٍ عَالِمِينَ قُلْ إِنَّ رَبِّي يَقْذِفُ بِالْحَقِّ[الأنبياء:81]، والعلام في قوله: [سبأ:48]، والمحيط ورد مقيدا في غير آية كقول اللهعَلامُ الْغُيُوبِ أَلا إِنَّهُمْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقَاءِ رَبِّهِمْ أَلاتعالى: [فصلت:54]، هذا فضلا عن إفادة الباءإِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطٌ لمعنى الحلول الظرفية وهو أحد معانيها اللغوية ( )، فيذكر الاسم على تقييده بمعنى الكمال فقط . ومن الأسماء المقيدة في ظاهر النص والتي لا توافق شرط الإطلاق اسم الله وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلاالكاشف الذي ورد في قوله تعالى: [الأنعام:17]، وكذلك الصاحب والخليفة فيما وردكَاشِفَ لَهُ إِلا هُوَ عند السفر أنه كان يقول: ( في دعاء النبي عند مسلم من حديث ابن عمر اللهُمَّ أَنْتَ الصَّاحِبُ في السَّفَرِ وَالْخَلِيفَةُ في الأَهْلِ ) ( عند أبي داود وصححه)، وكذلك مقلب القلوب ورد مقيدا في حديث ابن عمر يحلفٌ بهذه اليَمِين: لاالألباني قال: ( أكثرُ مَا كان رسولُ الله ، وليس منومُقَلِّبَ القُلوبِ ) ( )، فلا يصح إطلاق ما قيده النبي : أسمائه الحسنى المقلب على إطلاق اللفظ، وكذلك القائم في قوله [الرعد:33] .أَفَمَنْ هُوَ قَائِمٌ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ ويدخل في حكم المقيد أيضا ما قيد بقرينة ظاهرة تعلق بها الاسم في سياق أَفَرَأَيْتُم مَّا تَحْرُثُونَ أَأَنْتُمْالنص كما في قوله تعالى: تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّار [الواقعة:63/64] حيث قيد اسمهِعُونَ أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَالزارع بما يحرثون، وكذلك المنزل في قوله: الَّذِي تَشْرَبُونَ أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ [الواقعة:68/69]، وكذلك قيد اسمه المنشيء في قولهنَحْنُ الْمُنْزِلُونَ أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ أَأَنْتُمْتعالى بعد ذلك: [الواقعة:71/72]،أَنْشَأْتُمْ شَجَرَتَهَا أَمْ نَحْنُ الْمُنْشِئُونَ والموسع تعلق في ظاهر النص بالسماء والماهد بفراشة الأرض قال تعالى: وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ وَالأَرْضَ [الذاريات:47/48]، وأيضا المستمعفَرَشْنَاهَا فَنِعْمَ الْمَاهِدُونَ قَالَ كَلَّا فَاذْهَبَا بِآياتِنَا إِنَّا مَعَكُمْورد مقيدا في قوله: كَمَا بَدَأْنَا [الشعراء:15]، وكذلك الفاعل في قوله: مُسْتَمِعُونَ أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْداً عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ [الأنبياء:104] . في قول أبي سفيان يوموكذلك اسم الأجل فيما رواه البخاري من حديث البراء غزوة أحد: ( يَوْمٌ بِيَوْمِ بَدْرٍ وَالْحَرْبُ سِجَالٌ، إِنَّكُمْ سَتَجِدُونَ فِي الْقَوْمِ مُثْلَةً لَمْ آمُرْ بِهَا وَلَمْ تَسُؤْنِي، ثُمَّ أَخَذَ يَرْتَجِزُ أُعْلُ هُبَلْ، أُعْلُ هُبَلْ، قَالَ النَّبِي : أَلاَ تُجِيبُوا لَهُ؟ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا نَقُولُ؟ قَالَ: قُولُوا اللَّهُ أَعْلَى وَأَجَلُّ، قَالَ: إِنَّ لَنَا الْعُزَّى : أَلاَ تُجِيبُوا لَهُ؟ قَالَ،وَلاَ عُزَّى لَكُمْ، فَقَالَ النَّبِي قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا نَقُولُ؟ قَالَ: قُولُوا اللَّهُ مَوْلاَنَا وَلاَ مَوْلَى لَكُمْ ) ( )، والمعنى الظاهر من قرينة النص ورد هم على القائل، الله أعلى وأجل من هبل وآلهتكم الباطلة . ويجدر التنبيه على أن بعض الصيغ التي يتعلق بها الاسم كصيغة إنا كنا، وما كنا، وإن كنا، وكنا بكل شي، وكفى به، أو كفى بنا، وإنا المقترنة بلام إِنَّا: الخبر لا تتوافق مع شرط الإطلاق كالمنذر في قوله أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيات وَإِنْ[الدخان:3]، والمبتلي في قوله تعالى: وَمَا كُنْتَ [المؤمنون:30]، والمرسل في قوله: كُنَّالَمُبْتَلِينَ ثَاوِياً فِي أَهْلِ مَدْيَنَ تَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا وَلَكِنَّا وَعَلَى الَّذِينَ: [القصص:45]، والصادق في قوله كُنَّا مُرْسِلِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُمَا إِلَّا مَا حَمَلَتْ ظُهُورُهُمَا أَوِ الْحَوَايَا أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ ذَلِكَ جَزَيْنَاهُمْ [الأنعام:146]، وكذلك المبرم فيبِبَغْيِهِمْ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ أَمْ أَبْرَمُوا أَمْراً فَإِنَّا مُبْرِمُونَ قوله تعالى: وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ: [الزخرف:79]، والحاسب في قوله لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا [الأنبياء:47] .حَاسِبِينَ وهذه الصيغ ــ منذرين مبتلين مرسلين صادقون مبرمون حاسبين ــ ليس فيها من علامات الاسمية إلا الواو والنون أو الياء والنون كبديل عن التنوين في حال الإفراد ولو أفردت لقيل: منذرٍ مبتلي مرسلٍ صادقٌ مبرم حاسبٍ؛ فلم تدخل عليها في هذه المواضع أو غيرها لام التعريف ولا ياء النداء ولا حرف الجر، بخلاف اسمه القادر والوارث والمجيب فهي أسماء صريحة في الصياغة بغض النظر عن إضافة الواو والنون أو عدم إضافتها؛ فهذه الثلاثة معرفة بلام التعريف ومطلقة في دلالتها بنفسها على العلمية وصريحة أيضا بمفردها في صياغتها الاسمية، فإذا اقترنت بالواو والنون أو الياء والنون أو لم تقترن لا يتطرق إليها أي احتمال للكثرة والعددية، ولا يتصور معها التعدد في الذات الإلهية، بل تجعل الجمع محصورا في دلالته على التعظيم مع إثبات العلمية والوصفية، والتعظيم كما علمنا يزيد الإطلاق عظمة وجمالا وحسنا وكمالا، كما وَإِنَّا لَنَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَنَحْنُقال سبحانه وتعالى: وَلَقَدْ نَادَانَا نُوحٌ [الحجر:23]، وقال جل شأنه: الْوَارِثُونَ فَقَدَرْنَا [الصافات:75]، وقال سبحانه: فَلَنِعْمَ الْمُجِيبُونَ [المرسلات:23] .فَنِعْمَ الْقَادِرُونَ أما تلك الصيغ فهي أقرب إلى الأفعال الوصفية من العلمية أو من قبيل مشابهة الصفة بالفعل لأن الفعل تتصل به هذه العلامة، فضاربون مثل يضربون، وكذلك مبتلون ومرسلون ومبرمون وحاسبون مثل يبتلون ويرسلون ويبرمون ويحسبون ( ) . ومعلوم أن جمْعها بالواو والنون أو الياء والنون محمول على جمع المذكر السالم في الإعراب كأسماء الجموع، ومن جهة أخرى فإن هذه الصيغ مقيدة بموضع التعظيم والكمال دون المعنى الذي يتطرق إليه الاحتمال؛ وهذا بخلاف التنوين في حال الإفراد أو دخول لام التعريف والنداء ( ) . وأيضا فإن هذه الصيغ تقيد دائما بما ورد من قرينة في السياق لأن تصور التقييد العقلي فيها لا يحسن مع الإطلاق، ولذلك فإن هذه الأسماء يذكرها المفسرون دائما على معنى التقييد، فالفاعل يذكر متعلقا بالشيء المفعول، والمبتلي مثلا يذكر متعلقا بمن وقع عليه الابتلاء، والصادق يذكر مقيدا بما يدفع الكذب والافتراء . قال ابن جرير الطبري: ( وقوله وإنا لصادقون يقول: وإنا لصادقون في خبرنا هذا عن هؤلاء اليهود عما حرمنا عليهم من الشحوم ولحوم الأنعام والطير التي ذكرنا أنا حرمنا عليهم وفي غير ذلك من أخبارنا، وهم الكاذبون في زعمهم أن ذلك إنما حرمه إسرائيل على نفسه، وأنهم إنما حرموه لتحريم إسرائيل إياه على نفسه ) ( )، وقال أبو السعود: ( وكانوا كلما أتوا بمعصية عوقبوا بتحريم شيء مما أحل لهم، وهم ينكرون ذلك ويدعون أنها لم تزل محرمة على الأمم، فرد ذلك عليهم وأكد بقوله تعالى: وإنا لصادقون، أي في جميع أخبارنا التي من جملتها هذا الخبر ولقد ألقمهم الحجر ) ( ) . والإمام القرطبي مع توسعه في الإحصاء وتسويته بين المقيد والمطلق من الأسماء لم يستطع تفسيرها إلا بتقييد المعنى فقال: ( وإنا لصادقون في أخبارنا عن هؤلاء اليهود عما حرمنا عليهم من اللحوم والشحوم ) ( ) . وكذلك أيضا فإن هذه الأسماء لم يذكرها أحد من المحققين الذين التزموا شرط الإطلاق في إحصائهم للأسماء الحسنى، وإنما ذكرها كثير من المتوسعين الذين أجازوا لأنفسهم إطلاق المقيد وفصل المضاف، وتحويل الأفعال والأوصاف إلى أسماء حسنى باجتهادهم في الإحصاء . ومن الصيغ التي لا تتوافق مع شرط الإطلاق أيضا صيغ التفضيل المقرون بالإضافة كخير الماكرين وخير الناصرين وخير الفاصلين وخير الحاكمين وخير الفاتحين وخير الغافرين وخير المنزلين وخير الراحمين وأسرع الحاسبين وأحكم الحاكمين وأرحم الراحمين، تلك الصيغ تذكر في حق الله كما هي، ولا يصح فصلها أو إطلاقها ثم جعلها ضمن الأسماء الحسنى التي تفيد المدح والثناء بنفسها، فتقول كما قال البعض: من أسمائه الحسنى الخير والأسرع والأحكم والأرحم، أو تطلق لفظ الماكرين وتفصله عن اللفظ المقارن في خير الماكرين، ثم تسميه الماكر والناصر والغافر والفاصل والفاتح والحاكم والحاسب والراحم . أو نفصل ما أضافه رسوله وغير ذلك؛ فلا يصح أن نطلق ما قيده الله وكثير من الذين توسعوا في جمع الأسماء ولم يلتزموا شرط الإطلاق وقعوا عند إحصاء الأسماء في اضطراب شديد حتى بدا جمعهم مبنيا على الاجتهادات الشخصية دون القواعد العلمية أو الأصول المنهجية؛ فأدخل بعضهم ما استحسنه من الأسماء واستعبد منها ما يشاء، ولو ضربنا مثلا بإطلاق جميع المقيد في القرآن واعتباره من الأسماء الحسنى التي توسع المتوسعون في عدها للزم بالضرورة إدخال الأسماء الآتية: الآخذ الأحسن الأحق الأحكم الأرحم الأسرع الأشد الأصدق الأعلم الأقرب الأكبر الأهل والماكر البديع البريء الجاعل الجامع الحاسب الحافظ الحاكم الحفي الخادع الخير الممسك الراحم الرافع الرفيع الزارع السريع الشاهد الشديد الشفيع الصادق العالم العدو العلام الغافر الغالب الفاتح الفاصل الفاطر الفاعل الفالق الفعال القائم القابل الكاتب الكاشف الكافي الماهد المبتلي المبرم المتم المتوفي المحيط المحيي المخرج المخزي المرسل المستعان المستمع المطهر المعذب المغير المنتقم المنذر المنزل المنْشئ المهْلك الموسع الموهن الناصر الهادي الوالي الوحيد . والمتوسعون أنفسهم ذكروا منها ما شاءوا ففصلوا المضاف وأطلقوا المقيد ومنع الحياء بعضهم أن يطلقوا على ربهم ما قيده في كثير من الأسماء كالعدو والخادع والمخزي والمهلك والمعذب والمنزل فذكروها في كتبهم مقيدة كما هي وخالفوا منهجهم في الإطلاق . وعلى ذلك فالأسماء المقيدة بالإضافة حسنها أن تذكر على ما ورد به نص كلام ، ولكنها لا توافق شرط الإطلاق اللازم لإحصاء الأسماءالله ورسوله الحسنى، ويجوز الدعاء بها على الوضع الذي قيدت به فتقول: يا مقلب القلوب، ولا تقل: يا مقلب فقط، ومعلوم أن باب الصفات أوسع من باب الأسماء، وباب الأفعال أوسع من باب الصفات، وباب الإخبار أوسع من باب الأفعال ( ) .
________________________________________ الشرط الرابع: دلالة الاسم على الوصف . لا بد لإحصاء الاسم من دلالته على الوصف وأن يكون اسما على مسمى؛ فأسماء لا تكون حسنى بلا معنى، فلا بد من دلالتها على المعنى الذي تضمنهالله وَلِلَّهِكل اسم والذي يختلف عن الآخر، ودليل ذلك قول الله تعالى: [الأعراف:180]، قال شيخالْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا الإسلام ابن تيمية: ( وليس في أسمائه الحسنى إلا اسم يمدح به، ولهذا كانت كلها حسنى، والحسنى بخلاف السوأى فكلها حسنة والحسن محبوب ممدوح ) ( ) .
...يتبع/...
ABOUHAYDER
عدد الرسائل : 430 الموقع : مكان ما تاريخ التسجيل : 20/03/2008
موضوع: رد: أسماء الله الحسنى الثابتة في الكتاب والسنة لفضيلة الدكتور محمود عبد الرازق الرضواني الأحد 23 مارس - 16:04
**16**
كما أن الأسماء الجامدة لا مدح فيها، ولا دلالة لها على الثناء، ويلزم أيضا من كونها جامدة أنه لا معنى لها، ولا قيمة لتعدادها أو الدعوة إلى إحصائها، ويترتب على ذلك أيضا رد حديث أبي هريرة t الذي ورد في الصحيحين قال: ( إِنَّ للهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْمَا مِائَةًأن رسول الله إِلاَّ وَاحِدًا مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ ) ( ) . بين أن أسماءه الحسنى أعلام تدل على ذاته وأوصاف تدل علىكما أن الله قُلِ ادْعُوامعاني الكمال، فقال سبحانه في الدلالة على علميتها: اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيّاً مَا تَدْعُوا فَلَهُ [الإسراء:110]، فكلها تدل على مسمى واحد، ولاالْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فرق بين الرحمن أو الرحيم أو الملك أو القدوس أو السلام أو المؤمن أو المهيمن أو العزيز أو الجبار أو المتكبر إلى آخر ما ذكر من أسمائه الحسنى في الدلالة على ذاته، فهي من جهة العلمية مترادفة . أما من جهة دلالتها على الوصفية فهي متنوعة ومختلفة، قال تعالى في الدلالة وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا على وصفيتها: [الأعراف:180]، ووجه الاستدلال أن دعاء الله بها مرتبط بحال العبد ومطلبه وما يناسب حاجته واضطراره، من ضعف أو فقر، أو ظلم أو قهر، أو مرض أو جهل، أو غير ذلك من أحوال العباد، فالضعيف يدعو الله باسمه القادر القدير المقتدر القوي، والفقير يدعوه باسمه المعطي المقيت الرزاق الغني، والمقهور المظلوم يدعوه باسمه الحي القيوم إلى غير ذلك مما يناسب أحوال العباد والتي لا تخرج على اختلاف تنوعها عما أظهر لهم من أسمائه الحسنى . غني قدير موصوف في غناه بأنهولولا يقين العبد الفقير عند دعائه أن الله بين أنه يجيب المضطرلا مثيل له ولا نظير ما التجأ إليه أو دعاه، والله إذا دعاه ويكشف السوء لكمال أسمائه وصفاته، ولانفراده عن عباده بالإلهية أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُالمطلقة كما قال سبحانه: وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ [النمل:62]، فعلم العقلاء أنه لااللَّهِ قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ يجيب المضطر إذا دعاه وهو عاجز لا صفة له مطلقا . وقد ذكر ابن القيم في تعريفه بمنهج السلف الصالح في أسماء الله الحسنى أن الأسماء لها اعتباران: اعتبار من حيث الذات، واعتبار من حيث الصفات، فهي أعلام وأوصاف، وهي بالاعتبار الأول مترادفة وبالاعتبار الثاني متباينة، والوصف بها لا ينافي العلمية بخلاف أوصاف العباد فإنها تنافي علميتهم ( ) ؛ فالرحمن اسمه تعالى ووصفه، لا تنافي اسميته وصفيته، فمن حيث هو صفة جرى تابعا على اسم الله، ومن حيث هو اسم ورد في القرآن علما غير تابع، وكذلك فإن الأسماء مشتقة من الصفات إذ الصفات مصادر الأسماء الحسنى ( ) . وقد استقبح أهل العلم مذهب المعتزلة في إثبات الأسماء ونفي دلالتها على الصفات لأن معنى ذلك أنهم أثبتوا وجود الذات فقط، وجعلوا أسماء الله الدالة عليها أسماء فارغة من الأوصاف أو أسماء بلا مسمى فقالوا: هو العليم بلا علم، والسميع بلا سمع والبصير بلا عين، ومعلوم من مذهب السلف أن أسماء الله في دلالتها على الصفات لا تشبه أسماء المخلوقين في دلالتها، فقد يسمى الإنسان سعيدا وهو حزين، أما رب العزة والجلال فهو الغني الذي اتصف بالغنى دون الفقر، وهو القوي الذي اتصف بالقوة لا الضعف، وهو السميع الذي اتصف بالسمع تعالى الله عن ضدها، وهكذا في سائر الأسماء والصفات، ولهذا كانت أسماؤه حسنى وعظمى ولا تكون حسنى وعظمى بغير ذلك، ومن ثم فإن دلالة الاسم على الوصف شرط من شروط الإحصاء . أما مثال ما لم يتحقق فيه دلالة الاسم على الوصف من الأسماء الجامدة ما قال: ( قَالَورد في عند البخاري من حديث أَبِي هريرة t أن رسول الله : يُؤْذِينِي ابْنُ آدَمَ يَسُبُّ الدَّهْرَ وَأَنَا الدَّهْرُاللهُ بِيَدِي الأَمْرُ أُقَلِّبُ الليْلَ وَالنَّهَارَ ) ( )، فالدهر ذكره ابن حزم في الأسماء استنادا للحديث ( )، والأمر ليس كذلك لأن الدهر اسم جامد لا يتضمن وصفا يفيد المدح والثناء على الله بنفسه . وقد ذكر الشيخ محمد بن صالح العثيمين من أسباب استبعاده أنه لا يحمل معنى يلحقه بالأسماء الحسنى، كما أنه في حقيقته اسم للوقت والزمن كما قال وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَاسبحانه وتعالى عن منكري البعث: الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ [الجاثية:24]، وهم يريدون مرور الليالي والأيام، والحديث لا يدل على أن الدهر من أسماء الله تعالى، وذلك أن الذين يسبون الدهر إنما يريدون الزمان : ( وأناالذي هو محل الحوادث، لا يريدون الله تعالى، فيكون معنى قوله الدهر ) ما فسره بقوله: ( بيدي الأمر أقلب الليل والنهار )، فهو سبحانه خالق الدهر وما فيه، وقد بين أنه يقلب الليل والنهار وهما الدهر، ولا يمكن أن يكون المقلَّب هو المقلِّب، وبهذا يتبين أنه يمتنع أن يكون الدهر في هذا الحديث مرادا به الله تعالى ( ) . قال ابن حجر العسقلاني: ( وقال عياض: زعم بعض من لا تحقيق له أن الدهر من أسماء الله وهو غلط؛ فإن الدهر مدة زمان الدنيا، وعرفه بعضهم بأنه أمد مفعولات الله في الدنيا، أو فعله لما قبل الموت، وقد تمسك الجهلة من الدهرية والمعطاة بظاهر هذا الحديث واحتجوا به على من لا رسوخ له في العلم، لأن الدهر عندهم حركات الفلك وأمد العالم ولا شيء عندهم ولا صانع سواه، وكفى في الرد عليهم قوله في بقية الحديث: أنا الدهر أقلب ليله ونهاره، فكيف يقلب الشيء نفسه ! تعالى الله عن قولهم علوا كبيرا ) ( ) . ويلحق بذلك أيضا الحروف المقطعة في أوائل السور والتي اعتبرها البعض من ، حيث قيل: هي اسم الله الأعظم إلا أنا لا نعرف تأليفه منها،أسماء الله وقيل: هي أسماء لله أقسم بها، وقال آخرون: الم، الألف من الله، واللام من وقيل: الألف مفتاح اسمه الله، واللام مفتاح اسمهجبريل، والميم من محمد اللطيف والميم مفتاح اسمه المجيد، وقيل أيضا: الم تعني أنا الله أعلم، والر أنا الله أرى، والمص أنا الله أفصل فالألف تؤدي عن معنى أنا، واللام تؤدي عن اسم الله، والميم تؤدي عن معنى أعلم وهذه كلها آراء اجتهادية ليست مبنية على حديت ثابت مرفوع ( ) . والأعجب من ذلك قول العكبري: ( هذه الحروف المقطعة كل واحد منها اسم فألف اسم يعبر به عن مثل الحرف الذي في قال، ولام يعبر بها عن الحرف الأخير من قال وكذلك ما أشبهها، والدليل على أنها أسماء أن كلا منها يدل على معنى في نفسه، وهي مبنية لأنك لا تريد أن تخبر عنها بشيء، وإنما يحكى بها ألفاظ الحروف التي جعلت أسماء لها، فهي كالأصوات نحو غاق في حكاية صوت الغراب ) ( ) . وقد ذكر القاضي أبو بكر بن العربي بطلان مثل هذا الكلام فقال: ( ومن الباطل علم الحروف المقطعة في أوائل السور ) ( ) . وقال الإمام السيوطي: ( وقد تحصل لي فيها عشرون قولا وأزيد، ولا أعرف أحدا يحكم عليها بعلم، ولا يصل منها إلى فهم، والذي أقوله إنه لولا أن العرب كانوا يعرفون أن لها مدلولا متداولا بينهم لكانوا أول من أنكر ذلك على ، بل تلي عليهم حم فصلت وص وغيرهما فلم ينكروا ذلك، بل صرحواالنبي بالتسليم له في البلاغة والفصاحة مع تشوفهم إلى عثرة وغيرها وحرصهم على زلة؛ فدل على أنه كان أمرا معروفا بينهم لا إنكار فيه ) ( ) . ولا يعني القول باشتراط دلالة الاسم على الوصف جواز اجتهاد الشخص في اشتقاق الأسماء من صفات الذات والأفعال؛ لأن الاشتقاق ليس من حق أحد إلا رب العزة والجلال، والمرجعية في ذلك إلى النص الشرعي دون القياس العقلي أو التلاقي اللغوي . وليس مراد من قال من أهل العلم بأن أسماء الله مشتقة من الصفات والأفعال سوى أنها تلاقي مصادرها اللغوية في اللفظ والمعنى، لا أنها متولدة منها وصادرة عنها صدور الفرع عن أصله، وتسمية النحاة المصدر والمشتق منه أصلا وفرعا ليس معناه أن أحدهما تولد من الآخر؛ وإنما هو باعتبار أن أحدهما متضمن للآخر وزيادة فالاشتقاق هنا ليس اشتقاقا ماديا أو تشبيها يحكم فيه على أسماء الخالق بما يحكم أسماء المخلوقين، وإنما هو اشتقاق لغوي متلازم بين الاسم والفعل والوصف؛ ولا محذور في القول باشتقاق أسماء الله الحسنى على هذا المعنى، مع التنبيه على أن حق التسمية تكون المرجعية فيه إلى ، وأن الأسماء الحسنى أزلية أوليةتسمية الله لنفسه أو تسمية نبيه بأولية الذات ( ) . ...يتبع/....
ABOUHAYDER
عدد الرسائل : 430 الموقع : مكان ما تاريخ التسجيل : 20/03/2008
موضوع: رد: أسماء الله الحسنى الثابتة في الكتاب والسنة لفضيلة الدكتور محمود عبد الرازق الرضواني الأحد 23 مارس - 16:05
**17** جاز أن يشتق منه المصدر والفعلوعلى ذلك فإن الاسم إذا أطلق على الله فيخبر به عنه فعلا ومصدرا، نحو السميع البصير القدير يطلق عليه منه السمع قَدْ سَمِعَوالبصر والقدرة، ويخبر عنه بالأفعال من ذلك نحو قوله: اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ فَقَدَرْنَا [المجادلة:1]، وقوله: فَنِعْمَ الْقَادِرُونَ [المرسلات:23]، هذا إن كان الفعل متعديا، فإن كان لازما لم يخبر عنه به نحو الحي، بل يطلق عليه الاسم والمصدر دون الفعل ( ) . الشرط الخامس: دلالة الوصف على الكمال المطلق . يشترط في إحصاء الأسماء الحسنى أن يكون الوصف الذي دل عليه الاسم في غاية الجمال والكمال، فلا يكون المعنى عند تجرد اللفظ منقسما إلى كمال أو نقص أو يحتمل شيئا يحد من إطلاق الكمال والحسن، وهذا الشرط مأخوذ من قوله وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا تعالى: [الأعراف:180]، أي البالغة مطلق الكمال في الحسن التي لا تحمل أي معنى من تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلالِ: معاني النقص، وكذلك قوله [الرحمن:78]، ووجه الاستدلال أن اسم الله جل شأنه تنزهوَالْإكْرَامِ وتمجد وتعظم وتقدس عن كل معاني النقص، لأنه سبحانه وتعالى له مطلق الحسن والجلال وكل معاني الكمال والجمال ( ) . لا يتصف إلا بالكمال المطلق الذي لا نقص فيه بوجه من الوجوهوالله كالحياة والعلم والقدرة، والسمع والبصر والرحمة، والعزة والحكمة والعظمة، وغير ذلك من أوصاف الكمال، أما ضد ذلك من أوصاف النقص كالموت والعجز منزه عنها وعن كل وصف لا يليقوالظلم، والغفلة والسنة والنوم فالله سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِبجلاله مما وصف الواصفون فقال: [الصافات:180] .عَمَّا يَصِفُونَ أما إذا كان الوصف عند تجرده عن الإضافة في موضع احتمال، فكان كمالا في أو حتى إطلاق الوصفحال ونقصا في حال فلا يصح فيه إطلاق الاسم على الله دون تقييد، وينبغي على المسلم ألا يثبته لله إثباتا مطلقا ولا ينفيه عنه نفيا مطلقا، بل لا بد من البيان والتفصيل والتقيد بما ورد في التنزيل، وهذا منهج السلف في الألفاظ التي تحتمل وجهين عن التجرد عن الإضافة كالمكر والخداع والنسيان، والاستهزاء والكيد والخذلان، وغير ذلك من الأوصاف كالإبرام والتردد والصحبة والاستخلاف ( ) . والمكر هو التدبير في الخفاء بقصد الإساءة أو الإيذاء وهذا قبيح مذموم، أو بقصد الابتلاء والجزاء وهذا ممدوح محمود، ولهذا لا يصح إطلاق الماكر اسما دون تخصيص لأن الإطلاق فيه احتمال اتصافه بالنقص أوأو وصفا في حق الله المكر إلى نفسه مقيدا في مقابل مكر الكافرين فقال:الكمال، وقد نسب الله [آل وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ : عمران:54]، وقال سبحانه وتعالى مخاطبا نبيه الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ [الأنفال:30]، وفي هذه المواضع لا يحتمل التقييد إلا الكمال فجاز أن يتصف به رب العزة والجلال . وما يقال في المكر يقال أيضا في الاستهزاء؛ فالاستهزاء على إطلاق الوصف يكون كمالا في موضع ونقصا في آخر؛ فلا يصح إطلاقه في حق الله دون تقيد يستهزئكقول القائل الله مستهزئ فهذا باطل، ولكن يصح أن القول بأن الله بالمنافقين في مقابل استهزائهم بالمؤمنين، فالاستهزاء في موضع النقص هو شأن المنافقين، والاستهزاء في موضع الكمال هو ما ورد في قول رب العزة وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَاوالجلال: خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي [البقرة:14/15]، وكذلك الخداع والسخريةطُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ والكيد، فإن ذلك يكون كمالا في موضع ونقصا في آخر فلا يتصف به إلا في موضع إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَالكمال كما قال تعالى: وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلا قَلِيلا الذِينَ يَلْمِزُونَ: [النساء:142]، وفي السخرية بالمنافقين قال الْمُطَّوِّعِينَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لا يَجِدُونَ إِلا جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللَّهُ [التوبة:79]، وقال في الكيدمِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْداً وَأَكِيدُ كَيْداً بالكافرين: [الطارق:15/16]، وكذلك أيضا ما ورد في السنة عن صفة التردد، روى البخاري : ( وَمَا عن قول الله مرفوعا إلى النبي من حديث أبي هريرة تَرَدَّدْتُ عَنْ شَيْءٍ أَنَا فَاعِلُهُ تَرَدُّدِي عَنْ نَفْسِ الْمُؤْمِنِ يَكْرَهُ الْمَوْتَ وَأَنَا أَكْرَهُ مَسَاءتَهُ ) ( )، فوصف التردد عند الإطلاق يكون كمالا في موضع ونقصا في آخر، فلو كان التردد عن جهل وقلة علم وعدم إحكام للأمر كان التردد نقصا وعيبا، وإن كان التردد لإظهار الفضل والمحبة في مقابل إنفاذ الأمر وتحقيق الحكمة كان كمالا ولطفا وعظمة وهو المقصود في الحديث . وعلى ذلك ليس من أسماء الله الحسنى الماكر أو الخادع أو الفاتن أو المضل أو الفاعل أو الكاتب أو نحو ذلك، لأنه يكون كمالا في موضع ونقصا في آخر، فلا يتصف به إلا في موضع الكمال فقط . وكذلك اسم الطبيب لا بد أن يذكر مقيدا، لأن المعنى عند التجرد ينقسم إلى كمال ونقص، فقد يكون معناه تدبير أسباب الشفاء، وقد يكون بمعنى السحر والإمراض والبلاء، قال ابن منظور: ( والطِّبُّ والطُّبُّ السِّحْر .. وقد طُبَّ الرجلُ والـمَطْبوبُ الـمَسْحُورُ ) ( )، فمن الأول ما ورد عند أبي أنه قال: ( فَقَالَ لَهُ أَبِى:داود وصححه الألباني من حديث أبي رمثة : اللهُأرني هَذَا الذي بِظَهْرِكَ فإني رَجُلٌ طَبِيبٌ؟ قَالَ الطَّبِيبُ، بَلْ أَنْتَ رَجُلٌ رَفِيقٌ، طَبِيبُهَا الذي خَلَقَهَا ) ( ) . : طبيبهاوالاسم هنا مقيد بالقرينة المنصوص عليها في الحديث وهو قوله ظنه جرح أوالذي خلقها، لأن الرجل لما رأى خاتم النبوة في كتف النبي وإظهارا لمهارته في الطب، وقدخُراج فأراد أن يزيله حبا في رسول الله يعلمون أنه ليس جرحا ولكنه خاتم النبوة، فلم يتفطنكان أغلب الصحابة من شدة حيائه وكرم ما قال، ولم يرد النبي الرجل لذلك وتعجل فقال للنبي أخلاقه أن يسبب له حرجا ويبين له أنه ليس مرضا ولكنه خاتم النبوة وهذا أمر في سائر الأنبياء، فقال له: طبيبها الذي خلقها، أو يداويها الذي خلقها، طبيب ما أصابني ( : إن كان فيها داء كما تظن فالله ومعنى كلام النبي )، فالاسم هنا مقيد وليس مطلقا
...يتبع/...
ABOUHAYDER
عدد الرسائل : 430 الموقع : مكان ما تاريخ التسجيل : 20/03/2008
موضوع: رد: أسماء الله الحسنى الثابتة في الكتاب والسنة لفضيلة الدكتور محمود عبد الرازق الرضواني الأحد 23 مارس - 16:07
**18**
والدليل على ذلك ما ورد في الروايات الأخرى؛ ففي المسند عند أحمد ورجاله ثقات أنه قال: ( فَقُلْتُ لَهُ: يَا نَبِيَ اللهِ إِنِّي رَجُلٌ طَبِيبٌ مِنْ أَهْلِ بَيْتٍ أَطِبَّاءَ فَأَرِنِي ظَهْرَكَ، فَإِنْ تَكُنْ سَلْعَةٌ أَبُطُّهَا، وَإِنْ تَكُنْ غَيْرَ ذَلِكَ أَخْبَرْتُكَ؛ فَإِنَّهُ لَيْسَ مِنْ إِنْسَانٍ أَعْلَمَ بِجُرْحٍ أَوْ خُرَاجٍ مِنِّى، قَالَ: طَبِيبُهَا اللهُ ) ( ) . وفي رواية أخرى قال: ( قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ وَلَمْ أَكُنْ رَأَيْتُ فَخَرَجَ وَعَلَيْهِ ثَوْبَانِ أَخْضَرَانِ فَقُلْتُرَسُولَ اللهِ ، فَجَعَلَ ابْنِي يَرْتَعِدُلاِبْنِى: هَذَا وَاللهِ رَسُولُ اللهِ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي رَجُلٌهَيْبَةً لِرَسُولِ اللهِ طَبِيبٌ، وَإِنَّ أَبِي كَانَ طَبِيباً وَإِنَّا أَهْلُ بَيْتِ طِبٍّ، وَاللهِ مَا يَخْفَى عَلَيْنَا مِنَ الْجَسَدِ عِرْقٌ وَلاَ عَظْمٌ؛ فَأَرِنِي هَذِهِ التِي عَلَى كَتِفِكَ، فَإِنْ كَانَتْ سَلْعَةً قَطَعْتُهَا ثُمَّ دَاوَيْتُهَا، قَالَ: لاَ، طَبِيبُهَا اللهُ ) ( ) . وورد عند الطبراني أنه قال: ( فَنَظَرْتُ فَإِذَا في نُغْضِ كَتِفِهِ مِثْلُ بَعْرَةِ الْبَعِيرِ أَوْ بَيْضَةِ الْحَمَامَةِ، فَقُلْتُ: أَلاَ أُدَاوِيكَ مِنْهَا يَا رَسُولَ اللهِ؟ فَإِنَّا أَهْلُ بَيْتٍ نُطَبِّبُ فَقَالَ: يُدَاوِيهَا الذي وَضَعَهَا ) ( ) . وروى الطبراني وأحمد اللفظ له: ( خَرَجْتُ مَعَ أَبِى حَتَّى أَتَيْتُ فَرَأَيْتُ بِرَأْسِهِ رَدْعَ حِنَّاءٍ، وَرَأَيْتُ عَلَىرَسُولَ اللهِ كَتِفِهِ مِثْلَ التُّفَّاحَةِ، قَالَ أَبِى: إِنِّي طَبِيبٌ أَلاَ أَبُطُّهَا لكَ؟ قَالَ: طَبِيبُهَا الذي خَلَقَهَا ) ( ) . أما الرواية التي روت عن مجاهد وفيها: ( الطبيب الله ولعلك ترفق بأشياء تخرق بها غيرك )، فهي رواية مرسلة عن مجاهد وقد ضعفها الشيخ الألباني ( ) . ومن الطب بمعنى السحر والإمراض ما ورد عند البخاري من حديث عائشة رضي الله حَتَّى كَانَ يُخَيَّلُ إِلَيْهِعنها أنها قالت: ( سُحِرَ النَّبِيُ أَنَّهُ يَفْعَلُ الشَّيءَ وَمَا يَفْعَلُهُ حَتَّى كَانَ ذَاتَ يَوْمٍ دَعَا وَدَعَا، ثُمَّ قَالَ: أَشَعَرْتِ أَنَّ اللَّهَ أَفْتَانِي فِيمَا فِيهِ شِفَائِي أَتَانِي رَجُلاَنِ، فَقَعَدَ أَحَدُهُمَا عِنْدَ رَأْسِي وَالآخَرُ عِنْدَ رِجْلَي، فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِلآخَرِ: مَا وَجَعُ الرَّجُلِ؟ قَالَ: مَطْبُوبٌ . قَالَ: وَمَنْ طَبَّهُ؟ قَالَ: لَبِيدُ بْنُ الأَعْصَمِ، قَالَ: فِي مَاذَا؟ قَالَ: فِي مُشُطٍ وَمُشَاقَةٍ وَجُفِّ طَلْعَةٍ ذَكَرٍ، قَالَ: فَأَيْنَ هُوَ؟ قَالَ: فِي بِئْرِ ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَذَرْوَانَ، فَخَرَجَ إِلَيْهَا النَّبِي لِعَائِشَةَ حِينَ رَجَعَ: نَخْلُهَا كَأَنَّهَا رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ، فَقُلْتُ: اسْتَخْرَجْتَهُ؟ فَقَالَ: لاَ، أَمَّا أَنَا فَقَدْ شَفَانِي اللَّهُ، وَخَشِيتُ أَنْ يُثِيرَ ذَلِكَ عَلَى النَّاسِ شَرًّا، ثُمَّ دُفِنَتِ الْبِئْرُ ) ( ). فالطبيب معناه عند التجرد منقسم إلى كمال ونقص، ولا يذكر في حق الله إلا مقيدا بموضع الكمال فقط، بخلاف الشافي فإن معناه مطلق في الكمال، ولذلك لم في الحديث: أما أنا فقد طببني الله، ولكنه قال: أَمَّا أَنَايقل النبي فَقَدْ شَفَانِي اللَّهُ . وقال المناوي: ( وليس الطبيب بموجود في أسماء الله تعالى، فإن قيل يجوز إطلاقه عليه تعالى فيقال: يا طبيب عملا بهذا الخبر، قلنا: لا، لأنه حديث ضعيف، وقد شرطوا لجواز الإطلاق صحة الحديث كما مر، وبفرض صحته فهو ممنوع لأنه وقع كما قال الطيبي مقابلا لقوله: أنا طبيب مشاكلة وطباقا للجواب على السؤال ) ( ) . وهكذا القول في وصف الصحبة والخلافة التي تضمنها الاسم المقيد عند مسلم من قال في دعاء السفر: ( اللهُمَّ أَنْتَ أن رسول اللهِ حديث ابن عمر الصَّاحِبُ في السَّفَرِ وَالْخَلِيفَةُ في الأَهْلِ ) ( )، فلا يصح إطلاق مقيدين، لأن الصحبة عند التجردالصاحب أو الخليفة بعد أن ذكرهما النبي مَاعن الإضافة تكون في الخير والشر كما قال تعالى عن التي في الخير: [النجم:2]، وقال عن صحبة الشر: ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى [القمر:29] .فَنَادَوْا صَاحِبَهُمْ فَتَعَاطَى فَعَقَرَ والخلافة أيضا عند التجرد عن الإضافة تعني النيابة عن الغير، وتكون عن نقص إلا على الوجه الأخير، قالأو عن كمال، فلا يمكن أن يحمل كلام النبي الراغب الأصفهاني: ( والخلافة النيابة عن الغير، إما لغيبة المنوب عنه، وإما لموته، وإما لعجزه، وإما لتشريف المستخلَف، وعلى هذا الوجه الأخير استخلف الله أولياءه في الأرض ) ( )، ولذلك أيضا لا يصح القول بأن الإنسان في أرضه إلا على التقييد بموضع الكمال، لأن استخلافخليفة عن الله الإنسان بالمعنى الذي ورد في القرآن والسنة له عند التحقيق معنيان: الأول: استخلاف عن نقص الأوصاف بحكم طبيعة الإنسان، ويكون عند عجز المستخلف عن القيام بملكه أو تدبير أمره، إما لغيابه أو قلة علمه، وإما لمرضه أو موته كاستخلاف القائد نائبا على جنده أو قومه، كما ورد ذلك في وَقَال مُوسَى لأخِيهِ هَارُونَ اخْلُفنِي فِي قَوْمِي: قوله [الأعراف:142]، وكما وردوَأَصْلحْ وَلا تَتَّبِعْ سَبِيل المُفْسِدِين أنه قال: ( خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِعند البخاري من حديث سعد بن أبي وقاص إِلَى تَبُوكَ وَاسْتَخْلَفَ عَلِيًّا، فَقَالَ: أَتُخَلِّفُنِي فِي الصِّبْيَانِ وَالنِّسَاءِ؟ قَالَ: أَلا تَرْضَى أَنْ تَكُونَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى إِلا أَنَّهُ لَيْسَ نَبِيٌّ بَعْدِي؟ ( )، ومن ذلك أيضا استخلاف ولى الأمر نائبا عنه قبل موته، كما ورد عند أنه قال: ( حَضَرْتُ أَبِي حِينَ أُصِيبَالبخاري من حديث ابن عمر فَأَثْنَوْا عَليْهِ وَقَالُوا: جَزَاكَ اللهُ خَيْرًا، فَقَال: رَاغِبٌ وَرَاهِبٌ، قَالُوا: اسْتَخْلفْ، فَقال: أَتَحَمَّلُ أَمْرَكُمْ حَيّا وَمَيِّتًا لوَدِدْتُ أَنَّ حَظِّي مِنْهَا الكَفَافُ لا عَليَّ وَلا لي، فَإِنْ أَسْتخلفْ فَقَدِ اسْتَخْلفَ منْ هُوَ خَيْرٌ مِنِّي وَإِنْ أَتْرُكْكُمْ فَقَدْ تَرَكَكُمْ مَنْ هوَ خَيْرٌ مِنِّي، رَسُولُ اللهِ ، قَال عَبْدُ اللهِ: فَعرَفْتُ أَنَّهُ حِينَ ذَكَرَ رَسُول اللهِ غَيْرُ مُسْتَخْلفٍ ) ( ) . الثاني: استخلاف عن كمال الأوصاف، وذلك إذا كان لتشريف الإنسان وإكرامه أو اختباره وامتحانه، وليس لعجز المستخلف عن القيام بشؤونه، كالطبيب في سنة الامتياز عندما يفحص مريضا حال مراقبة الأستاذ، فمثل هذا إن اجتاز الامتحان فقد فاز ونال الشرف بشهادة عظيمة بين الناس، وإن لم يؤد الواجب على الوجه المطلوب استحق العقوبة والرسوب حتى يتمكن من النجاح عند الإعادة، وإن تكرر منه الفشلُ والنسيان استحق المنع والحرمان من أي شرف أو فضل، ولله المثل الأعلى - ويجوز في حقه قياس الأولى - يصح القول إن في الأرض على وجه الابتلاء والامتحان لأن هذاالإنسان خليفة عن الله الوجه كله مقيد بالكمال الذي لا نقص فيه ولا عجز . قال ابن القيم: ( لفظ الخداع ينقسم إلى محمود ومذموم؛ فإن كان بحق فهو محمود وإن كان بباطل فهو مذموم ) ( )، وذكر أيضا مما يدخل تحت هذه النوعية المكر فإنه ينقسم إلى محمود ومذموم وحقيقته إظهار أمر وإخفاء خلافه ليتوصل به إلى مراده، فمن المحمود: مكره تعالى بأهل المكر مقابلة لهم بفعلهم، وجزاء لهم بجنس عملهم، وكذلك الكيد ينقسم إلى نوعين ( ) .
...يتبع/...
ABOUHAYDER
عدد الرسائل : 430 الموقع : مكان ما تاريخ التسجيل : 20/03/2008
موضوع: رد: أسماء الله الحسنى الثابتة في الكتاب والسنة لفضيلة الدكتور محمود عبد الرازق الرضواني الأحد 23 مارس - 16:09
**19**
وقال أيضا في معنى الشرط الخامس من شروط الإحصاء: ( فعليك بمراعاة ما أطلقه سبحانه على نفسه من الأسماء والصفات، والوقوف معها وعدم إطلاق ما لم يطلقه على نفسه ما لم يكن مطابقا لمعنى أسمائه وصفاته، وحينئذ فيطلق المعنى لمطابقته له دون اللفظ، ولاسيما إذا كان مجملا أو منقسما إلى ما يمدح به وغيره؛ فإنه لا يجوز إطلاقه إلا مقيدا، وهذا كلفظ الفاعل والصانع فإنه لا يطلق عليه في أسمائه الحسنى إلا إطلاقا مقيدا أطلقه على نفسه إِنَّ [البروج:16] وقوله: فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ كقوله تعالى: صُنْعَ اللَّهِ: [الحج:18]، وقوله اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ [النمل:88]، فإن اسم الفاعل والصانعالَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ منقسم المعنى إلى ما يمدح عليه ويذم ولهذا المعنى والله أعلم لم يجيء في الأسماء الحسنى المريد كما جاء فيها السميع البصير، ولا المتكلم ولا الآمر الناهي لانقسام مسمى هذه الأسماء، بل وصف نفسه بكمالاتها وأشرف أنواعها، ومن هنا يعلم غلط بعض المتأخرين وزلقه الفاحش في اشتقاقه له سبحانه من كل فعل أخبر به عن نفسه اسما مطلقا فأدخله في أسمائه الحسنى؛ فاشتق له اسم وَيَمْكُرُالماكر والخادع والفاتن والمضل والكاتب ونحوها من قوله: [النساء:142]، وَهُوَ خَادِعُهُمْ [الأنفال:30]، ومن قوله: اللَّهُ يُضِلُّ مَنْ [طه:131]، ومن قوله: لِنَفْتِنَهُمْ فِيه : وقوله كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا: [الرعد:27]، وقوله يَشَاءُ [المجادلة:21] ) ( )، ثم بين رحمه الله خطأهم في ذلك من عدةوَرُسُلِي وجوه: الأول: أنه عز وجل لم يطلق على نفسه هذه الأسماء فإطلاقها عليه لا يجوز . الثاني: أنه سبحانه أخبر عن نفسه بأفعال مختصة مقيدة فلا يجوز أن ينسب إليه مسمى الاسم عند الإطلاق . الثالث: أن مسمى هذه الأسماء منقسم إلى ما يمدح عليه المسمى به وإلى ما يذم فيحسن في موضع ويقبح في موضع، فيمتنع إطلاقه عليه سبحانه من غير تفصيل . الرابع: أن هذه ليست من الأسماء الحسنى التي يسمى بها سبحانه كما قال: [الأعراف:180]، وهيوَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا التي يحب سبحانه أن يثنى عليه ويحمد بها دون غيرها . الخامس: أن هذا القائل لو سمي بهذه الأسماء، وقيل له: هذه مدحتك وثناء عليك فأنت الماكر الفاتن المخادع المضل اللاعن الفاعل الصانع ونحوها لما كان يرضى بإطلاق هذه الأسماء عليه ويعدها مدحة، ولله المثل الأعلى سبحانه وتعالى عما يقول الجاهلون به علوا كبيرا . السادس: أن هذا القائل يلزمه أن يجعل من أسمائه اللاعن والجائي والآتي والذاهب والتارك والمقاتل والصادق والمنزل والنازل والمدمدم والمدمر وأضعاف ذلك فيشتق له اسما من كل فعل أخبر به عن نفسه وإلا تناقض تناقضا بينا، ولا أحد من العقلاء طرد ذلك، فعلم بطلان قوله والحمد لله رب العالمين ( ) . هذه الشروط هي التي تتبعنا من خلالها أسماء الله الحسنى الثابتة في الكتاب والسنة، وقد ذكر مختلف العلماء الذين تكلموا في إحصاء الأسماء الحسنى ما يزيد على المائتين والثمانين اسما، سواء اجتهدوا في جمعها مستندين إلى نص مطلق أو نص مقيد أو باشتقاقهم لها من الصفات والأفعال، وعند تطبيق هذه لمالشروط على ما جمعوه أو اشتقوه، وما ورد في كتاب الله وسنة رسوله تنطبق إلا على تسعة وتسعين اسما فقط دون لفظ الجلالة، وقد تكررت تجربة ذلك مرات عديدة فكانت النتيجة واحدة، ويعلم الله أنها كانت مفاجأة لي كما هو الحال لدى القارئ، وقد ساعد في ذلك التقنية الحديثة في استقصاء الاسم ومشتقات المعنى اللغوي في القرآن ومختلف كتب السنة من خلال الموسوعات تسعة وتسعين اسما .الإلكترونية الضخمة، فكانت النتيجة كما ذكر نبينا وكما ذكرت في المقدمة أنه ليس في الأمر تكلف وافتعال، أو تعسف أو تحايل على واقع الحال؛ فالأمر في جمع الأسماء وإحصائها أصبح مرهونا بشروط أو قواعد أو ضوابط أو أسس سمها ما شئت، إذا طبقت بدقة على كل نص ثابت في الكتاب والسنة لإحصاء الأسماء الحسنى فنتيجتها واحدة إن شاء الله، ومن ثم في حديث أبي هريرةيمكن التعرف بسهولة ويسر على العدد الذي ذكره النبي t، كما أنه بهذه الشروط والقواعد قد علم حال كل اسم من الأسماء التي اجتهد في ذكرها مختلف العلماء . وكما قلت لم نكن نتوقع أن تكون النتيجة على هذا النحو، وكما أشرت سابقا أنه لا تعارض بين إحصاء الأسماء في تسعة وتسعين اسما وما ثبت في كون أسماء الله غير محصورة في عدد معين، لأن العدد الكلى لأسمائه الحسنى لا يعلمه إلا الله، وما استأثر به في علم الغيب عنده لا يمكن لأحد حصره ولا الإحاطة به، أما التسعة والتسعون فهي الأسماء التي تعرف الله بها إلى عبده في .كتابه وفي سنة رسوله اللؤلؤة الفضلى في نظم أسماء الله الحسنى . أما الأسماء الحسنى التي انطبقت عليها شروط الإحصاء والتي سيأتي بيان أدلتها من القرآن وصحيح السنة وإحصاء مراتبها فبيانها كالتالي: الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ المَلِكُ القُدُّوسُ السَّلامُ المُؤْمِنُ المُهَيْمِنُ العَزِيزُ الجَبَّارُ المُتَكَبِّرُ الخَالِقُ البَارِئُ المُصَوِّرُ الأَوَّلُ الآخِرُ الظَّاهِرُ البَاطِنُ السَّمِيعُ البَصِيرُ المَوْلَى النَّصِيرُ العَفُوُّ القَدِيرُ اللطِيفُ الخَبِيرُ الوِتْرُ الجَمِيلُ الحَيِيُّ السِّتيرُ الكَبِيرُ المُتَعَالُ الوَاحِدُ القَهَّارُ الحَقُّ المُبِينُ القَوِيّ المَتِينُ الحَيُّ القَيُّومُ العَلِيُّ العَظِيمُ الشَّكُورُ الحَلِيمُ الوَاسِعُ العَلِيمُ التَّوابُ الحَكِيمُ الغَنِيُّ الكَرِيمُ الأَحَدُ الصَّمَدُ القَرِيبُ المُجيبُ الغَفُورُ الوَدودُ الوَلِيُّ الحَميدُ الحَفيظُ المَجيدُ الفَتَّاحُ الشَّهيدُ المُقَدِّمُ المُؤخِّرُ المَلِيكُ المُقْتَدِرْ المُسَعِّرُ القَابِضُ البَاسِطُ الرَّازِقُ القَاهِرُ الديَّانُ الشَّاكِرُ المَنانَّ القَادِرُ الخَلاَّقُ المَالِكُ الرَّزَّاقُ الوَكيلُ الرَّقيبُ المُحْسِنُ الحَسيبُ الشَّافِي الرِّفيقُ المُعْطي المُقيتُ السَّيِّدُ الطَّيِّبُ الحَكَمُ الأَكْرَمُ البَرُّ الغَفَّارُ الرَّءوفُ الوَهَّابُ الجَوَادُ السُّبوحُ الوَارِثُ الرَّبُّ الأعْلى الإِلَهُ . هذا مع مراعاة أن ترتيب الأسماء الحسنى مسألة اجتهادية راعينا في معظمها ترتيب اقتران الأسماء بورودها في الآيات مع تقارب الألفاظ على قدر المستطاع ليسهل حفظها بأدلتها، والأمر في ذلك متروك للمسلم وطريقته في حفظها . وهذه الأسماء التي تتبعتها بضوابطها اطلع عليها كثير من أهل العلم وأبدوا إعجابهم بالنتيجة، وكان منهم فضيلة الشيخ أبو يزن حمزة بن فايع الفتحي حفظه الله، وهو أحد أعضاء هيئة التدريس العاملين معنا في كلية الشريعة وأصول الدين بجامعة الملك خالد حيث أثار الموضوع اهتمامه فدفعه ذلك إلى أن نظم الأسماء الحسنى بشروطها في قصيدة سماها اللؤلؤة الفضلى في نظم أسماء الله الحسنى الثابتة في الكتاب والسنة، وقد أطال في مقدمتها ومدحني بما لا أستحق، فاستأذنته أن يقتصر على ما ورد فيها من الأسماء وشروط الإحصاء فجزاه الله خير الجزاء، وأسأله سبحانه أن يرزقني وإياه الإخلاص في القول والعمل، فلا ينفع الوعد على الإحصاء إلا بتقوى الله في السراء والضراء، فقال حفظه الله فيما نظمه: الله ربنـا هو الإلــهُ له من الأسماء ما اصطفاهُ الواحدُ الحي كذا المليكُ والملكُ المالكُ لا شريكُ والصمدُ السيدُ والمبـينُ والأحدُ العظيمُ والمتـينُ وإنه الحق العلي الأعلى المتعالي الوتر قد تجـلى وإنه المجيـدُ والعلـيمُ والقادرُ القديرُ والحليمُ وإنه السمـيعُ والبصيرُ والأولُ الآخرُ والستيرُ والظاهرُ الباطنُ والكبيرُ والوارثُ الرقيبُ والنصيرُ سبحانه البارئُ والمصورُ والقابضُ الباسطُ والمسعرُ المؤمنُ المهيمنُ الجبارُ والقاهرُ القهارُ والغفارُ والأكرمُ الوهابُ والديانُ العفو والوكيل والرحمنُ وإنـه العزيزُ والحكيمُ والطيبُ المحسنُ والكريمُ وإنـه الغني والشكورُ والشاكرُ المجيبُ والغفورُ والرازقُ التوابُ والرزاقُ والخالقُ الفتاحُ والخلاقُ والمعطي والجوادُ والقريبُ والشافي والمنانُ والحسيبُ وربنا الحفيظُ والشهيدُ والواسعُ السبوحُ والحميدُ وإنه المـولى الولي الـبر الحكم ُ المقدمُ المؤخـرُ تبارك السلامُ والرءوفُ القوي والقدوسُ واللطيفُ وربنا الودودُ والقيـومُ الرفيقُ والحيي والرحيمُ وربنا الجميلُ فانظر واعتبرْ وإنه المقـيتُ والمتكـبرْ وإنـه المقتـدرُ الخبـيرُ يعلمُ ما كانَ وما يصـيرُ ثم هنـا قد تمت الأسماءُ تسع وتسعون ولا افتراءُ فخذها بالقبولِ والتسليمِ فإنها من مصـدرٍ عليمِ قد حدها بالقيد والشرائطِ محصورةً في خمسةِ الضوابطِ النص محفوظٌ بلا إقحامِ وكونُه اسماً من الأعلامِ وإنه يجري على الإطلاقِ يحمل ذا الوصف بلا شقاقِ في غاية الجمالِ والكمالِ ليس بمقسومٍ ولا انفصالِ تلك هي الشروط باستيفاءِ فطبقـن من غير ما هباء ينأى بهـا البديع والعلام والمكر والدهر كذا القيام فحلِّ ذا النفس بذي الأسماء وزنها بالإخلاص والرجاء
...يتبع/...
ABOUHAYDER
عدد الرسائل : 430 الموقع : مكان ما تاريخ التسجيل : 20/03/2008
موضوع: رد: أسماء الله الحسنى الثابتة في الكتاب والسنة لفضيلة الدكتور محمود عبد الرازق الرضواني الأحد 23 مارس - 16:11
**20**
لما كان هذا هو حال الأسماء الحسنى التي حفظها الناس لأكثر من ألف عام باتفاق أهلوأنشدها كل منشد وكتبت في كل مسجد، ليست نصا من كلام النبي العلم والمعرفة بحديثه؛ وإنما هي في حقيقتها ملحقة أو مدرجة في الأحاديث التي ورد فيها سرد الأسماء؛ فلا بد أن نبين ما ثبت فيها من الأسماء الحسنى وما لم يثبت أو يوافق شروط الإحصاء . أولا: رواية الترمذي في جامعه: قال الإمام الترمذي: ( حدثنا إبْرَاهيمُ بنُ يَعْقُوب الجوزجاني، أَخبرنا صَفْوَانُ بنُ صَالِح، أخبرنا الوَلِيدُ بنُ مُسْلِمٍ، أخبرنا شُعَيْبُ بنُ أبي حَمْزَةَ عَن أبي الزِّنَادِ عَن الأَعْرَجِ عَن أبِي هُرَيْرَةَ : إنَّ لله تِسْعَةً وتِسْعِينَ اسْماًt قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله مِائَةً غيرَ وَاحِدَةٍ مَنْ أَحْصَاها دَخَلَ الجَنَّة، هُوَ الله الذِي لا إلَهَ إلاّ هُوَ الرَّحمنُ الرَّحيمُ المَلِك القُدُّوسُ السَّلاَمُ المُؤْمِنُ المُهَيمِنُ العَزِيزُ الجَبَّارُ المُتَكَبِّر الخَالِقُ البَارِيءُ المُصَوِّرُ الغَفَّارُ القَهَّارُ الوَهَّابُ الرَّزَّاقُ الفتَّاحُ العَلِيمُ القَابِضُ البَاسِطُ الخافضُ الرَّافِعُ المعزُّ المذِل السَّمِيعُ البَصِيرُ الحَكَمُ العَدْلُ اللّطِيفُ الخَبِيرُ الحَلِيمُ العَظِيمُ الغَفُورُ الشَّكُورُ العَلِيُّ الكَبِيرُ الحَفِيظُ المُقِيتُ الحَسِيبُ الجَلِيلُ الكَرِيمُ الرَّقِيبُ المُجِيبُ الْوَاسِعُ الحَكِيمُ الوَدُودُ المَجِيدُ البَاعِثُ الشَّهِيدُ الحَق الوَكِيلُ القَوِيُّ المَتِينُ الوَلِيُّ الحَمِيدُ المُحْصِي المُبْدِيءُ المُعِيدُ المُحْيِي المُمِيتُ الحَيُّ القَيُّومُ الوَاجِدُ المَاجِدُ الوَاحِدُ الصَّمَدُ القَادِرُ المُقْتَدِرُ المُقَدِّمُ المُؤَخِّرُ الأوَّلُ الآخِرُ الظَّاهِرُ البَاطِنُ الوَالِي المُتَعَالِي البَرُّ التَّوَّابُ المنتَقِمُ العَفُوُّ الرَّؤُوف مَالِكُ المُلْكِ ذُو الجَلاَلِ وَالإكْرَامِ المُقْسِط الجَامِعُ الغَنِيُّ المُغْنِي المَانِعُ الضَّارُّ النَّافِعُ النُّورُ الهَادِي البَدِيعُ البَاقِي الوَارِثُ الرَّشِيدُ الصَّبُور ) ( ) . بداية من قول الراوي في الحديث هو الله الذي لا إله إلا هو إلى آخر ما ورد ، وإنما هي أسماء من جمع الراوي أو نقله عنفيه ليس من كلام النبي اجتهاد الآخرين ثم إدراجه لها في الحديث، ولذلك فإن فيها ما ثبت وما لم يثبت، وفيها ما لا ينطبق عليه شروط الإحصاء، وبيان ذلك كالتالي: عدد الأسماء الواردة في هذا الحديث ثمانية وتسعون اسما بالإضافة إلى لفظ الجلالة وليست تسعة وتسعين تضاف إلى لفظ الجلالة كما أظهرها البحث الحاسوبي وكما دل عليه ظاهر الحديث المتفق عليه عن أبي هريرة t أن رسول قال: ( إِنَّ للهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْمَا مِائَةً إِلاَّالله وَاحِدًا مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ ) ( ) . أما الأسماء الحسنى التي ثبتت بنص الكتاب والسنة في حديث الترمذي فعددها تسعة وستون اسما بغير لفظ الجلالة وهي على ترتيب ورودها: الرحمن الرحيم الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر الخالق البارئ المصور الغفار القهار الوهاب الرزاق الفتاح العليم القابض الباسط السميع البصير الحكم اللطيف الخبير الحليم العظيم الغفور الشكور العلي الكبير الحفيظ المقيت الحسيب الكريم الرقيب المجيب الواسع الحكيم الودود المجيد الشهيد الحق الوكيل القوي المتين الولي الحميد الحي القيوم الواحد الصمد القادر المقتدر المقدم المؤخر الأول الآخر الظاهر الباطن المتعالي البر التواب العفو الرءوف المالك الغني الوارث . أما الأسماء التي لم تثبت أو توافق شروط الإحصاء فعددها تسعة وعشرون اسما وهي: الخافضُ الرافع المعزُّ المذِل العَدْلُ الجَلِيلُ البَاعِثُ المُحْصِي المُبْدِيءُ المُعِيدُ المُحْيِي المُمِيتُ الوَاجِدُ المَاجِدُ الوَالِي المنتَقِمُ ذُو الجَلاَلِ وَالإكْرَامِ المُقْسِط الجَامِعُ المُغْنِي المَانِعُ الضَّارُّ النَّافِعُ النُّورُ الهَادِي البَدِيعُ البَاقِي الرَّشِيدُ الصَّبُور . وهذه الأسماء منها اثنان وعشرون ليست من الأسماء الحسنى ولكنها أفعال وأوصاف لا يصح الاشتقاق منها وهي: الخافضُ المعزُّ المذِل العَدْلُ الجَلِيلُ البَاعِثُ المُحْصِي المُبْدِيءُ المُعِيدُ المُمِيتُ الوَاجِدُ المَاجِدُ الوَالِي ذُو الجَلاَلِ وَالإكْرَامِ المُقْسِط المُغْنِي المَانِعُ الضَّارُّ النَّافِعُ البَاقِي الرَّشِيدُ الصَّبُور، وكذلك سبعة أسماء مقيدة أو مضافة تذكر على الوضع الذي ورد في النص وهي: الرَّافِعُ المُحْيِي المنتَقِمُ الجَامِعُ النُّورُ الهَادِي البَدِيعُ . تفصيل العلة في عدم ثبوتها أو إحصائها . تقدم الحديث عن كثير من هذه الأسماء وسوف نشير إليها اختصارا لأهمية الموضوع لدى كل مسلم، وسنذكرها على ترتيب ورودها، وأولها الخافض، وهو اسم لم يرد في القرآن الكريم أو السنة النبوية كما سبق، أما اسمه الرافع فورد إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى إِنِّيمقيدا في قول الله تعالى: مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى يَوْمِ [آل عمران:55]، ويلاحظ أن إطلاق اسمه الرافع يلزم منهالْقِيَامَةِ إطلاق المتوفي والمطهر والجاعل وإلا كان تناقضا ظاهرا في اشتقاق اسم واستبعاد آخر، وورد الفعلان يخفض ويرفع فيما رواه مسلم من حديث أَبى موسى قال: ( إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَل لاَ يَنَامُ وَلاَالأشعري t أن النبي يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَنَامَ، يَخْفِضُ الْقِسْطَ وَيَرْفَعُهُ ) ( ) ، وثبوت الأفعال كما سبق ليس دليلا على إثبات الأسماء الحسنى، لأن دورنا حيال الأسماء الحسنى الإحصاء ثم الحفظ والدعاء وليس الاشتقاق والإنشاء، أما اسم المعز والمذل، فلم أجد حجة أو دليلا لمن أدرج هذين الاسمين إلا وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُالاشتقاق من صفات الأفعال في قوله تعالى: [آل عمران:26]، وقد تقدم الحديث عنهما ( ) .وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ واسم العدل معناه حق لكنه لم يرد في القرآن اسما أو فعلا، ولا دليل لمن إِنَّسمى الله بهذا الاسم سوى ما ورد من الأمر بالعدل في قوله تعالى: [االلَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْأِحْسَانِ لنحل:90]، أو ربما استند إلى المعنى الذي ورد عند أبي داود وصححه الشيخ الألباني من حديث أبي أمامة يَقُولُ: إِنَّ اللهَ قَدْ أَعْطَىt أنه قال: ( سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ كُل ذي حَقٍّ حَقَّهُ فَلاَ وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ ) ( ) . أما تسميته الله بالجليل فلم يرد اسما في الكتاب أو صحيح السنة ولكن ورد وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإكْرَامِ وصفا في قوله: [الرحمن:27]، وفرق كبير بين الاسم والوصف، وقد تقدم الحديث عن ذلك، وإن وصف نفسه بالجلال ولم يسم نفسه الجليل ( ) .الله أما تسمية الله الباعث المحصي فقد تقدم أنه لا دليل على إثبات هذين الاسمين وأن الذي ورد في القرآن والسنة صفات الأفعال فقط كما في قوله: يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا أَحْصَاهُ اللَّهُ وَنَسُوهُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ِ [المجادلة:6]، وهي كثيرة في القرآن والسنة، وقد ورد الباعث مقيدا في حديث ضعيف وقيل موضوع رواه أحمد من حديث أم الدرداء رضي الله عنها عن أبي الدرداء t قال: ( سَمِعْتُ أَبَا الْقَاسِمِ يَقُولُ مَا سَمِعْتُهُ يُكَنِّيهِ قَبْلَهَا وَلاَ بَعْدَهَا يَقُولُ: إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَل يَقُولُ: يَا عِيسَى إِنِّي بَاعِثٌ مِنْ بَعْدِكَ أُمَّةً إِنْ أَصَابَهُمْ مَا يُحِبُّونَ حَمِدُوا اللهَ وَشَكَرُوا وَإِنْ أَصَابَهُمْ مَا يَكْرَهُونَ احْتَسَبُوا وَصَبَرُوا ) ( ) . بالمبديء المعيد تقدم أن هذين الإسمين وإن كان معناهما حقاوتسمية الله إلا أنه لا دليل على ثبوتهما في الكتاب والسنة، وليس لمن سمى الله بهما إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُإلا اجتهاده في الاشتقاق من قوله تعالى: [البروج:13]، ومعلوم أن أسماء الله الحسنى توقيفية على النصوَيُعِيدُ وليس في الآيتين سوى الفعلين فقط ( ) . أما اسم المحيي فلم يرد في القرآن والسنة إلا مقيدا كما في قوله تعالى: [فصلت:39] ، وقد تقدم فيإِنَّ الَّذِي أَحْيَاهَا لَمُحْيِي الْمَوْتَى شروط الإحصاء أن الاسم لا بد أن يفيد المدح والثناء على الله بنفسه فيكون مطلقا، ولو جاز إحصاء المحيي ضمن الأسماء للزم إحصاء الغافر والقابل والشديد والفاطر والجاعل والمنزل والسريع والبالغ والمخزي والمتم والفالق والمخرج إلى غير ذلك من الأسماء المقيدة التي تقدمت عند الحديث عن شروط الإحصاء، هذا فيما يتعلق بالمحيي، أما اسم المميت فلم يرد في الكتاب أو السنة، والذي ورد في القرآن والسنة صفات أفعال، وذلك لا يكفي وحده في بما لم يسم به نفسه ( ) .إثبات الاسم، ولا يجوز أن نسمي الله الواجد الماجد فهذان الاسمان لم يردا في القرآن أووبخصوص تسمية الله صحيح السنة، أما الماجد فلم يثبت في حديث صحيح، وقد ورد في السنة عند قال عن رب العزة: (الترمذي من حديث أَبي ذر الغفاري t أن رسول اللهِ ذَلِكَ بِأَنِّي جَوَادٌ مَاجِدٌ ) ( )، وفي رواية عند أحمد لكنها ضعيفة: ( ذَلِكَ لأَنِّي جَوَادٌ مَاجِدٌ وَاجِدٌ أَفْعَلُ مَا أَشَاءُ ) ( )، وهذا الحديث ليس أصلا في إثبات اسم الله الجواد، لأنه ثبت في روايات أخرى لكن الشاهد أنه ليس من أسماء الله الواجد الماجد . وأما اسم الوالي فلم يرد في القرآن أو صحيح السنة والذي ثبت هو الولي وَإِذَاوالمولى وليس لمن أدرجه في الأسماء إلا ما جاء في قوله تعالى: أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءاً فَلا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ [الرعد:11]، والمعنى ما لهم من دون الله ممن يليدُونِهِ مِنْ وَالٍ أمرهم ويدفع عنهم ( )، وكذلك اسم المنتقم فلم يرد اسما على سبيل الإطلاق وَمَنْ أَظْلَمُ: ولكن ورد مقيدا في ثلاثة مواضع من القرآن، منها قوله مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآياتِ رَبِّهِ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهَا إِنَّا مِنَ [السجدة:22]، وكذلك ورد وصف الانتقام فيالْمُجْرِمِينَ مُنْتَقِمُونَ [إبراهيم:47]، وورد إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ قوله تعالى: فَانْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ: الفعل في قوله [الزخرف:25] .عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ ، أما ذو فمنأما ذو الجلال والإكرام، فالجلال والإكرام وصفان لله الأسماء الخمسة وليست من الأسماء الحسنى، وقد ورد الوصفان في قوله تعالى: [الرحمن:27] ، وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ وقوله أيضا: [الرحمن:78] ، وفرق كبير بين الاسم والوصف كما تقدم . بالمقسط لا دليل عليها من القرآن أو السنة، إذ لم يرد اسماوتسمية الله أو وصفا أو فعلا، ولكن الذي أدرجه في الحديث استند إلى أمره تعالى بالقسط قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ ومحبته للمقسطين في قوله: قال: ([الأعراف:29]، أو ما ورد عند مسلم من حديث أَبى موسى t أن النبي إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَل لاَ يَنَامُ وَلاَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَنَامَ وَإِنْ حَكَمْتَيَخْفِضُ الْقِسْطَ وَيَرْفَعُهُ ) ( )، وقوله: فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ [المائدة:42] . أما الجامع فقد ورد مقيدا في موضعين من كتاب الله، الأول في قوله تعالى: [آلرَبَّنَا إِنَّكَ جَامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ لا رَيْبَ فِيهِ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَعمران:9]، والثاني قوله: [النساء:140] .وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعاً
...يتبع/...
ABOUHAYDER
عدد الرسائل : 430 الموقع : مكان ما تاريخ التسجيل : 20/03/2008
موضوع: رد: أسماء الله الحسنى الثابتة في الكتاب والسنة لفضيلة الدكتور محمود عبد الرازق الرضواني الأحد 23 مارس - 16:13
**21**
المغني لا دليل عليها من القرآن أو السنة، وليس لمن أدرجهوتسمية الله وَإِنْفي الحديث إلا اجتهاده في الاشتقاق من الفعل الذي ورد في قوله: خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ شَاءَ حَتَّى [التوبة:28]، أو قوله سبحانه: إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ [النور:33]، أما اسم المانع فليسيُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَمَا مَنَعَنَالمن أدرجه إلا الاشتقاق من الفعل منع في قوله تعالى: أَنْ نُرْسِلَ بِالآياتِ إِلا أَنْ كَذَّبَ بِهَا الأَوَّلُونَ قال:[الإسراء:59]، أو ما ورد عند البخاري من حديث معاوية t في أن النبي ( اللهُمَّ لاَ مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ وَلاَ مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ ) ( )، والحديث لا دليل فيه على علمية الاسم لا في المانع ولا في المعطي، : ( وَاللهُلأن المعطي ثبتت فيه الإسمية عند البخاري في قول النبي الْمُعْطِي وَأَنَا الْقَاسِمُ ) ( ) . وأما الضار النافع فقد تقد أن هذين الاسمان لا دليل عليهما في القرآن أو السنة ولم يرد الضار اسما ولا وصفا ولا فعلا ( )، وبخصوص تسمية الله بالنور والهادي والبديع فهذه الأسماء لم ترد في القرآن والسنة إلا مقيدة ، فاسم الله النور ورد مقيدة بالإضافة فيبالإضافة فتذكر كما قيدها الله [النور:35]، اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ قوله تعالى: وَإِنَّ اللَّهَ لَهَادِ الَّذِينَواسمه الهادي ورد مقيدا في قوله: [الحج:54]، والبديع اسم مقيد ورد فيآمَنُوا إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ [البقرة:117]، فهذه الأسماء بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ : قوله مقيدة بالإضافة ولا بد أن تذكر بما قيدت به، وما تقدم في الحديث عن شرط الإطلاق يغني عن الإعادة . وتسمية الله بالباقي والرشيد والصبور لا دليل عليها، فلم ترد تلك الأسماء في القرآن أو السنة، ولم أجد دليلا لتسمية الله بالباقي يمكن أن يستند إليه من أدرج الأسماء في حديث الترمذي إلا ما ورد في قول الله تعالى: [الرحمن:27]،وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ وذلك لا يصلح دليلا لإثبات الاسم، فلا يحق لنا أن نسمي الله بما لم يسم به نفسه، أما الرشيد فلا دليل عليه من كتاب أو سنة لأنه لم يرد اسما ولا وصفا أو فعلا ولا أدري من أين اشتقه؟ وأغلب الظن عندي أنه أخذه من المعنى وَلَقَدْ آتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ الوارد في قوله تعالى: [الأنبياء:51]، أما الصبور فلم يرد اسما في القرآن أو السنة ويبدوا أن من أدرجه عند الترمذي استند إلى اجتهاده في الاشتقاق من صيغة أفعل التفضيل قال: ( لَيْسَفيما ورد عند البخاري من حديث أَبى موسى t أن النبي أَحَدٌ أَوْ لَيْسَ شَيْءٌ أَصْبَرَ عَلَى أَذًى سَمِعَهُ مِنَ اللهِ، إِنَّهُمْ لَيَدْعُونَ لَهُ وَلَدًا وَإِنَّهُ لَيُعَافِيهِمْ وَيَرْزُقُهُمْ ) ( )، وقد علمنا أن أسماء الله توقيفية ودورنا حيالها الإحصاء وليس الاشتقاق والإنشاء . ثانيا: رواية ابن ماجة في سننه . قال أبو عبد الله محمد بن يزيد بن ماجة: ( حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّنْعَانِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو الْمُنْذِرِ زُهَيْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ التَّمِيمِيُّ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ قَالَ: إِنَّ أَنَّ رَسُولَ اللهِ الأَعْرَجُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ لِلهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْمًا مِائَةً إِلا وَاحِدًا إِنَّهُ وِتْرٌ يُحِبُّ الْوِتْرَ مَنْ حَفِظَهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ وَهِيَ اللهُ الْوَاحِدُ الصَّمَدُ الأَوَّلُ الآخِرُ الظَّاهِرُ الْبَاطِنُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ الْمَلِكُ الْحَقُّ السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ اللطِيفُ الْخَبِيرُ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ الْعَلِيمُ الْعَظِيمُ الْبَارُّ الْمُتْعَالِ الْجَلِيلُ الْجَمِيلُ الْحَيُّ الْقَيُّومُ الْقَادِرُ الْقَاهِرُ الْعَلِيُّ الْحَكِيمُ الْقَرِيبُ الْمُجِيبُ الْغَنِيُّ الْوَهَّابُ الْوَدُودُ الشَّكُورُ الْمَاجِدُ الْوَاجِدُ الْوَالِي الرَّاشِدُ الْعَفُوُّ الْغَفُورُ الْحَلِيمُ الْكَرِيمُ التَّوَّابُ الرَّبُّ الْمَجِيدُ الْوَلِيُّ الشَّهِيدُ الْمُبِينُ الْبُرْهَانُ الرَّءُوفُ الرَّحِيمُ الْمُبْدِئُ الْمُعِيدُ الْبَاعِثُ الْوَارِثُ الْقَوِيُّ الشَّدِيدُ الضَّارُّ النَّافِعُ الْبَاقِي الْوَاقِي الْخَافِضُ الرَّافِعُ الْقَابِضُ الْبَاسِطُ الْمُعِزُّ الْمُذِلُّ الْمُقْسِطُ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ الْقَائِمُ الدَّائِمُ الْحَافِظُ الْوَكِيلُ الْفَاطِرُ السَّامِعُ الْمُعْطِي الْمُحْيِي الْمُمِيتُ الْمَانِعُ الْجَامِعُ الْهَادِي الْكَافِي الأَبَدُ الْعَالِمُ الصَّادِقُ النُّورُ الْمُنِيرُ التَّامُّ الْقَدِيمُ الْوِتْرُ الأَحَدُ الصَّمَدُ الذِي لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ ) ( ) . بعد حذف المكرر في الحديث وهما اسم الله الرحيم واسمه الصمد، وعلى اعتبار أن لفظ الجلالة ضمن الأسماء الحسنى، فإن عدد الأسماء الواردة عند ابن ماجة في هذا الحديث مائة اسم . أما الأسماء الحسنى التي ثبتت بنص الكتاب والسنة في هذا الحديث فعددها ستون اسما بغير لفظ الجلالة وهي على ترتيب ورودها: الواحد الصمد الأول الآخر الظاهر الباطن الخالق البارئ المصور الملك الحق السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر الرحمن الرحيم اللطيف الخبير السميع البصير العليم العظيم المتعال الجميل الحي القيوم القادر القاهر العلي الحكيم القريب المجيب الغني الوهاب الودود الشكور العفو الغفور الحليم الكريم التواب الرب المجيد الولي الشهيد المبين الرءوف الوارث القوي القابض الباسط الرزاق المتين الوكيل المعطي الوتر الأحد . وأما الأسماء التي لم تثبت أو توافق شروط الإحصاء فعددها تسعة وثلاثون اسما وهي على ترتيب ورودها: الْبَارُّ الْجَلِيلُ الْمَاجِدُ الْوَاجِدُ الْوَالِي الرَّاشِدُ الْبُرْهَانُ الْمُبْدِئُ الْمُعِيدُ الْبَاعِثُ الشَّدِيدُ الضَّارُّ النَّافِعُ الْبَاقِي الْوَاقِي الْخَافِضُ الرَّافِعُ الْمُعِزُّ الْمُذِلُّ الْمُقْسِطُ ذُو الْقُوَّةِ الْقَائِمُ الدَّائِمُ الْحَافِظُ الْفَاطِرُ السَّامِعُ الْمُحْيِي الْمُمِيتُ الْمَانِعُ الْجَامِعُ الْهَادِي الْكَافِي الأَبَدُ الْعَالِمُ الصَّادِقُ النُّورُ الْمُنِيرُ التَّامُّ الْقَدِيمُ . تفصيل العلة في عدم ثبوتها أو إحصائها . تقدم الحديث عن تفصيل العلة في عدم إحصاء معظم تلك الأسماء، والذي تقدم ذكره منها واحد وعشرون اسما، وهي على ترتيب ورودها في الحديث كما يلي: الْجَلِيلُ الْمَاجِدُ الْوَاجِدُ الْوَالِي الْمُبْدِيُ الْمُعِيدُ الْبَاعِثُ الضَّارُّ النَّافِعُ الْبَاقِي الْخَافِضُ الرَّافِعُ الْمُعِزُّ الْمُذِلُّ الْمُقْسِطُ الْمُحْيِي الْمُمِيتُ الْمَانِعُ الْجَامِعُ الْهَادِي النُّورُ . أما بقية الأسماء التي لم تذكر فعددها ثمانية عشر اسما، وهي على ترتيب ورودها في الحديث: الْبَارُّ الرَّاشِدُ الْبُرْهَانُ الشَّدِيدُ الْوَاقِي ذُو الْقُوَّةِ الْقَائِمُ الدَّائِمُ الْحَافِظُ الْفَاطِرُ السَّامِعُ الْكَافِي الأَبَدُ الْعَالِمُ الصَّادِقُ الْمُنِيرُ التَّامُّ الْقَدِيمُ . وأما بيان العلة في عدم إحصائها ضمن الأسماء الحسنى وكيف أنها لم توافق الشروط قسنذكرها على ترتيب ورودها، وأولها اسم الله البار والراشد والبرهان، هذه الأسماء لم ترد في القرآن أو صحيح السنة، والذي ثبت في إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّالقرآن البر بدلا من البار كما قال تعالى: [الطور:28]، ولعل من أدرجها يقصد البر ولكن حدث وهم أوالرَّحِيمُ تصحيف، فالآية صريحة في الدلالة على الاسم، قال ابن الأثير: ( في أسماء الله تعالى البر دون البار، وهو العطوف على عباده ببره ولطفه، والبر والبار بمعنى واحد وإنما جاء في أسماء الله تعالى البر دون البار ) ( ) . وكذلك الراشد لم يرد في القرآن أو السنة اسما أو وصفا أو فعلا، وأغلب الظن وَلَقَدْأيضا أن من أدرجه أخذه من المعنى المفهوم في قول الله تعالى: [الأنبياء:51]، أما البرهان فلم يرد فيآتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ القرآن اسما ولا فعلا، وليس لمن أدرج الأسماء إلا اجتهاده في الاشتقاق من يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْالمعنى الذي ورد في قوله تعالى: بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُوراً مُبِيناً وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلا أَنْ[النساء:174]، وقوله: [يوسف:24] .رَأى بُرْهَانَ رَبِّهِ أما اسم الشديد والواقي وذو القوة، فلم يرد اسم الله الشديد في القرآن إلا مقيدا بالإضافة على كثرة المواضع التي ذكر فيها، وذلك كقول الله تعالى: غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ ذِي الطَّوْلِ [غافر:3]، وقد علمنا أنه من شروط الإحصاء أن يفيد الاسم المدح والثناءِ بنفسه، أما المقيد فلا بد أن يذكر بما قيد به، ولو أطلق للزم من أطلقه أن يسمي الله القابل والغافر وغير ذلك من الأسماء المقيدة، وأما التسمية بالواقي فلم يرد في القرآن أو السنة اسما، ومن أدرجه في الحديث استند إلى وَمَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِالاشتقاق من المعنى الذي ورد في قوله تعالى: : [الرعد:34]، أو الاشتقاق من الفعل في قول الله مِنْ وَاقٍ ِ فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً [الإنسان:11]، فأخذ الواقي من قوله فوقاهم، ويلزم بالضرورةوَسُرُورا ِ اللاقي أو الملاقي لقوله ولقاهم، لكن دورنا تجاه الأسماء الإحصاء وليس الإنشاء . وأما ذو القوة فالقوة صفة لا تقوم نفسها ولا بد من قيامها بموصوفها، وذو من الأسماء الخمسة وليست من الأسماء الحسنى كما أن الراوي ذكر القوي ضمن الأسماء المدرجة في الحديث، فأغلب الظن عندي والله أعلم أنه لما أورد الرزاق ثم من بعده المتين ذكر الوصف بين الاسمين ولم يحذفه لهيبة كلام إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُوالله عنده فرتبها كما ورد في قوله: [الذاريات:58] .الْقُوَّةِ الْمَتِينُ القائم والدائم والحافظ لا تتوافق مع ضوابط الإحصاء،وتسمية الله أَفَمَنْ هُوَفالقائم والدائم اسمان مقيدان، ورد القائم في قوله تعالى: [الرعد:33]، وكذلك الحافظ لمقَائِمٌ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ إِنْ كُلُّ نَفْسٍ: يرد مطلقا وإنما ورد مقيدا في نصوص كثيرة كقوله إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا [الطارق:4]، وقوله: لَمَّا عَلَيْهَا حَافِظ [الحجر:9]، وقد تقدم الحديث عنه (الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ )، أما الدائم فلم أجد له دليلا في الكتاب والسنة، وربما أدخله الراوي وَيَبْقَىاجتهادا منه في حمله على معنى البقاء الذي في قوله تعالى: [الرحمن:27]، ولكن هذا لاوَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإكْرَامِ يعد حجة في إثبات الاسم . وأما اسم الفاطر فلم يرد في القرآن أو السنة مطلقا، وإنما ورد مقيدا الْحَمْدُ لِلَّهِبالإضافة في ستة مواضع من القرآن منها قوله تعالى: فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلائِكَةِ رُسُلاً [فاطر:1]، ويلزم من أدرج الأسماء في الحديث تسمية الله بالجاعل لأنه ورد مع الفاطر في موضع واحد، وكذلك الكافي ورد مقيدا في قوله تعالى: [الزمر:36]، أما السامع فلم أجد لهأَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ قَدْ سَمِعَدليلا إلا الاشتقاق من الفعل سمع كما في قوله تعالى: اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ [المجادلة:1]، مع أن الاسم الصريح في الآية السميع وليس السامع، وتسمية الله بالأبد لا دليل عليها من كتاب أو سنة وأغلب الظن عندي أن من أدرج وَيَبْقَى وَجْهُالأسماء في الحديث حمل الأبد على معنى البقاء في قوله: [الرحمن:27]، أما اسمه العالم فلمرَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإكْرَامِ عَالِمُيرد في القرآن أو السنة إلا مقيدا بالإضافة كما ورد في قوله: [الرعد:9] .الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ
...يتبع/...
ABOUHAYDER
عدد الرسائل : 430 الموقع : مكان ما تاريخ التسجيل : 20/03/2008
موضوع: رد: أسماء الله الحسنى الثابتة في الكتاب والسنة لفضيلة الدكتور محمود عبد الرازق الرضواني الأحد 23 مارس - 16:15
**22**
وأما تسمية الله بالصادق فقد تقدم الحديث عنه عند ذكر الشروط وأنه ورد مقيدا في مقابل تكذيب اليهود وافترائهم وادعاءاتهم الباطلة كما قال تعالى: ذَلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِبَغْيِهِمْ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ [الأنعام:146] ( )، كما أن الاسم عند التجرد والإطلاق منقسم المعنى؛ فالصدق يستعمل في الحق والخير أو الشر والباطل كما في قوله تعالى عن قوم وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُسبأ: [سـبأ:20]، ولذلك فإن الذي ثبت هوإِلَّا فَرِيقاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَأَتَيْنَاكَ بِالْحَقِّاسم الله المؤمن، وأما قول الله تعالى: [الحجر:64]، فلا دليل فيه لأن هذا من كلاموَإِنَّا لَصَادِقُونَ ، وأما اسم المنير فهو اجتهاد ممنالملائكة الذين أرسلوا إلى قوم لوط أدرج الأسماء في حديث ابن ماجة، ولم يرد اسما في القرآن أو السنة، ولعله اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ اشتق ذلك من قوله تعالى: [النور:35]، أو لأن الله أنزل على نبيه كتابا منيرا، أو جعل القمر في تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِيالسماء منيرا كما جاء في قوله تعالى: السَّمَاءِ بُرُوجاً وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجاً وَقَمَراً مُنِيراً [الفرقان:61] . وكذلك التام لم يرد في القرآن أو صحيح السنة، وربما اشتقه من أدرجه من معنى الغني بالنفس الذي دل عليه اسمه الغني، أو المعنى الوارد في قوله وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ تعالى: ثُمَّ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ تَمَاماً عَلَى[الصف:8]، أو قوله: [الأنعام:154]، وهذه كلهاالَّذِي أَحْسَنَ وَتَفْصِيلاً لِكُلِّ شَيْءٍ لا تعد حجة في إثبات الاسم، وأما القديم فلم يرد اسما ولا وصفا، وأغلب الظن أن الراوي اجتهد وأخذه من المعنى الذي ورد عند أبي داود وصححه كان إذا دخل أن النبي الألباني من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص المسجد قال: ( أَعُوذُ بِاللهِ الْعَظِيمِ وَبِوَجْهِهِ الْكَرِيمِ وَسُلْطَانِهِ الْقَدِيمِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ ) ( ) . ثالثا: رواية الحاكم في المستدرك . روى الحاكم النيسابوري بسنده عن عبد العزيز بن حصين بن الترجمان قال: عنحدثنا أيوب السختياني وهشام بن حسان عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة قال: إن لله تسعة وتسعين أسما من أحصاها دخل الجنة، الله الرحمنالنبي الرحيم الإله الرب الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر الخالق الباريء المصور الحليم العليم السميع البصير الحي القيوم الواسع اللطيف الخبير الحنان المنان البديع الودود الغفور الشكور المجيد المبديء المعيد النور الأول الآخر الظاهر الباطن الغفار الوهاب القادر الأحد الصمد الكافي الباقي الوكيل المجيد المغيث الدائم المتعال ذو الجلال والإكرام المولى النصير الحق المبين الباعث المجيب المحيي المميت الجميل الصادق الحفيظ الكبير القريب الرقيب الفتاح التواب القديم الوتر الفاطر الرزاق العلام العلي العظيم الغني المليك المقتدر الأكرم الرءوف المدبر المالك القدير الهادي الشاكر الرفيع الشهيد الواحد ذو الطول ذو المعارج ذو الفضل الخلاق الكفيل الجليل الكريم، قال الحاكم: هذا حديث محفوظ من حديث أيوب وهشام عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة مختصرا دون ذكر الأسامي الزائدة فيها ( ) . عدد الأسماء في هذا الحديث أربعة وتسعون اسما مع لفظ الجلالة ودون اعتبار التكرار الوارد في اسم الله المجيد، وقد سقط من النص أربعة أسماء أوردها البيهقي في الاعتقاد، وهي على ترتيب ورودها عنده: البادي العفو الحميد المحيط ( ) . أما الأسماء الحسنى التي ثبتت بنص الكتاب والسنة في هذا الحديث فعددها سبعون اسما مع إضافة الأسماء التي لم تذكر في الحديث وبغير لفظ الجلالة، وهي على ترتيب ورودها: الرحمن الرحيم الإله الرب الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر الخالق الباريء المصور الحليم العليم السميع البصير الحي القيوم الواسع اللطيف الخبير المنان الودود الغفور الشكور المجيد الأول الآخر الظاهر الباطن الغفار الوهاب القادر الأحد الصمد الوكيل المتعال المولى النصير الحق المبين المجيب الجميل الحفيظ الكبير القريب الرقيب الفتاح التواب الوتر الرزاق العلي العظيم الغني المليك المقتدر الأكرم الرءوف المالك القدير الشاكر الشهيد الواحد الخلاق الكريم العفو الحميد . وأما الأسماء التي لم تثبت أو توافق شروط الإحصاء فعددها سبعة وعشرون اسما وبيانها كالتالي: الحنان البديع المبديء المعيد النور الكافي الباقي المغيث الدائم ذو الجلال والإكرام الباعث المحيي المميت الصادق القديم الفاطر العلام المدبر الهادي الرفيع ذو الطول ذو المعارج ذو الفضل الكفيل الجليل البادي المحيط . تفصيل العلة في عدم ثبوتها أو إحصائها . تقدم الحديث عن تفصيل العلة في عدم إحصاء معظم تلك الأسماء وبينا السبب في ذلك والذي تقدم ذكره منها ستة عشر اسما، وهي على ترتيب ورودها البديع المبديء المعيد النور الكافي الباقي الدائم ذو الجلال والإكرام الباعث المحيي المميت الصادق القديم الفاطر الهادي الجليل، أما بقية الأسماء فعددها أحد عشر اسما، وهي على ترتيب ورودها في الحديث: الحنان المغيث العلام المدبر الرفيع ذو الطول ذو المعارج ذو الفضل الكفيل البادي المحيط، وأما العلة في عدم ثبوتها، فأولها اسم الحنان حيث لم يثبت في القرآن أو صحيح السنة، وإنما ورد في حديث ضعيف كما قال الخطابي: ( ومما يدعو به الحنان ) ( ) .الناس خاصهم وعامهم وإن لم تثبت به الرواية عن رسول الله وقال الشيخ علوي السقاف: ( والخلاصة أنَّ عد بعضهم الحنان من أسماء الله تعالى فيه نظر لعدم ثبوته ) ( ) ، وقد ورد في المسند بسند ضعيف عن أَنس في الْحَلْقَةِ وَرَجُلٌأنه قال: ( كُنْتُ جَالِساً مَعَ رَسُولِ اللهِ قَائِمٌ يُصَلِّى، فَلَمَّا رَكَعَ وَسَجَدَ جَلَسَ وَتَشَهَّدَ ثُمَّ دَعَا فَقَالَ: اللهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِأَنَّ لَكَ الْحَمْدَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ الْحَنَّانُ بَدِيعَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ ذَا الْجَلاَلِ وَالإِكْرَامِ يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ إِنِّي أَسْأَلُكَ ) ( )، وفي لفظ عند ابن حبان: ( الْحَنَّانُ الْمَنَّانُ ) ( )، وزيادة الحنان في الروايات شاذة . أما تسمية الله بالمغيث فلم يرد في القرآن اسما، وأغلب الظن أن من أدرجه قال: (في الحديث اشتقه باجتهاده من مما ورد عند البخاري من حديث أَنس قَائِمٌدَخَلَ رَجُل الْمَسْجِدَ يَوْمَ جُمُعَةٍ وَرَسُولُ اللهِ قَائِمًا ثُمَّ قَالَ: يَايَخْطُبُ، فَاسْتَقْبَلَ رَسُولَ اللهِ رَسُولَ اللهِ هَلَكَتِ الأَمْوَالُ وَانْقَطَعَتِ السُّبُلُ، فَادْعُ يَدَيْهِ ثُمَّ قَالَ:اللهَ يُغِيثُنَا فَرَفَعَ رَسُولُ اللهِ اللهُمَّ أَغِثْنَا اللهُمَّ أَغِثْنَا، اللهُمَّ أَغِثْنَا ) ( ) .
...يتبع/...
ABOUHAYDER
عدد الرسائل : 430 الموقع : مكان ما تاريخ التسجيل : 20/03/2008
موضوع: رد: أسماء الله الحسنى الثابتة في الكتاب والسنة لفضيلة الدكتور محمود عبد الرازق الرضواني الأحد 23 مارس - 16:17
**23**
والعلام اسم لم يرد في القرآن والسنة على سبيل الإطلاق وإنما ورد مقيدا قُلْ إِنَّ رَبِّيبالإضافة في أربعة مواضع من القرآن كقول الله تعالى: [سبأ:48]، وأما المدبر فلم يثبتيَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلامُ الْغُيُوبِ ِ في القرآن والسنة اسما، وإنما ورد فعلا في أربعة مواضع من القرآن كقوله يُدَبِّرُ الأَمْرَ يُفَصِّلُ الآياتِ لَعَلَّكُمْ بِلِقَاءِتعالى: [الرعد:2]، وهذا لا يكفي لإثبات الاسم لأن دورنارَبِّكُمْ تُوقِنُونَ تجاه الأسماء الحسنى الإحصاء وليس الاشتقاق والإنشاء، والذي أدرج المدبر اشتقاقا من الآية السابقة يلزمه قياسا أن يدرج المفصل لأنه الفعلين وردا معا . وكذلك اسم الرفيع لم يرد في القرآن إلا مقيدا وفي موضع واحد وهو قوله: [غافر:15]، ومن شروط الإحصاء أنرَفِيعُ الدَّرَجَاتِ ذُو الْعَرْشِ ِ يفيد الاسم المدح والثناء بنفسه فلا بد أن يكون مطلقا، أما ذو الطول وذو المعارج وذو الفضل فالأمر فيه كما تقدم عند الحديث عن ذي القوة، فهذه كلها أوصاف، وذو من الأسماء الخمسة وليست من الأسماء الحسنى . وأما تسمية بالكفيل فهو اسم لم يرد في القرآن إلا مقيدا وفي موضع واحد كما وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلاقال تعالى: تَنْقُضُوا الأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ [النحل:91]، والإطلاق شرط في الجمع والإحصاء، أما تسمية الله بالبادي فلم أجد دليلا عليه في القرآن أو ما ثبت في السنة وربما اشتقه من أدرج الأسماء وَبَدَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوامن قول الله تعالى: إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ [الزمر:47]، أو من قوله: يَحْتَسِبُون َ [البروج:13]، كما تقدم في المبديء، وأما المحيط فقد تقدوَيُعِيدُ الحديث أنه لم يرد مطلقا، وإنما ورد مقيدا بالباء في آيات كثيرة كقوله [البقرة:19] . وَاللَّهُ مُحِيطٌ بِالْكَافِرِينَ تعالى: هذه أغلب الأسماء التي اشتهرت على ألسنة العامة والخاصة منذ أكثر من ألف عام استندوا فيها إلى الروايات السابقة التي أدرجت فيها الأسماء عند الإمام الترمذي وابن ماجة والحاكم، وإن كانت رواية الترمذي هي الأكثر شهرة وانتشارا في العالم الإسلامي وقد بينت ما ثبت منها وما لم يثبت مع ذكر العلة في ذلك . وإذا كانت التقنية الحديثة وظهور الموسوعات الإلكترونية التي استخدمتها في استقصاء نصوص القرآن والسنة لم تظهر إلا في هذا العصر فإن السابقين الذين اجتهدوا في استخراج الأسماء الحسنى حتى وصل إحصاء بعضهم إلي خمسة وتسعين اسما ثابتا متوافقا مع شروط الإحصاء دون استخدام الكمبيوتر أو الكتاب الإلكتروني، هؤلاء هم أهل الفضل والسبق، وما قدموه يعد مرجعا أساسيا في إخراج هذا البحث، فاللهم اجزهم عنا خير الجزاء .
انتهــــــــــــــــــــــى
khalilghenimi
عدد الرسائل : 110 العمر : 36 تاريخ التسجيل : 14/08/2008
موضوع: رد: أسماء الله الحسنى الثابتة في الكتاب والسنة لفضيلة الدكتور محمود عبد الرازق الرضواني الخميس 21 أغسطس - 18:08
[img][/img]
khalilghenimi
عدد الرسائل : 110 العمر : 36 تاريخ التسجيل : 14/08/2008
موضوع: رد: أسماء الله الحسنى الثابتة في الكتاب والسنة لفضيلة الدكتور محمود عبد الرازق الرضواني الخميس 21 أغسطس - 18:08
[img][/img]
أسماء الله الحسنى الثابتة في الكتاب والسنة لفضيلة الدكتور محمود عبد الرازق الرضواني