سورة الفاتحة
يجب أن ننتبه لها، وأن نعلم أن هذه السورة ليست مجرد عبارات نكررها حتى
تعود كأنها ألفاظ روتينية عادية، وإنما لا بد أن نعي ونتدبر معاني هذه
السورة العظيمة.الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ [الفاتحة] (هذا إثبات لتوحيد الربوبية)، الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * مَالِكِ يَوْمِ الدِّين [الفاتحة، 4] إثبات لتوحيد الأسماء والصفات وقوله: إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ [الفاتحة] توحيد الألوهية وقوله: اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ [الفاتحة] هذا توحيد من النوع الآخر وهو توحيد متابعة الرَّسُول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.فالصراط
المستقيم هو الذي أوصى به الله عَزَّ وَجَلَّ، وهو الوصية العاشرة من
الوصايا العشر التي لا يدخلها التغيير ولا يدخلها النسخ مهما تغيرت
الشرائع َأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ [الأنعام] فلما فسرها النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {خط خطاً واحداً مستقيماً وخط خطوطاً معوجة فقرأ هذه الآية }.والخط المستقيم هو: الصراط المستقيم الذي نسأل الله عَزَّ وَجَلَّ وندعوه أن يهدينا إليه في كل ركعة، اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ
وهو السنة الصحيحة التي كَانَ عليها النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ، ومهما اختلفت الأقوال في تفسيره فقيل: القُرْآن أو الإسلام أو
السنة أو طريق أبِي بَكْرٍ وعُمَر فمعناها واحد، وهو من اختلاف التنوع لا من اختلاف التضاد، فهذا توحيد متابعة الرَّسُول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وترك البدع.وقوله تعالى: (غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّين )[الفاتحة] أي: غير من غلى ومن جفا ومن فرط ومن أفرط وهكذا فاليهود والنَّصَارَى هم قمة في الاتجاهين..وإن قلنا إن التوحيد نوعان: فتكون بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ هذا توحيد المعرفة والإثبات، وِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ
إِلَى آخرها توحيد الإرادة والطلب؛ لأن الإرادة والطلب لا تكون إلا بعبادة
الله وحده، والاستعانة بالله وحده، واتباع طريق النبي صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وحده الذي هو الصراط المستقيم، فتكون السورة نصفين
عَلَى هذا الأساس أي: توحيد المعرفة والإثبات، وتوحيد الطلب والإرادة
والقصد.
منقول من مقتطفات محاضرة للشيخ سفر الحوالي.
[/url]