مواقف مجرمة وأخرى مشبوهة
كان التفاعل الشعبي المسلم مع قضية الصور المسيئة لرسول الله صلى الله عليه وسلم في غاية الروعة، حيث انطلقت الأمة على كافة الأصعدة تندد بتلك الجريمة، وتطالب بمحاكمة المسئولين، غير أن هذه الجريمة أظهرت كذلك حقيقة الموقف الأوروبي الغربي من الإسلام والمسلمين، كما أنها كشفت عن مواقف مشبوهة لعدد من المسلمين
الموقف الأوروبي:
مع اشتعال الأزمة في أرجاء العالم الإسلامي، تميز الموقف الغربي بمساندته للدانمارك بشكل كامل، إلا إنه في الوقت ذاته حاول خداع العالم المسلم، حيث توجه خافير سولانا مفوض السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي إلى المنطقة ينشر فيها كلمات دبلوماسية منمقة حول الجريمة غير المسبوقة التي أساء فيها الغرب إلى النبي صلى الله عليه وسلم، في حين كان الموقف الرسمي الغربي يعلن في ذات التوقيت بعدة أشكال مختلفة:
1- أعلن الاتحاد الأوربي على لسان رئيس المفوضية الأوروبية دعمه للدانمارك ومشاركته لها أمام ما أسماه بالانتقادات الحادة, و كرر بصيغة غاضبة قوله : إن حرية الرأي قيمة أصيلة في أوربا ويجب على الأديان أن تتكيف معها، وإن علينا أن نقول لهؤلاء الذين لا يوافقون على الرسومات أن حرية الرأي لا يمكن المساومة عليها'.
2- صرّح نائب رئيس المفوضية الأوروبية ومفوض شئون الحريات العامة والأمن والعدل 'فرانكو فراتيني' بأنه ' لا يمكن تقييد ممارسة حرية التعبير '، وبأنه يستنكر الحملة الشديدة ضد الدانمارك، وبأن الذين يحرقون علم الدانمارك كأنهم يحرقون علم بلاده.
3- رفضت الحكومة الدانماركية على لسان رئيس وزرائها تحمل أية مسؤولية عن نشر تلك الرسومات، ورفضت الضغوط التي طالبتها بالاعتذار , وقال أحد وزرائها : ربما نرسل ممثلين عن الصحيفة للشرق الأوسط لتوضيح الموقف.
4- أعلن أحد الوزراء الإيطاليين عن طباعته لآلاف القمصان التي رُسم عليها تلك الرسوم وابتدائه في توزيعها بالمجان.
5- قال رئيس الوفد المسيحي الأوربي الأسقف البروتستانتي ' كارستن نيسن ' الذي زار القاهرة والتقي شيخ الأزهر :إننا لن نقدم اعتذارًا باسم الحكومة الدانماركية أو باسم الصحيفة , هذا ليس هدف زيارتنا. نحن سننقل فقط تصريحات رئيس الوزراء الدانماركي التي ينأى فيها بنفسه عن الرسوم الكاريكاتورية '.
6- قال رئيس الوزراء الدانماركي محذرًا المسلمين في بلاده إنه بعدما تنتهي الأزمة سوف يفتح السجلات، وسيحاكم كل من استغل الأزمة للتشنيع ببلاده.
المواقف المشبوهة:
أما المواقف المشبوهة، فقد تمثل أخطرها في دعوة عدد من الدعاة إلى إجراء حوار مع الدانمارك بدعوى أنهم لم يقدموا على جريمتهم إلا إنهم لا يعرفوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبلغت ذروة هذا الموقف المشبوه الدعوة إلى عقد مؤتمرًا عن قضية الصور المسيئة في الدانمارك يومي 9و10 مارس، وهي الدعوة التي رفضها جل علماء المسلمين ورحبت الحكومة الدانماركية بها بحفاوة ولم لا وهي تلقي للحكومة الدانماركية حبل النجاة من الغضب الإسلامي المحتد، وتزداد الشكوك بحقيقة هذا المؤتمر عندما نرى القائمين عليه يتجاهلون دعوة أيًا من قادة الجالية المسلمة بالدانماركية للمشاركة.
إن الدعوة إلى الحوار في ظل الرفض الدانماركي الاستجابة لأبسط مطالب المسلمين، وهو الاعتذار عن تلك الجريمة، لهو أمر مشبوه وغير مقبول ولا يبرره أي سبب، إن إسلام الإنسان لا يتحقق إلا إذا نطق بالشهادتين "أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله"، والمسلم في هذه الحياة مطالب بتحقيق الشهادتين ومقتضياتهما، فلا يصح ولا يجوز أن تصبح حقوق النبي صلى الله عليه وسلم خاضعة للمصالح الوقتية والأعمال الفردية.